قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا اليوم الاثنين إن فرنسا ستفرض إجراءات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت كولونا -في مؤتمر صحفي في بيروت بعد زيارة استغرقت يومين لإسرائيل ورام الله ولبنان- “لن نقبل هذه التصرفات، فرنسا لن تنتظر أكثر من ذلك، طلبنا من السلطات الإسرائيلية وضع حد لذلك وستتخذ إجراءات وطنية ضد بعض المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين”، مضيفة “هذه الأرض فلسطينية وستكون جزءا من دولة فلسطينية”.
يأتي ذلك بعدما نددت كولونا -أمس الأحد خلال زيارتها قرية قرب رام الله- بالعنف الذي يرتكبه المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة والذي “يقوض احتمالات التوصل إلى حل سياسي”.
وقالت كولونا بعد مقابلة مزارعين فلسطينيين اعتدى عليهم مستوطنون في الأسابيع الأخيرة “هذه أعمال خطيرة تقوض احتمالات التوصل إلى حل سياسي وتضعف السلطة الفلسطينية، ويمكنها أن تدفع نحو تطورات جديدة وزعزعة استقرار الضفة الغربية”، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا يصب في مصلحة إسرائيل.
ويبحث الاتحاد الأوروبي احتمال فرض عقوبات على المستوطنين اليهود المشاركين في العنف. وخلال زيارته لإسرائيل اليوم الاثنين دعا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى وجوب “توقف هجمات المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين في الضفة الغربية”.
والشهر الماضي، لوّح الرئيس الأميركي جو بايدن بإمكانية حظر دخول “المستوطنين الإسرائيليين العنيفين” للولايات المتحدة، وذلك في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن هجمات المستوطنين اليومية تضاعفت منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقُتل أكثر من 200 فلسطيني في اعتداءات لقوات الاحتلال بالضفة الغربية هذا العام، بما في ذلك هجمات شنها مستوطنون.
تصاعد عنف المتطرفين
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة بأن إسرائيل مستعدة لمحاربة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي جاهزة لسيناريو تقلب فيه فوهات البنادق، وتوجهها نحو قوات السلطة، يأتي في سياق محاولة تبرير تغول المستوطنين على أهالي الضفة.
وحسب تقارير إعلامية، فإن 250 ألف طلب تقدم به إسرائيليون من أجل الحصول على رخص حمل السلاح بعد عملية طوفان الأقصى وفق أرقام لجنة الأمن الوطني، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل الآلاف من الإسرائيليين على سلاح لأول مرة.
وأطلق وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير حُمى السلاح في إسرائيل ودعا إلى توزيعه على الإسرائيليين، وبدأ هو بنفسه توزيع أسلحة على سكان مدينة عسقلان، كما أمر كذلك بتسهيل الحصول على تراخيص الأسلحة للمواطنين العاديين.
ووصفت صحيفة ليبراسيون الفرنسية في تقرير لها ما يجري في إسرائيل بـ “الاندفاع المقلق نحو اقتناء الأسلحة النارية”، الذي رأت أنه ليس مجرد استجابة للقلق الطبيعي، بل هو سياسة حكومية تدفعها العناصر الأكثر تطرفا في ائتلاف بنيامين نتنياهو، وخصوصا من وصفته بـ “وزير الحرائق إيتمار بن غفير”.
الالتزام بالقرار الأممي
وفي سياق آخر، زارت كولونا بيروت اليوم الاثنين للقاء مسؤولين لبنانيين وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، ولتبعث رسائل إلى جماعة حزب الله اللبناني.
وتأمل باريس في أن تتوسط مع شركائها في نوع من الترتيب لضمان التزام جميع الأطراف بأحكام قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في نهاية حرب عام 2006 بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلية. وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية “نحن بعيدون عن ذلك”.
ودعت كولونا، التي لم تلتق بمسؤولي جماعة حزب الله خلال زيارتها، الجانبين إلى الالتزام بالقرار والبدء في اتخاذ خطوات لضمان تنفيذه الكامل.
وقالت “لا ينفذه (القرار) أي من الجانبين. الجانبان قبلاه. نحتاج إلى الانخراط في شكل من أشكال خفض التصعيد. لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو دون خطر كبير بحدوث تصعيد”.
ونص القرار الأممي على عدم وجود أي فصائل مسلحة بين نهر الليطاني اللبناني والحدود، وحظر القرار جميع الأسلحة غير المصرح بها بين نهر الليطاني والحدود التي تراقبها الأمم المتحدة بين إسرائيل ولبنان.
وبموجب القرار، يتولى الجيش اللبناني مسؤولية الأمن على جانبه من الحدود في منطقة يحظر دخول أي قوة مسلحة أخرى فيها، بما في ذلك حزب الله.