يطالب الكاتبُ الصحفي “د. خالد رمضان” بالاستفادة من التجارب العالمية في مواجهة ارتفاع إيجارات المساكن، ضاربًا المثال بمبادرة الإسكان المنخفض التكلفة في الصين، والتي خصصت لها الحكومة الصينية 500 مليار يوان “69 مليار دولار”، وقامت إدارات المدن بشراء الشقق السكنية المنشأة حديثًا، ثم بيعها بأسعار معقولة، بينما خفضت مدن أخرى تكاليف الإيجار بشكل كبير، وهو ما ساهم في تقليل الأعباء الاقتصادية على الأسر. يأتي ذلك تعليقًا على أمسية عقدتها صحيفة “الاقتصادية” على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، حول ارتفاع أسعار الإيجارات، والحلول الممكنة لضبط هذه الارتفاعات.
أمسية حول ارتفاع أسعار الإيجارات
وفي مقاله “ارتفاع الإيجارات.. والحلول المبتكرة” بصحيفة “الرياض”، يقول “رمضان”: “استمعت قبل أيام إلى مساحة أفردتها صحيفة الاقتصادية، على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، حول ارتفاع أسعار الإيجارات، والحلول الممكنة لضبط هذه الارتفاعات المتنامية. وقد شدّني إلى هذه الأمسية التي أدارها باقتدار الصديق العزيز والصحفي المتميز “حسين مطر”؛ أنها تضمنت شهادات واقعية لعدد من المستأجرين، والذي أشار بعضهم إلى وجود مبالغات كبيرة في رفع الإيجارات، بنسب تتخطّى 20% وأكثر؛ مما يعكس الحاجة الملحّة إلى إيجاد حلول مبتكرة تزيح العبء عن كاهل المستأجرين؛ حتى لا نصل للنقطة الحرجة، والتي قد تشمل التخلف عن السداد، واضطرار المستأجرين للانتقال بعيدًا عن شبكة الأصدقاء والعائلة، والقرب من العمل، ومعاناة الأطفال المسجلين في المدارس”.
هل تساهم الإجراءات في ضبط الإيجارات؟
ويضيف “رمضان” قائلًا: “من ناحية أخرى أثير تساؤل حول مدى فعالية إجراءات ضبط الإيجارات في توفير سكن بأسعار معقولة. والواقع: أن هناك العديد من الأبحاث العلمية حول تأثير ضوابط الإيجار على سوق العقار، والجزء الأكبر من هذه الأبحاث يعتمد على القياس الاقتصادي، والتجارب المحلية؛ أي أنها تدرس تغير بيانات سوق الإسكان عندما يتم فرض ضوابط للإيجار أو رفعه في أماكن معينة، ولا بد من توخّي الحذر عند تعميم نتائج الأبحاث؛ لأن هناك آثارًا أخرى سلبية للتحكم في الإيجارات؛ ومنها: تقليل عدد العقارات المؤجرة؛ لأن الملاك يبيعونها لشاغليها حتى يتمكّنوا من تحقيق أرباح ممتازة، وقد يؤدّي ذلك إلى عدم التوافق بين المستأجرين ووحدات الإيجار، وإذا تغيرت الاحتياجات السكنية لشاغل العقار، فقد يؤدّي ذلك إلى تخصيص غير فعال لموارد الإسكان، وربما يركن المستأجرون إلى شغل وحدات زائدة من المساكن؛ مما يؤدّي إلى انخفاض جودة المساكن المؤجرة؛ حيث يقلّل الملاك من الإنفاق على الصيانة طالما أنهم لا يستطيعون استرداد استثماراتهم من خلال رفع الإيجارات”.
تجربة الصين.. “الإسكان المنخفض التكلفة”
ويرصد “رمضان” ملامحَ التجربة الصينية عبر مبادرة “الإسكان المنخفض التكلفة”، مطالبًا بالاستفادة منها، ويقول: “من المهم الاستفادة بالتجارب العالمية في هذا المجال، وعلى سبيل المثال في الصين، تجري المدن استطلاعات لقياس الطلب على الإسكان المدعوم؛ بهدف التعرف على أسعار تمليك الوحدات ومستويات الإيجار، وضبطها عند الضرورة، من أجل اجتذاب المواهب القادمة من المناطق الريفية والاحتفاظ بها في المناطق الحضرية، من خلال توفير حلول الإسكان ميسور التكلفة؛ مما يسهم في تقليل الأعباء الاقتصادية للشباب، خاصة، والزواج بأريحية كاملة دون قلق، لدرجة أن إدارات المدن بدأت منذ شهر مايو الماضي في شراء الشقق السكنية المنشأة حديثًا، ثم تبيعها بأسعار معقولة؛ حتى تعالج مشكلة المخزونات العقارية المتضخّمة، وتخفض أسعار الإيجارات؛ مما رفع من ثقة المستهلكين.. يساهم تحويل الشقق الخالية إلى مساكن منخفضة التكلفة، في تقليل العبء المالي على الأسر وتقليل مخزون المساكن الفارغة، وتتّخذ الصين خطوات جريئة لدعم ملكية المنازل بأسعار معقولة وتخفيف العبء المالي على الأسر؛ حيث خصصت 500 مليار يوان “69 مليار دولار” لمبادرة الإسكان المنخفض التكلفة، وتقدم مدن مثل يانتاي ولونجكو تخفيضات كبيرة على الإيجارات، بينما خفضت هانغتشو تكاليف الإيجار بشكل كبير، وتبيع مدن ليشان ويونغتشو منازل بثلثَيْ أسعار السوق”.
فوائد اقتصادية للمساكن منخفضة التكلفة
وينهي “رمضان” قائلًا: “ويؤدّي توسيع هذا البرنامج وربطه بإصلاحات اقتصادية أوسع نطاقًا إلى زيادة إمكانية وصول الأسر الصينية إلى منازل ميسورة التكلفة، سواء من خلال التملك أو الإيجار؛ مما يتناسب مع ظروفهم الفردية، بالإضافة إلى أنه يقلّل الادخار المخصّص بشكل مفرط لشراء المساكن؛ مما يزيد الدخل المتاح للاستهلاك الآخر، وهذا أمر ضروري للاحتفاظ بالمواهب الريفية، والحدّ من هجرة الأدمغة إلى أوروبا وأمريكا”.