وقبل استقباله بايدن له، عقد زيلينسكي اجتماعات عدة في الكونغرس وفي البيت الأبيض لتجنب أن توقف واشنطن المساعدات لبلده المأزوم جراء الحرب، مؤكدا أن ما يحدث الآن هو الهدية الكبرى من الغرب وواشنطن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويرى محللون، أن الدول الغربية أصبحت على يقين مطلق بأن كلفة أي حرب ستكون باهظة للغاية، من هنا نفهم مكمن الفشل الاستراتيجي للسياسات الغربية في الدعوة للمفاوضات، سواءً في الحالة الأوكرانية أو الحالة الفلسطينية.
وتحدث باحثان، أحدهما، روسي، لـ”سكاي نيوز عربية” عن اقتراب أوكرانيا وإسرائيل من ما يمكن أن يطلق عليه الهزيمة الاستراتيجية في حربهما ضد الجيش الروسي وحركة حماس بمعاونة فضائل فلسطينية.
الغرب غاضب من عبء أوكرانيا
يقول مدير مركز “جي سي إم” للدراسات ومقره موسكو، آصف ملحم، إن السلام الدائم لا يتحقّق إلا بوساطة المفاوضات أو بوساطة الحرب، وتاريخيًا البشرية أكثر ميلًا للخيار الثاني؛ لذلك فالحرب أداة من أدوات السياسة لإجبار الخصم على القبول بتنازلات معينة فحسب، ومع ذلك، فإن الجنوح إلى المفاوضات يتطلب قيادات حكيمة وشجاعة تضع حدًا لسفك الدماء
وتابع: “يرفض الرئيس فلوديمير زيلينسكي، الاقتناع بهزيمة بلاده أمام القوة الروسية وأن رهانه على الغرب كان الخاسر منذ البداية، وهو الآن في ورطة كبيرة مع تراجع الدعم الأوروبي وعدم وضوح الصورة في الولايات المتحدة هل ستستمر في مساندته أم لا.”.
ويضيف ملحم، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”: لاحظنا في الآونة الأخيرة، تزايد الدعوات الغربية لوضع حد للحربين الدائرتين في أوكرانيا وغزة مع اقتراب الهزيمة الاستراتيجية من إسرائيل وأوكرانيا وخاصة الأخيرة؛ إذ يعتبر أصحاب هذه الدعوات (أو معسكر السلام) أنه من الصواب إنهاء الحرب بغض النظر عن طبيعة الأهداف المنجزة على الأرض.
وسوق ملحم، عددا من النقاط المشتركة بين حربي أوكرانيا وغزة وضرورة إسكات البنادق في ظل نزيف الخسائر الإسرائيلية والأوكرانية و”الموقف صفر”.
- الضرورة العسكرية الإستراتيجية، فاستمرار الحرب يضاعف احتمال اتساعها لتشمل ساحات أخرى، ما سيعقد إمكانية الوصول إلى اتفاق في المستقبل؛ إذ أنه مع تزايد اللاعبين يصبح من الصعب الوصول إلى اتفاق معين، وسيصبح كل طرف أكثر تعنتًا في المستقبل.
- مخاطر نشوب الحرب العالمية الثالثة، مع استمرار الحرب، سواءً في أوكرانيا أو في غزة وفي ظل بوادر حرب جديدة في أميركا الجنوبية، سيعمق الشرخ بين الشرق والغرب وهذا سيزيد من خطر اندلاع حرب عالمية بين القوى الكبرى.
- الرغبة في جعل روسيا حليفًا، وهناك العديد من القوى الغربية التي ترى أنه من المفيد للغرب أن تكون روسيا حليفًا وليس عدوًا.
- المشاكل المالية والاقتصادية فلقد خلقت هذه الحروب الكثير من الأعباء المالية والاقتصادية لدى قوى الغرب كالتضخم وارتفاع أسعار الوقود والحبوب والمواد الغذائية وزادت معدلات البطالة.
- غياب الإيديولوجية الإمبريالية في الغرب، فالكثير من النخب الحاكمة الأوروبية أصبحت على قناعة أن زمن الاستعمار واحتلال الدول الأخرى عن طريق الحروب ذهب إلى غير رجعة
- الاستثمار الانتخابي الأميركي، ينبئ الواقع أن استمرار الحرب قد يخلق مخاطر ليست في صالح الأميركيين، حيث تقترب الانتخابات الرئاسية، لذلك، هناك بعض المسؤولين الأميركيين سيحاول تسويق (وضع النهاية السريعة للحربين) كأحد النجاحات التي حققتها الإدارة الأميركية خلال الحملة الانتخابية المقبلة.
حرب غزة.. إسرائيل في طريق الهزيمة
يرى المحلل السياسي اللبناني والباحث في الشؤون الدولية، سركيس أبوزيد، أن مسألة اقتراب إسرائيل من هزيمة استراتيجية هو أمر غير محسوم وإن كانت تسير في طريق الهزيمة مع ضربات يومية قوية للارتكازات الأمنية والحواجز العسكرية وتفجير دبابات وعبوات ناسفة ومقتل عشرات الجنود وتفجير المركبات وناقلات الجند بشكل يومي وربما على مدار الساعة وفي أماكن متنوعة ومختلفة وأصبحت حياة الإسرائيليين في الملاجئ وصفارات الإنذار لا تنقطع في تل أبيب وباقي المدن، وبرأيي إنها أشد محطات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وطأةً، لا سيما على صعيد محطات الاقتتال والاصطدام الدائم على الأرض، وإن كانت هذه المرة من الوقائع التي نالت فيها حركة حماس بمعاونة بعض الفصائل من الجيش الإسرائيلي.
وقال سركيس أبوزيد، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هناك خسائر إسرائيلية معلومة وأخرى غير معلنة، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يواجه حرب شوارع، وهي تتسبب في استنزاف كبير على الأرض للجيوش النظامية لأنها تعتمد على نظرية الإنهاك والتشتيت، وبالتالي باتت “تل أبيب” في مستنقع من القتال وتعيش ضغوطًا كبيرة في الداخل والخارج لأجل الخروج من حالة الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي.
واستعرض سركيس أبوزيد، في نقاط بعض العوامل التي تشكل ضغطًا على إسرائيل لعدم الوصول إلى مرحلة الهزيمة الاستراتيجية:
- ضغوط أميركية وغربية متواصلة على إسرائيل لإنهاء عملياتها العسكرية في قطاع غزة والضفة سريعًا تجنبًا لزيادة الخسائر والدعم أيضًا.
- تضجر العواصم في أوروبا وواشنطن من فاتورة الإمدادات العسكرية المرهقة لميزانياتها في وقت تشتد أزمتي الطاقة والتضخم على أعتى اقتصادات العالم.
- “لا حرب دون نهاية” وهناك قطاعات أميركية رافضة لاستمرار دور واشنطن في حرب غزة وأوكرانيا أيضًا وجدالات غاضبة في الأوساط السياسية عن أموال ومخصصات الدعم مع قرب الانتخابات الرئاسية.
- الشارع الإسرائيلي في حالة فقدان ثقة واسعة لقدرة حكومة بنيامين نتنياهو على الخروج من غزة منتصرةً، والإسرائيليون غاضبون من فقدان ذويهم وشبابهم في حرب غزة وحجم الخسارة المادية وتراجع عوائد السياحة والحجوزات والسفر.