لفت تقرير لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن الجيش الأوكراني، الذي يواجه الغزو الروسي منذ أكثر من سنتين، يعاني من ثلاث نقاط ضعف رئيسية، أمام السعي المتواصل لروسيا لإلحاق الضرر به وتحقيق التقدم ميدانيا.
ومع تدفق عدد قليل من الإمدادات العسكرية الحيوية إلى أوكرانيا من الولايات المتحدة منذ عدة أشهر، يضطر القادة الأوكرانيون إلى اتخاذ خيارات صعبة بشأن مكان نشر الموارد المحدودة مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين يوميا.
وهناك مشروع قانون أميركي مرتقب يخصص 60 مليار دولار من المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات قد يتم التصويت عليه في مجلس النواب هذا الأسبوع
وحتى قبل تراجع المساعدات الأميركية كان هناك إجماع بين القادة الأوكرانيين والمحللين العسكريين على أن الحرب قد تستمر وأن المرحلة القادمة ستكون أصعب.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حذّر -مرة أخرى- – الاثنين من أن تأخر المساعدة الأميركية سيؤدي إلى تفاقم التحديات على الجبهة، وقال إن أحدث المعلومات من المخابرات الأوكرانية تشير إلى أن الكرملين يستعد لنوع من الهجوم الكبير في أواخر الربيع أو أوائل الصيف المقبل.
وبحسب تقرير “نيويورك تايمز”، فإن كييف تواجه ثلاثة نقاط ضعف تشكل معضلات واضحة منذ أشهر وهي: نقص الذخيرة، ونقص القوات المدربة تدريبا جيدا، وتضاؤل الدفاعات الجوية.
نقص الذخيرة
في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، قدم الجنرال كريستوفر كافولي، القائد العسكري الأميركي الأعلى في أوروبا، تقييماً صريحاً للنقص الحاد في الذخيرة في أوكرانيا.
وخلال كلمته قال كافولي: “إذا تمكن أحد الطرفين من إطلاق النار ولم يتمكن الجانب الآخر من الرد، فإن الجانب الذي لا يستطيع الرد هو الخاسر”.
وقال إن الولايات المتحدة زودت أوكرانيا بالجزء الأكبر من ذخائرها المدفعية، وتستعد روسيا لأن تتمكن قريباً من إطلاق 10 قذائف مقابل كل قذيفة أوكرانية.
وقال في شهادته “إذا لم نواصل دعم أوكرانيا، فقد تخسر هذه الحرب”، وحث المشرعين على الموافقة على حزمة مساعدات جديدة.
Shortages of ammunition, soldiers and air defense add up to a dire situation for Ukraine in the third year of the war, presenting commanders with near impossible choices on how to deploy limited resources. https://t.co/sM5ckCD1MF
— New York Times World (@nytimesworld) April 16, 2024
وبينما غيرت الطائرات بدون طيار مجرى الحرب بشكل كبير، وغالباً ما حولت أي محاولة روسية لعبور الأراضي الأوكرانية المفتوحة إلى مهمة انتحارية، “إلا أن لها حدوداً” وفق الصحيفة الأميركية.
وقال فيكتور نزاروف، مستشار الجنرال الأوكراني السابق فاليري زالوزني: “يمكن للطائرات بدون طيار تدمير المعدات العسكرية والدبابات بشكل فعال، لكن لا يمكنها تدمير خطوط العدو”.
وتابع أنه عندما يتمتع الأعداء بميزة في ما يتعلق بالقذائف، فيمكنهم الهجوم، وتحقيق التقدم.
ومنذ سقوط أفديفكا في وقت سابق من هذا العام، لم تستول روسيا إلا على مساحات صغيرة “بتكلفة كبيرة ودون تحقيق اختراق عملياتي كبير”.
لكن مسؤولين أوكرانيين قالوا إنه بعد تجديد ترسانتها بمساعدة كوريا الشمالية وإيران، تستغل روسيا فترة الطقس الدافئ والجاف لشن هجمات بعشرات الدبابات والمركبات القتالية في الأيام الأخيرة.
ويأمل القادة الأوكرانيون أن تبدأ قريباً مبادرات عديدة من قبل الحلفاء الأوروبيين لتأمين مئات الآلاف من قذائف المدفعية لسد حاجتهم الملحة.
والثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا أنّ عشرين دولة تعهّدت في إطار مبادرة أطلقتها بلاده أن تشتري من خارج أوروبا نصف مليون قذيفة مدفعية لتقديمها هبة لأوكرانيا.
وأطلقت جمهورية التشيك حملة تبرعات دولية تهدف إلى شراء ذخيرة للجيش الأوكراني لدعمه في التصدّي للغزو الروسي لأراضيه.
وكانت دول الاتّحاد الأوروبي تعهّدت تزويد كييف مليون قذيفة قبل نهاية مارس الماضي، وفق وكالة فرانس برس، لكنّها لم تتمكّن من الوفاء بوعدها هذا بسبب عدم قدرة المصانع الأوروبية على إنتاج هذه الكمية خلال هذه الفترة الزمنية.
لكنّ براغ أكّدت أنّها وجدت في أسواق خارج القارة العجوز ما مجموعه 800 ألف قذيفة متاحة للشراء.
وخلال زيارة إلى واشنطن الثلاثاء، قال فيالا “أنا سعيد لأنّه حتى الآن انضمّت حوالي عشرين دولة إلى مبادرتنا، من كندا إلى بولندا، بما في ذلك ألمانيا وهولندا”.
وكان زيلينسكي قال السبت إن حوالي 500 شركة صناعة دفاعية تعمل في أوكرانيا، وتوظف ما يقرب من 300 ألف شخص لإنتاج القذائف ومدافع الهاون والمركبات المدرعة والأسلحة المضادة للدبابات وأنظمة الحرب الإلكترونية والطائرات بدون طيار والذخائر الأخرى.
لكن المصانع تحتاج إلى الطاقة، بينما وزير الطاقة الأوكراني، هيرمان هالوشينكو، إن الهجمات على البنية التحتية للطاقة منذ أواخر مارس كانت الأكثر كثافة في الحرب، حتى أكثر اتساعاً من حملة القصف في شتاء 2022-2023 التي كادت أن تؤدي إلى انهيار الشبكة.
نقص التعداد
قال قائد القوات الأوكرانية في الشرق، الجنرال يوري سودول، الأسبوع الماضي إن فرقة مكونة من ثمانية إلى 10 جنود مكلفة عادة بالدفاع عن 100 متر من الأرض، لكن أوكرانيا لا يمكنها دائما تشكيل فرق كاملة.
وقال: “إذا كان هناك جنديان فقط، فيمكنهما الدفاع عن مسافة 20 متراً من الجبهة.. على الفور يطرح السؤال: من سيغطي الـ 80 مترا المتبقية؟”.
وقد أقر البرلمان الأوكراني مؤخراً قوانين تهدف إلى تجديد قواته، لكن العملية استغرقت أشهراً، ولا تزال هناك تحديات كثيرة فيما يتعلق بالتجنيد.
وفي محاولة لتلبية الاحتياجات الفورية، قالت القيادة الأوكرانية إنها ستقوم بتناوب “الآلاف” من الجنود الموجودين حاليًا في الخطوط الخلفية للمواقع القتالية.
هذا يخلق مشكلة أخرى: ضمان حصول الجنود المنتشرين على الجبهة على التدريب المناسب.
ضعف الدفاعات الجوية
قال معهد دراسة الحرب، في تقرير خاص عن الحملة الجوية، إن القادة واجهوا خيارات صعبة في كيفية نشر الدفاعات الجوية.
وأضاف أن الأنظمة التي يمكنها اعتراض الصواريخ الروسية التي تستهدف المدن والبنية التحتية الأوكرانية هي نفس الأنظمة اللازمة لمنع القاذفات الروسية من إسقاط القنابل الانزلاقية.
وقال المعهد “إن الروس يستغلون انسحاب أنظمة الدفاع الجوي من الخطوط الأمامية لتحقيق مكاسب بطيئة ولكن ثابتة على الأرض”.
وسمحت الدفاعات الجوية الأوكرانية المتدهورة لروسيا بتحقيق مزيد من النجاح في استهداف البنية التحتية الحيوية، والتي قال المعهد إنها قد تكون لها “تأثيرات متتالية” على قدرة أوكرانيا على بناء إنتاجها المحلي من الأسلحة.
وقد سعت أوكرانيا إلى مواجهة التهديد الروسي من خلال مهاجمة المطارات الروسية والبنية التحتية الحيوية في سلسلة من الضربات بعيدة المدى بطائرات بدون طيار، لكن المسؤولين في كييف يرون أنه في غياب أنظمة الدفاع الجوي الغربية المتطورة، فإنهم لن يتمكنوا من صد الروس.
وتأمل كييف أن يحلق الطيارون الأوكرانيون الذين يتدربون حاليًا على الطائرات المقاتلة من طراز F-16 في السماء فوق أوكرانيا بحلول الصيف، ما يضيف طبقة دفاع أخرى مطلوبة بشدة.
ولكن مع استمرار الشكوك حول المساعدة الأميركية، بذل وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا جهودا مكثفة لتأمين بطاريات باتريوت للدفاع الجوي الموجودة حاليا في أوروبا.