تسببت الحرب الإسرائيلية الرامية لإنهاء حكم حماس المستمر منذ 16 عاما في غزة، بإلحاق خسائر فادحة بالقطاع الفلسطيني المحاصر، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبحسب تحليل الصحيفة لأرقام سلطت غزة الصحية، فإن “ما يقرب من 40 بالمئة من الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء الضربات الجوية الإسرائيلية على القطاع، هم من الأطفال”.
ويعد سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، من بين السكان الأصغر سنا في العالم، ونصفهم تقريبا تحت سن 18 عاما، وفقا لمكتب المراجع السكانية غير الربحي في واشنطن.
وقال جيسون لي، وهو مدير منظمة “أنقذوا الأطفال” الخيرية في الأراضي الفلسطينية، إن “غزة أصبحت مقبرة للأطفال”، مع مقتل أو إصابة “أكثر من 400 طفل كل يوم”.
وأضاف: “الأرقام مروعة، ولا يزال العديد من الأطفال معرضين لخطر جسيم مع استمرار العنف في غزة”.
بلينكن يدعم “هدنات إنسانية” في غزة.. ويرفض وقف إطلاق النار
قال وزير الخاريجة الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت إن رؤية جثة أي طفلة أو طفل من غزة ينتشل من تحت الركام يدمي القلب طكأنني أرى أطفالي”.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة، السبت، ارتفاع حصيلة القتلى جراء الضربات الإسرائيلية منذ بدء الحرب، إلى 9488 شخصا بينهم 3900 طفل، و2509 من النساء.
وقال مسؤولو الصحة في غزة إن “1200 طفل آخرين في عداد المفقودين، ويعتقد أن جثثهم مدفونة تحت الأنقاض”.
واندلعت الحرب بعد هجمات نفذتها حركة حماس التي تسيطر على القطاع وتصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، استهدفت إسرائيل يوم 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، أغلبهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أن الهدف من الحرب هو “القضاء على حماس” وإنهاء حكمها للقطاع المستمر منذ عام 2007.
والجمعة، قالت منظمة الصحة العالمية والعديد من وكالات الأمم المتحدة الأخرى بما في ذلك “اليونيسف”، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية “تتسبب في خسائر غير متناسبة بين النساء والأطفال، والأطفال حديثي الولادة في غزة”، فيما قال مسؤولون طبيون في غزة إن هؤلاء “يمثلون 67 بالمئة من إجمالي القتلى”.
وقالت منظمة الصحة العالمية “إن عمليات القصف، والمرافق الصحية المتضررة أو غير العاملة، ومستويات النزوح الهائلة، وانهيار إمدادات المياه والكهرباء، فضلا عن القيود المفروضة على الوصول إلى الغذاء والأدوية، تؤدي إلى تعطيل الخدمات الصحية للأمهات والأطفال حديثي الولادة بشدة”.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف “مقار حماس ومنازل المسلحين ومواقع تخزين الأسلحة”، التي تتواجد في أماكن مكتظة بالسكان، متهما حماس بـ”استخدام المدنيين كدروع بشرية”.
“قطعتا خبز يوميا”
وأدت الحرب المستمرة إلى وضع إنساني يوصف بأنه “كارثي”، في القطاع الفلسطيني الذي قطعت عنه إسرائيل الكهرباء والماء والإمدادات الأساسية الأخرى.
والجمعة، قالت الأمم المتحدة في بيان، إن “الشخص العادي في غزة يعيش على قطعتين من الخبز يوميا”، وأن المنطقة أصبحت “مسرحا للموت والدمار”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف فوري لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات، قائلا إن “الوضع الإنساني في غزة مروع”.
لماذا تتزايد الوفيات بين الأطفال؟
ومقارنة مع الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس، تتسبب الحرب الحالية بخسائر فادحة في صفوف النساء، وفقا للإحصاءات.
حرب إسرائيل وحماس بالأرقام
بحلول يومها الـ29، أصبحت الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، الأكثر دموية وتدميرا من بين الحروب الخمس التي دارت رحاها بين الجانبين منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2007.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن “الرجال شكلوا نحو 60 بالمئة من حصيلة القتلى في حربي عامي 2008 و2009 و2014، لكنهم يشكلون هذه المرة نحو 34 بالمئة من الوفيات”، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية.
وقال زاهر سحلول، وهو طبيب من شيكاغو عمل في قطاع غزة كرئيس لمنظمة “ميد غلوبال”، وهي مجموعة غير ربحية ترسل أطباء متخصصين إلى مناطق النزاع، إن “الأطفال أقل قدرة على تحمل الإصابات الناجمة عن الغارات الجوية”.
وأوضح أن “قطاع غزة يفتقر إلى الكثير من الدعم الطبي الذي يمكن أن ينقذ حياة هؤلاء الأطفال”.
وأضاف: “هذا أسوأ ما رأيناه. معظم الإصابات التي يمكن للبالغين النجاة منها، لا يستطيع الأطفال النجاة منها”.
واستطرد سحلول: “عندما تكون طبيبا تتعامل مع حوادث الإصابات الجماعية، فإنك تركز على اللحظة وعلى المرضى. ثم تكتشف أن هذا الطفل هو شخص تعرفه، ابن أخيك، أو ابنة أختك، أو أطفال جيرانك، أو ربما يكون ابنك”، مردفا أن “هذا هو أفظع شيء يمكن أن يحدث لأي شخص”.