تشهد محاكم في الولايات المتحدة دعاوى قضائية ضد بعض شركات التواصل الاجتماعي، بحجة تورطها في تشجيع مراهقين على الانتحار، بينما طالب ناشطون بتعديل بعض القوانين التي تعفي شركات التواصل الاجتماعي من المسؤولية عما ينشر فيها بواسطة المستخدمين.
وانضمت سيدة تدعى جيني دي سيريو، إلى دعوى قضائية مرفوعة، من سبعة آباء، ضد عدد من شركات التواصل الاجتماعي، بسبب ما يقولون إنها عيوب في تلك المنصات أدت إلى وفاة أطفالهم، وفقا لشبكة “إن بي سي نيوز” الأميركية.
وحركت سيريو دعوى قضائية في مواجهة “تيك توك” بعدما أنهى ابنها ماسون إيدينز، حياته.
وقالت إنها قامت بفحص هاتف ابنها البالغ من العمر 16 عاما، بعد وفاته، فوجدت أنه كان معجبا بعشرات من مقاطع الفيديو المصورة حول الانفصال والاكتئاب والانتحار في تيك توك.
وأضافت ” أنا على يقين، أن ماسون كان سيكون على قيد الحياة لو لم يشاهد مقاطع فيديو تيك توك عن الانتحار”.
ووافق مجلس النواب على مشروع قانون، السبت، بأغلبية 360 صوتا مقابل 58 ينص على منع التطبيق إذا لم تبع الشركة الصينية في حصتها في الشركة. وأُحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ حيث قد يُطرح للتصويت خلال الأيام المقبلة. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في وقت سابق إنه سيوقع عليه ليصبح قانونا.
الدول التي حظرت تيك توك
وافق مجلس النواب الأميركي الأربعاء بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يجبر تيك توك على الانفصال عن الشركة الأم تحت طائلة حظره على مستوى البلاد.
وتزعم الدعوى القضائية أن تيك توك استهدف ماسون بمقاطع فيديو تروج للانتحار وإيذاء النفس، من خلال خوارزمية تقدم للمستخدمين مقاطع فيديو من المفترض أن تتوافق مع اهتماماتهم، وفق الشبكة.
ويأمل ناشطون أن تكون الدعوى وسيلة للناس للحصول على العدالة عن الأضرار التي يُزعم أن وسائل التواصل الاجتماعي تسببها.
وفي أربع دعاوى قضائية أخرى على الأقل، مرفوعة ضد تيك توك وشركات تواصل اجتماعي أخرى، قال الآباء إن محتوى تيك توك ساهم في وفاة أطفالهم بالانتحار.
وخلال هذا الشهر، جرى رفع دعوى قضائية في مواجهة تيك توك وميتا وغوغل وسناب، بتهمة أن “التصميمات الخطيرة والإدمانية” لمنصات التواصل الاجتماعي، أدت إلى ارتفاع معدلات الانتحار بين الأميركيين الأصليين.
وردت غوغل بأن تلك المزاعم “غير صحيحة”، بينما قالت سناب إنها تواصل العمل على توفير الموارد المتعلقة بالصحة العقلية للمراهقين.
وقال متحدث باسم تيك توك إن الشركة لا يمكنها التعليق على الدعاوى القضائية لكونها تحت نظر القضاء، لكنه قال إن “تيك توك تواصل اتخاذ خطوات رائدة في الصناعة لتوفير تجربة آمنة وإيجابية للمراهقين”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن حسابات المراهقين يتم تعيينها على الوضع الخاص افتراضيا، وأن المراهقين لديهم إمكانية إلغاء الاشتراك لمدة 60 دقيقة أمام الشاشة قبل أن يُطلب منهم إدخال رمز المرور.
وتقول إدارة بايدن وكثير من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي إن تيك توك يشكل خطرا على الأمن القومي لأن الصين يمكن أن تجبر الشركة على مشاركة بيانات مستخدميها الأميركيين البالغ عددهم 170 مليونا.
“الخلطة السحرية”.. لماذا تريد الولايات المتحدة حظر تيك توك؟
في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، تفطن الأميركيون لما يمكن أن تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي، من تأثير على الاستحقاق بالتأثير على وجهات نظر الناخبين
وبحسب شبكة “أن بي سي نيوز”، فإن لدى تيك توك سياسات ضد المحتوى الذي يروج للانتحار أو الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى إيذاء النفس، ولكن في ظل مليارات من مقاطع الفيديو، لا يزال بعض المحتوى الذي يمجد الانتحار يفلت من الرقابة.
وقالت سيريو إن ابنها ماسون أصبح مدمنا على تيك توك لدرجة أنه كان يجد صعوبة في النوم أحيانا، مما أدى شعوره القلق.
وأظهر ماسون اعجابا بمقطع فيديو يظهر فيه مقطع صوتي يقول: “أريد أن أضع بندقية على فمي وأفجر عقلي”، إذ جاء المقطع مصحوبا بنص عن الاكتئاب، بينما وصف مقطع فيديو آخر خطة للموت بالانتحار، وفق الشبكة.
وعلى الرغم من أن مقاطع الفيديو تشير بوضوح إلى الانتحار، لكن يبدو أن نظام الإشراف الآلي في تيك توك فشل في اكتشاف العديد منها، وفق الشبكة.
وجرى تصميم نظام الإشراف التلقائي لالتقاط أنواع مختلفة من الإشارات التي قد تشير إلى انتهاكات، بما في ذلك الكلمات الرئيسية والصور والعناوين والأوصاف والصوت في الفيديو.
ورفض تيك توك التعليق على كيفية أو سبب إفلات مقاطع الفيديو التي أعجب بها ماسون من نظام الإشراف والرقابة الخاص بالشركة.
كان ماسون نشر على تيك توك في يوم وفاته، محتوى يتعلق بمغنى راب يدعى ليل لويد، مات منتحرا، ويصنفه كثيرون من مستخدمي تيك توك كرمز للموت بالانتحار، بحسب شبكة “أن بي سي نيوز”.
وبرأي الشبكة، يتم تحصين شركات التواصل الاجتماعي من المسؤولية القانونية عن معظم المحتوى الموجود على منصاتها بموجب قانون آداب الاتصالات لعام 1996 والذي ينص على أنه لا يمكن معاملة المنصات كناشرين للمحتوى المنشور من قبل أطراف ثالثة.
وطالب ناشطون ومدافعون حقوقيون بضرورة إيجاد استراتيجيات قانونية جديدة لمحاسبة شركات التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي، عما يقولون إنها أضرار تلحق بالمستخدمين، وخاصة المراهقين جراء تلك المنصات.
في نوفمبر الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا بحثيا وجد أن حسابات المراهقين على تيك توك التي أعربت عن اهتمامها بالصحة العقلية، تلقت مزيدا من الترشيحات عن مقاطع فيديو مشابهة.
وذكرت المنظمة الأممية أن العديد من مقاطع الفيديو التي جرى ترشيحها لتلك الحسابات “تضفي طابعا رومانسيا على الانتحار أو تطبعه أو تشجع عليه”.
وانتقدت شركة تيك توك بحث منظمة العفو الدولية، قائلة في بيان، إن تصنيفاتها لمقاطع الفيديو المتعلقة بالصحة العقلية كانت فضفاضة للغاية.