في “ثالث أكبر ديمقراطية بالعالم”.. الملايين يصوتون لاختيار رئيس جديد

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد من الزمن، يستقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، في القاهرة، في زيارة هامة لترسيخ المصالحة بين لاعبين إقليميين رئيسيين في المنطقة.

وقبل الزيارة المقررة، الأربعاء، عملت أنقرة والقاهرة على تبادل إشارات للتقارب، بينها مصافحة السيسي لإردوغان بقطر في نوفمبر 2022، على هامش بطولة كأس العالم، وعرض أنقرة التوسط بين مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة، وتشديد السلطات التركية الخناق على أنصار الإخوان المسلمين بتركيا.

وأواخر العام الماضي، أعلنت مصر وتركيا إعادة تبادل السفراء، كخطوة في اتجاه تحسين العلاقات  وحل الخلافات التي تعددت وتطورت خلال السنوات القليلة الماضية.

آخر زيارة وبداية القطيعة

آخر زيارة أجراها إردوغان إلى مصر كانت في عام 2012، عندما كان رئيسا للوزراء. وكان حينها الإسلامي الراحل، محمد مرسي، حليف أنقرة، رئيسا لمصر.

وبعد الزيارة بعام، أطاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك بمرسي في 2013، ومنذ ذلك الحين اشتدت الخلافات بين البلدين، وكرر إردوغان أنه “لن يتحدث إطلاقا” مع “شخص مثله”، في إشارة إلى السيسي.

واحتج إردوغان علنا على الإطاحة بمرسي واتهم السيسي، بقيادة انقلاب ضد زعيم الإخوان المسلمين، وتصاعدت حدة الحرب الإعلامية بين البلدين وصولا إلى سحب السفراء، ما مثل بداية قطيعة دبلوماسية استمرت 10 سنوات، وفق تقرير من معهد الشرق الأوسط.

ومن عام 2013 إلى عام 2021، تفاقمت المشكلات بين البلدين بسبب أيديولوجيات ووجهات نظر متباينة للزعيمين حول قضايا إقليمية، وأبرزها المقاطعة الرباعية العربية لقطر.

وانضمت مصر إلى الإمارات والسعودية والبحرين في فرض مقاطعة وحصار على قطر  في 2017 بعد اتهام الدوحة بدعم الجماعات الإسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي اكتسب بعضها السلطة مباشرة بعد احتجاجات ما سمي بـ”الربيع العربي” عام 2011، وفق تقرير المعهد.

لكن تركيا إردوغان دعمت قطر خلال الأزمة، حيث زودت الدولة الخليجية بالغذاء وتعهدت بتقديم دعم عسكري، ما فاقم الخلاف المصري التركي في ملفات أخرى، أبرزها ليبيا.

ليبيا

أنقرة الداعم الكبير لجماعة الإخوان، والقاهرة التي تعتبرها منظمة “إرهابية”، تدعمان جهات متناحرة في ليبيا. فقد أرسلت تركيا مستشارين عسكريين وطائرات مسيرة لمحاربة  المشير، خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، والذي تدعمه مصر بشكل خاص.

وتصاعد التوتر بين البلدين في الملف الليبي عام 2020، ما هدد بمواجهة عسكرية كاملة بعد تدخل تركيا عسكريا في الحرب الأهلية في ليبيا، وهي خطوة أثارت رد فعل عنيف من الرئيس السيسي، الذي اعتبرها تهديدا صارخا للأمن القومي المصري.

وخلال زيارة إلى قاعدة عسكرية صحراوية بالقرب من الحدود الليبية في 22 يونيو 2020، أمر السيسي الجيش المصري بأن “يكون مستعدا لتنفيذ أي مهمة خارج البلاد” وهي رسالة واضحة إلى أنقرة، وفق تقرير من المركز “الأطلسي”.

الطاقة

وإضافة إلى التدخل العسكري التركي في ليبيا، غضبت مصر من مذكرة تفاهم تم توقيعها في 3 أكتوبر 2022 بين تركيا وحكومة الدبيبة في طرابلس (غرب) بشأن التعاون في مجال الهيدروكربونات، وفق تقرير من “نورديم مونتير”.

واعتبر وزير خارجية مصر أن مذكرة التفاهم الموقعة بين  حكومة الوفاق الوطني السابقة، ومقرها طرابلس، وتركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط “غير قانونية”.

وضاعفت مذكرة التفاهم التوتر بين أنقرة والقاهرة، كونها جاءت بعد ثلاث سنوات فقط على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية المثير للجدل في 2019، والذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها أيضا.

واعتبرت مصر، إلى جانب قبرص واليونان، أن اتفاق 2019 ينتهك حقوقها الاقتصادية، حيث أثار اكتشاف حقول غاز شاسعة في السنوات الماضية مطامع دول عدة في المنطقة.

وفي أغسطس 2020 ردت مصر واليونان على الخطوة باتفاق لترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

أنصار الإخوان المسلمين في تركيا

من جانب آخر، كان أنصار الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا وقنواتهم الإعلامية سببا لتأجيج شدة الخلاف بين البلدين، وكانت القاهرة ترغب في أن تضيق السلطات التركية الخناق على أعضاء الجماعة المنفيين وأنصارهم المقيمين في تركيا وتسلم الهاربين الذين تتهمهم القاهرة بارتكاب أعمال عنف ضد الدولة المصرية.

بالإضافة إلى ذلك، أرادت السلطات المصرية إغلاق القنوات الإعلامية التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها، والتي تنتقد بشدة السيسي.  

واتخذت أنقرة خطوات لإظهار جديتها بشأن التقارب مع مصر، وفي مارس 2021، حث مسؤولون أتراك قنوات المعارضة المعادية على تخفيف حدة انتقاداتها للرئيس المصري، وفق تقرير من المركز “الأطلسي”.

ولم يمض وقت طويل بعد ذلك، حتى أعلنت قناة “مكملين”، وهي قناة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تشتهر بانتقادها المستمر للسيسي، تعليق بثها من إسطنبول، قائلة إنها ستنقل مقرها الرئيسي “إلى مكان آخر”.

وتحسنت العلاقات بين الرجلين، مع تقارب مصالحهما الآن في العديد من النزاعات الإقليمية بما في ذلك السودان وقطاع غزة. كما عرضت أنقرة التوسط بين مصر وإثيوبيا في نزاع سد النهضة في 2021، قبل أن تبدأ نقطة البداية مع المصافحة في قطر.

دبلوماسية كرة القدم

كانت نقطة التحول الرئيسية هي المصافحة بين الرئيسين إردوغان والسيسي في نوفمبر 2022 في الدوحة، وذلك بفضل جهود قطر في إطار “دبلوماسية كرة القدم” خلال مونديال 2022.

وينقل تقرير معهد “الشرق الأوسط” أن الضغوط الاقتصادية للحرب في أوكرانيا والتأثير الناتج عنها على أسعار الطاقة والغذاء، والاتجاه المتزايد لخفض التصعيد الإقليمي والمصالحة، كانت عوامل ساعدت على الأرجح في تمهيد الطريق للتقارب بين إردوغان والسيسي.

وتحادثا أيضا غداة وقوع زلزال السادس من فبراير 2023، الذي خلف أكثر من 50 ألف قتيل في تركيا. وفي يوليو تمت إعادة تعيين سفراء من الجانبين.

وفي سبتمبر تحدث المسؤولان للمرة الأولى وجها لوجه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.

ورغم استمرار الأزمة السياسية لفترة طويلة، بقيت العلاقات التجارية جيدة، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة. ومطلع فبراير أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن بيع مصر مسيرات قتالية، في إشارة إلى إتمام المصالحة بين البلدين.

وأكد هاكان فيدان في مقابلة تلفزيونية أن “عملية التطبيع اكتملت بشكل كبير. العلاقات (بين البلدين) مهمة للأمن والتجارة في المنطقة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *