ذكر تقرير نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية أن الهجوم المباغت الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد إسرائيل أربك المجتمع الدولي بأكمله ودمر إحدى الأساطير المرتبطة بإسرائيل في ساعات قليلة.
وقال الكاتب يفغيني كروتيكوف في مقاله إن “المجموعات العربية” عبرت حدود غزة وفككت الأسلاك الشائكة والحواجز المعدنية، مضيفا أن مقاتلي حماس نفذوا اختراقات من البحر عن طريق القوارب البخارية ومظلات الطيران الشراعي “الغريبة”.
وعلى بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع غزة، كان يتمركز جنود احتياط إسرائيليون في حوالي 12 نقطة محصنة وقواعد عسكرية. وكان موقع وترتيب هذه النقاط والقواعد المحصنة متروكا دون أمن خارجي ولا خدمة حراسة.
اقتحام سريع
وبحسب المقال، تعد نقاط الدفاع الإسرائيلية عبارة عن ثكنات تقع خلف سياج، مع برج مثبت عليه مدفع رشاش يتم التحكم فيه تلقائيا من الثكنات.
في المقابل، استطاعت مسيرة “كوادكوبتر” تجارية وبدائية الصنع من إسقاط قنبلة يدوية على البرج وقضت على وحدة الدفاع عن النقطة “المحصنة”.
بعد ذلك، دخل رجال كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحماس ومختلف فصائل المقاومة الثكنات وأطلقوا النار على الجنود الموجودين على طول حدود غزة.
وتابع أنه في المجموع، قطع الفلسطينيون التواصل بين نصف المواقع “المحصنة” في ساعة واحدة فقط. ولم تكن القواعد العسكرية الكبيرة تخضع للحراسة، ولم يتلق موظفوها تنبيهات بعد تسجيل تهديد من المستوى الأول.
في الحقيقة، لم يكن لدى أحد الوقت للإعلان عن هذا الإنذار بعد إصابة الحراس الخارجيين عقب تفجير قاذفات قنابل يدوية سوفيتية قديمة، وقتل الجنود في الثكنات. علاوة على ذلك، تم حرق دبابة واحدة أثناء توجهها إلى أحد الأماكن بواسطة قنبلة يدوية أسقطت أيضا من مسيرات.
وذكر الكاتب أن مجموعات من الفلسطينيين دخلت إلى مراكز المستوطنات الكبرى على الساحل وأحرقت مبنى الشرطة في عسقلان وتمركزت وسطها.
وفي الوقت نفسه، وُجهت آلاف من الصواريخ من قطاع غزة نحو إسرائيل دفعة واحدة، مما كشف عن أوجه قصور نظام القبة الحديدية، الذي قدم لسنوات عديدة على أنه الأكثر تقدما في العالم. وبدأت الصواريخ تتساقط إلى حدود حيفا، مما يعني أن جميع الأراضي المحتلة من الجنوب إلى الشمال كانت بلا دفاع.
ورغم “بدائية” هذه الصواريخ -على حد وصف الكاتب- فإن أي نظام دفاع جوي يصبح عديم الفائدة عند إطلاق الآلاف منها. كما أن 12 صاروخا للدفاع الجوي غير قادرة على إسقاط ألفي هدف في وقت واحد.
تدمير خط الدفاع
ونتيجة لذلك، دمّر الفلسطينيون ما يسمى بخط الدفاع ضد غزة بالكامل في ثلاث ساعات، وتحولوا إلى عمق الأراضي المحتلة. بعد ذلك، عادت بعض المجموعات العربية إلى غزة مع الأسرى، وبقيت أخرى في عدة مستوطنات في نقاط محددة مسبقًا مثل مراكز الشرطة المحلية والقواعد العسكرية.
وأورد الكاتب أن الطريقة التي نفذت بها العملية تكشف عن تحديد المقاتلين الفلسطينيين الأهداف مسبقا، واتباعهم طرقا متقدمة، وتنسيق المجموعات التحركات فيما بينها ومعرفة ترددات الاتصال وكلمات المرور الأمنية، مما يعني أن وضع الخطة واستطلاع المنطقة استغرق ستة أشهر على الأقل.
ويعتبر جهاز المخابرات (موساد) وجهاز الأمن العام الإسرائيليان أن تقييد حصول حماس على الأسلحة والمواد اللازمة لإنتاج الصواريخ أحد أهدافها الأولية، لذلك تنفذ الضربات الاستباقية على غزة بشكل أساسي على مواقع ومستودعات إنتاج الصواريخ.
وأشار الكاتب إلى مشاركة مئات الأشخاص في الإعداد للهجوم، بما في ذلك مشتري الأسلحة وقادة العربات الفردية، وهو أمر لم يكن الموساد وجهاز الأمن العام يعلمان شيئا بشأنه، مما يدل على فشل الاستخبارات الإسرائيلية.
موارد غير محدودة
وتمتلك قوات الاحتلال موارد مالية غير محدودة تخول لها اكتساب التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك نظام للمراقبة الخارجية في الخارج. وقد تجاوزت خسائر الاحتلال الموارد البشرية والعتاد، لأن هجوم حماس دمر أيضا أسطورة عمل قوات الأمن الإسرائيلية وقدرتها على العمل.
وحسب الكاتب، فإن قوات الأمن الإسرائيلية كانت تتغذى على أمجاد انتصارات الأجيال الماضية ويتجلى ذلك في عدم فاعلية الاستخبارات والاستخبارات المضادة، وتغافل الجيش الإسرائيلي عن التغييرات في التكتيكات القتالية التي تحدث في الصراعات الحالية في الوقت الراهن.
في الأثناء، لم يقدم جيش الدفاع الإسرائيلي إجابة واضحة حول كيفية تدبير الهجوم واكتفى بالإدلاء بتصريحات سياسية صاخبة مفادها أن الرد الإسرائيلي سيكون قاسيا في المستقبل القريب. مع ذلك، تم بالفعل تفويت الضربة الأولى التي أعِدّت تحت أنظار المخابرات الإسرائيلية والاستخبارات المضادة.
خياران أمام إسرائيل
وفي الوقت الراهن، تقف القيادة الإسرائيلية أمام خيارين، إما غزو قطاع غزة برا أو الاقتصار على الهجمات الصاروخية من الجو فقط. ومن وجهة نظر سياسية، لا تستطيع إسرائيل الاكتفاء بالرد بالهجمات الصاروخية على غزة واستعراض قوتها النارية من خلال إعادة نشر ألوية دبابات النخبة مثل جولاني في الجنوب.
وبما أن الاحتلال لم يتكبد مثل هذه الخسائر منذ عقود عديدة، فإن الرد سيكون أعنف مما هو عليه في الحالات السابقة لتفاقم الصراع العربي الإسرائيلي. ومع ذلك، نجح العرب في إنجاز المهمة الرئيسية وهي تدمير الأساطير المحيطة بالأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، وهو نصر يعد أكثر أهمية من الهجوم العسكري المضاد البحت الذي تنظمه قوات الاحتلال في الوقت الراهن ضدهم.
وأكد الكاتب أن الأحداث الجارية يمكن أن تعيد صياغة البنية العسكرية والسياسية برمتها في المنطقة، ما قد يؤدي إلى ظهور تحالفات جديدة وخطوط جبهة جديدة.