أصبح تأمين المياه تحديا كبيرا لأهالي قطاع غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، حيث يضطر الناس إلى “شرب المياه الملوثة”، وفقا لوكالات الأمم المتحدة، التي أبلغت عن حالات انتشار العديد من الأمراض بسبب ذلك.
وأوضحت هناء أبو عودة لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أنها “و40 شخصا تتقاسم معهم منزلًا في رفح”، بالطرف الجنوبي من قطاع غزة، “لم يتمكنوا من الاستحمام منذ أكثر من أسبوع”.
ولفتت إلى أنهم “أصبحوا جميعا محشورين في منزل واحد”، بعد أن اضطر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الفرار إلى جنوبي القطاع بسبب القصف، والأوامر الإسرائيلية بمغادرة المنطقة المكتظة بالسكان، شمالي القطاع المحاصر.
وتابعت: “ما نحصل عليه من مياه لا يكاد يكفي للشرب.. ونحن نعطي الأولوية للأطفال ونمسح أجسادنا بقطعة قماش مبللة“.
وتابعت أبو عودة: “لا يزال الجو حاراً جداً هنا، وهذا يسبب لنا مشاكل جلدية”، علما أن الحرارة وصلت إلى أكثر من 31 درجة مئوية، الأحد.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين (الأونروا)، جولييت توما، إن “الناس في جميع أنحاء غزة إما لا يحصلون على مياه على الإطلاق، أو أن بعضهم لديه إمدادات محدودة”.
ونبهت إلى أنه “حتى في ملاجئ الأونروا، فإن مياه الشرب أصبحت نادرة”.
وفرضت إسرائيل حصارا على غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء والمياه والوقود، منذ أن قتلت حماس، التي تسيطر على القطاع، أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، في هجومها في 7 أكتوبر، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وردا على ذلك، تشن إسرائيل غارات متواصلة على القطاع الفلسطيني المحاصر، مما أدى إلى مقتل 4741 فلسطينيا، وإصابة 15898 آخرين، أغلبهم من المدنيين.
بالطوابير.. إقبال “غير مسبوق” للإسرائيليين على شراء الأسلحة بعد هجوم حماس
ارتفعت مبيعات الأسلحة النارية بين اليهود الإسرائيليين منذ 7 أكتوبر، وذلك بعد أن أُجبر المدنيون على قتال مسلحي حركة حماس الفلسطينية أثناء انتظار رد الجيش على الهجمات عبر الحدود، والتي أودت بحياة 1400 إسرائيلي، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وربطت إسرائيل بين الحصار واختطاف أكثر من 200 رهينة لدى حماس في غزة. وتم إطلاق سراح اثنين منهم هذا الأسبوع.
وكان وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد ذكر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 12 أكتوبر، أنه “لن يجري تشغيل أي مفتاح كهربائي، ولن يتم فتح صنبور مياه، ولن تدخل شاحنة وقود حتى تتم إعادة الرهائن إلى ديارهم”.
ويتلقى القطاع عادة المياه العذبة من مزيج من الآبار وخط أنابيب من إسرائيل ومحطات تحلية المياه على البحر المتوسط، لكن وكالات الإغاثة تقول إن “نقص الوقود والكهرباء أوقف عمل محطات التحلية ومرافق ضخ المياه”.
ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة، إن إسرائيل “تسمح فقط بإمدادات محدودة وغير كافية من المياه عبر خط الأنابيب الممتد إلى جنوبي غزة، لمدة 3 ساعات يوميا”.
وحذرت وكالة الأونروا من أن “الأسوأ قادم”، قائلة، الأحد: “خلال 3 أيام، سينفد الوقود الضروري لاستجابتنا الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة”.
وأضافت في بيان: “دون الوقود، لن يكون هناك ماء، ولن تكون هناك مستشفيات ومخابز”.
وتضاعف سعر المياه منذ بدء الحصار، وذلك رغم دخول حوالي 20 شاحنة محملة بإمدادات الطوارئ إلى غزة، السبت، من مصر بعد مفاوضات مطولة، و17 شاحنة أخرى الأحد، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت تحمل مياهًا.
تضامنت مع غزة.. انتقاد إسرائيلي لناشطة المناخ غريتا ثونبرغ
دخلت ناشطة المناخ السويدية، غريتا ثونبرغ، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، في سجال حاد عبر حسابيهما على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، حول الحرب في غزة.
طوابير طويلة
ووصفت الأمم المتحدة الإمدادات بأنها “قطرة” في بحر الاحتياجات الطارئة لسكان القطاع، لافتة إلى أن تلك المساعدات “لا تمثل سوى 4 في المائة من المتوسط اليومي قبل السابع من أكتوبر”، عندما شنت حماس، المصنفة إرهابية، هجماتها.
وفي خان يونس، جنوبي قطاع غزة أيضًا، وقف محمد النجار (45 عامًا) في طابور طويل أمام نقطة توزيع المياه. وكان قد أحضر عربة يجرها حمار تحمل خزاناً سعة 500 لتر، على أمل أن يتمكن من ملئه بالماء.
وأضاف: “لا يوجد ماء أو كهرباء.. وحتى عندما نحصل على بعض المياه المنقولة عبر الأنابيب من البلدية، لا توجد طاقة لتشغيل المضخات لرفعها إلى الخزانات الموجودة على السطح”.
وأضاف أن “30 نازحاً أتوا إلى منزله”، موضحا: “في بعض الأحيان يستغرق الأمر ساعات للحصول على الماء. نستخدمه للشرب والطبخ وغسل الأيدي فقط“.
وقال سكان بالقطاع، إن “أسعار الوقود المستخدم في تشغيل المولدات الخاصة للتعويض عن انقطاع التيار الكهربائي، ارتفعت 3 أضعاف”، موضحين أنهم “يعتمدون على العربات التي تجرها الحمير لجلب المياه والقيام بمهمات أخرى، حيث لم يبق لديهم سوى القليل من البنزين”.
وفي طابور لتعبئة المياه، كان محمد الشنطي، 39 عاما، الذي نزح مع أسرته المكونة من 9 أفراد من مدينة غزة، يحمل حاويتين سعة كل منهما 20 لترا، كان يعتزم أخذهما إلى مدرسة تابعة للأونروا، التي باتت ملاذا لعائلته.
وقال: “تقدم لنا الأونروا في بعض الأحيان زجاجة مياه معدنية سعة نصف لتر للشخص الواحد.. فهل تتوقعون أن يكون ذلك كافيا؟”.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، حيث لجأت العائلات النازحة، قامت أم محمد أبو جراد (44 عاماً)، بغسل الملابس في وعاء بلاستيكي باستخدام كمية صغيرة من الماء، قائلة: “أرسلت ابني لشراء غالون من الماء لغسيل الملابس، فلم يعد لدينا ثياب نظيفة”.
وأشارت إلى أحد أولادها، وهو يلعب مع أطفال آخرين، وقالت إنه “أصيب بطفح وظل يخدش جلده إلى أن نزف دما.. لذا اضطرت إلى شراء الدواء له”.
وختمت توما الحديث بقولها: “الماء هو الحياة.. والمياه تنفد من غزة”.