بعد أن توقفت خلال الشهور الماضية بسبب الحرب، عادت الاحتجاجات إلى تل أبيب مجددا، للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، ما أثار تساؤلات حول مصير الحكومة الحالية، خاصة أن ولاية رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تمتد إلى عام 2026.
وخرج آلاف الإسرائيليين، السبت، للاحتجاج وسط تل أبيب، في مظاهرات تطالب برحيل الحكومة الحالية وتنادي بإجراء انتخابات مبكرة.
عامل الوقت
الاحتجاجات التي تطالب بإجراء الانتخابات المبكرة، وهي تتوازى مع تظاهرات تشهدها تل أبيب من حين إلى آخر للمطالبة بتحرير الرهائن الذين تحتجزهم حماس المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، جاءت “مقدمة لخلافات سياسية ربما تتصاعد”.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن “إسرائيل بحاجة إلى انتخابات مبكرة، لأن الحكومة الحالية لا تحظى بتأييد وثقة الجمهور بشكل عام”.
وقال شتيرن لموقع “الحرة” إن “التوقيت ليس في صالح الأصوات والتظاهرات التي تطالب بتغيير الحكومة، لأن الغالبية في الكنيست في صالح الحكومة، خاصة في ظل وجود حزب المعسكر الرسمي المعارض برئاسة بيني غانتس”.
لكن المحلل السياسي عاد وأشار إلى أن “هذه الأغلبية ليست مستقرة، وأنها رهينة بحالة الحرب الحالية وباستمرار حزب غانتس”.
وأضاف “حزب المعسكر الرسمي لا ينوي الاستمرار في الحكومة، ومتى خرج منها فإنها ستفقد الأغلبية، وسنرى أغلبية ضئيلة نسبيا، أي ما يعادل 64 من أصل 120 مقعدا، ما قد يعجّل بقيام الانتخابات”.
ويشارك “حزب المعسكر الرسمي” المعارض بقيادة بيني غانتس في الحكومة الحالية، لكن دللت الحرب على تبيان في وجهات النظر بينه وبين حزب الليكود، بقيادة بنيامين نتانياهو، في عدد من القضايا.
وشهد شهر يناير الماضي سجالا بين الطرفين، حينما طالب غانتس “جميع المسؤولين بالتوقف عن الاستغلال غير المسؤول لجيش الدفاع وقادته لتحقيق مكاسب سياسية”، في حين ردّ حزب الليكود بأن “غانتس يبحث عن ذرائع من أجل الانسحاب من حكومة الحرب”.
وبدوره، قلل المحلل السياسي جاكي خوري، من شأن التظاهرات التي تدعو لرحيل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، مشيرا إلى “صعوبة التكهن بما يمكن أن يترتب عليها”.
وقال خوري لموقع “الحرة” إن “التظاهرات في بدايتها، وليس من المستبعد أن تتحول إلى حراك جاد، ربما يفضي إلى تحديد موعد الانتخابات المبكرة”.
ولفت المحلل السياسي إلى أن “هناك ضغوطا على الحكومة وعلى الائتلاف الحاكم، ولكن الوقت الحالي لا يخدم قضية المطالبين بالانتخابات المبكرة، واعتقد أن الصورة ستكون أكثر وضوحا عقب انتهاء الحرب، خاصة في ظل الضغط الشعبي المتزايد”.
وتُظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر، بحسب رويترز.
وقريبا من الوجهة التي مضى إليها “خوري”، فإن الباحث في معهد تل أبيب للبحوث الأمنية، يوحنان تسوريف، يرى أن “التظاهرات التي تطالب بإجراء انتخابات مبكرة لم تصل إلى قدرة التأثير على المشهد، خاصة في ظل وجود حزب المعسكر الرسمي ضمن الحكومة الحالية”.
وقال يوحنان لموقع “الحرة” إن “معظم الإسرائيليين يريدون انتخابات مبكرة، لكن الحكومة الحالية تحوز على الأغلبية في الكنست، وستظل تملكها ما دام حزب المعسكر الرسمي موجودا في الحكومة”.
ولفت الباحث في معهد تل أبيب للبحوث الأمنية إلى أن “التظاهرات الداعية للانتخابات المبكرة تشوّش على التظاهرات التي تطالب بتحرير المختطفين لدى حماس، لذلك قد لا تجد التأييد المطلوب”.
وأضاف “من الصعب الجمع بين ملف الانتخابات المبكرة وملف المختفطين، لأن كثيرين يرون أن الأولوية حاليا لتحرير المختطفين، ثم النظر لاحقا في مسألة الانتخابات”.
الوحدة الإسرائيلية
الاحتجاجات التي خرجت للمرة الأولى منذ شهور للمطالبة برحيل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، تزامنت مع تحضيرات لعملية برية في رفح، تقول الحكومة الإسرائيلية إنها “ضرورية لاستكمال أهداف الحرب”، ما قد يؤثر على فاعلية التظاهرات برأي مختصين.
ويرى المحلل السياسي جاكي خوري أن “حرب 7 أكتوبر أدت لتوقف الحراك السابق الذي كان يطالب برحيل الحكومة، ومن الراجح أن يؤدي توقف الحرب إلى عودة الجدل حول مصير الحكومة”.
وأضاف “بعد انتهاء الحرب ستبدأ مرحلة المطالبة بالتحقيقات حول الحرب وأسبابها وتداعياتها، وسيزداد الضغط الشعبي والحزبي والسياسي وربما الدولي من أجل الذهاب إلى الانتخابات”.
وفي أول تعليق على التظاهرات التي تطالب برحيل الحكومة، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فكرة إجراء انتخابات مبكرة، وتمسك باستمرار الحكومة الحالية.
نتانياهو قال خلال مؤتمر صحفي، السبت، “آخر ما نحتاجه الآن هو الانتخابات والتعامل مع الانتخابات، لأنها ستقسّمنا على الفور… نحن بحاجة إلى الوحدة الآن”.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن حديث نتانياهو عن ضرورة الوحدة في زمن الحرب صائب، لأن “اتفاق الإسرائيليين مهم ومطلوب في هذا التوقيع”، لكنه استعبد أن يؤثر “هذا الحديث في الداخل الإسرائيلي طويلا”.
وأضاف “الوحدة مطلوبة، لكن الحرب في خواتيمها، وحينما تتوقف سنرى تغييرا في الشعور العام، وستزداد الأصوات التي تطالب بالانتخابات، وهذا طبيعي لأن الديمقراطية الإسرائيلية مبنية على التعددية وليس على الوحدة”.
وتوقع شتيرن أن يسارع نتانياهو إلى إعلان موعد بعيد نسبيا للانتخابات “حتى يمتص غضب الشعب الإسرائيلي، بحيث لا يتطور ويتصاعد إلى أكثر مما هو حادث الآن”.
وتابع “لا استبعد أن يختار نتانياهو في لحظة ما الهروب إلى الأمام ويعلن عن موعد لانتخابات مبكرة لاحتواء الغضب الشعبي، ولتخويف الجمهور من مغبة تبديله، وأن يهددهم بما تريد الإدارة الأميركية القادمة عن إقامة دولة فلسطينية وعن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة”.
ويشير الباحث في معهد تل أبيب للبحوث الأمنية يوحنان تسوريف، إلى أن “معظم الشعب الإسرائيلي يريد انتخابات مبكرة، ولكن هناك ترددا بسبب التوقيت والحرب الحالية”.
وتابع “هناك رغبة كبيرة في إجراء انتخابات مبكرة، ولكن في نفس الوقت هناك من يرى أن الوقت ليس مناسبا، وأن الأولوية لدعم الجنود الذين يخوضون الحرب في غزة، ولذلك إذا أردت أن تجمع كل الشعب لدعم فكرة الانتخابات المبكرة، فإن ذلك يبدو صعبا الآن”.
ولم تسفر محادثات تتوسط فيها مصر وقطر، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين يزيد عددهم على مئة، عن نتائج. وانتهت جولة محادثات في القاهرة، الثلاثاء، دون نتائج حاسمة.