أطلقت نورا، وهي تمسك بالميكروفون في العاصمة السعودية الرياض، صرخة عالية، فجاوبتها آلات الغيتار بصراخ مماثل، وقرعت الطبول خلفها مع مجموعة من زميلاتها في الفرقة خلال عرضهن الغنائي.
لم يكن بالإمكان تصور الأداء الذي قدمته فرقة “سيرة”، وهي فرقة نسائية لموسيقى الروك، تمزج بين الألحان العربية التقليدية مع موسيقى السايكيديليك الصاعدة.
فمع قيام السعودية بتحرير بعض جوانب الحياة فيها، تمثل فرقة سيرة طريقة تجعل بها النساء في السعودية صوتهن مسموعا، فيعبرن عن أنفسهن من خلال الفنون، في بلاد ارتبطت على الدوام بتقاليد إسلامية محافظة.
وقالت ميش، عازفة الغيتار في الفرقة، التي طلبت مثل بقية عضوات الفرقة، الإشارة إليها باسمها الفني: “لم نعلم كيف سيكون رد فعل الناس.. نؤمن بقوة بالتعبير عن الذات، ولدهشتنا استقبلونا بأذرع مفتوحة”.
تدور أغاني فرقة سيرة حول التجارب الحياتية لعضواتها الأربع، وجميعهن مواطنات سعوديات، يغنين باللهجة السعودية، بينما ترتدي عازفة الطبول ثينغ نقابا أحمر مطرزا بتطريز تقليدي.
المرأة السعودية.. إحصائية تتحدث عن “واقع النساء ومستقبلهن” في المملكة
كشفت دراسة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بالسعودية، عن رضاء 95 بالمئة من نساء المملكة عن وقائعهن في الوقت الحالي، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 5 سنوات.
وقالت: “رأيت أن هذا (النقاب) سيكون رائعا باعتباره يعكس الثقافة والتراث والجذور، وفي الوقت ذاته هو مثال رائع للتعبير عن المزج بين الأصالة والمعاصرة، وهو لب هوية أغانينا.”
وتوضح فرقة سيرة أنها ليست أول فرقة نسائية في المملكة، فأول فريق غنائي نسائي كان “ذي أكوليد”، الذي تأسس عام 2008 ولم يكن يعزف موسيقاه في حفلات عامة. إلا أن الأمور تغيرت بشكل جذري في البلاد خلال السنوات الأخيرة، في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد.
ففي عام 2018 حصلت المرأة على حق قيادة السيارات، كما تم افتتاح دور سينما ومراكز ترفيهية أخرى، ولم يعد ضروريا على النساء ارتداء عباءة سوداء خارج المنزل.
رغم ذلك لا تزال هناك قيود على حرية التعبير وأي نشاط سياسي في المملكة. لكن في مجال الفنون تشهد السعودية انفتاحا، كما يظهر من خلال حفل فريق سيرة في وقت سابق من هذا الشهر في ذي ويرهاوس، وهي مساحة مخصصة لإقامة الحفلات الموسيقية في حي الدرعية بالرياض.
“ثورة هادئة”.. المرأة السعودية “تخطب” النجاح بعيدا عن الزواج
تتجه المرأة السعودية للاهتمام أكثر بالتحصيل العلمي، وتتوق للنجاح المهني، أكثر من أي وقت مضى، حيث كان مصير نساء الأجيال السابقة، المحتوم، الزواج، بغض النظر عما إذا كانت تريد ذلك أم ترفضه.
في هذا الحفل تمايل عشرات الشباب الذين كانوا يرتدون أزياء غربية، ورقصوا على أنغام الموسيقى. وكانت اختيارات الأزياء مشابهة لتلك التي تظهر في أي عرض “بانك” في الغرب.
وقالت ثينغ: “أصبحت الأمور أفضل بالتأكيد، وأكثر شمولية وذات منظور أوسع. هناك بالتأكيد مجال لمزيد من النمو”.
ويعتزم فريق “سيرة” إصدار ألبومه الغنائي الأول في وقت لاحق من العام، إضافة إلى حفلهن الأول بالخارج في دبي.
وقالت العضوة نورا إنها تريد أن تكون الفرقة “مصدر إلهام لجيل الشباب” للتعبير عن أنفسهم، مضيفة: “لا ضرر في أن تتصرف بالطريقة التي تريدها طالما أنك لا تؤذي أحدا”.