“دعم ومخاوف”.. رسالة نواب لبايدن بشأن تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في مصر، عاد سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان إلى الواجهة بعد أن علق سيناتور أميركي جزءا من المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن سنويا للقاهرة.

وعلل السيناتور، بن كاردين، وهو الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، قراره بحجب الجزء المتعلق بسجل البلاد الحقوقي بوجود “انتهاكات”.

وقال السيناتور الديمقراطي في بيان إنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بأنه لن يفرج عن هذه الأموال ما لم تحرز القاهرة “تقدما ملموسا في مجال حقوق الإنسان”.

وشدد كاردين على “أنه من الضروري أن نواصل محاسبة الحكومة المصرية وجميع الحكومات على انتهاكاتها لحقوق الإنسان”، ما يعني حرمان القاهرة من مساعدات عسكرية بقيمة 235 مليون دولار.

وأضاف أن المساعدات ستظل محجوبة عن مصر “إذا لم تتخذ خطوات ملموسة وهادفة ومستدامة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد”.

“إشارة للنظام من دولة حليفة”

ومع ذلك، فإن التساؤلات تظل قائمة بشأن نية الدولة المصرية إجراء إصلاحات جدية في مجال حقوق الإنسان، لاسيما فيما يتعلق بالمعتقلين السياسيين.

ورأى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو الشوبكي، أن ملف حقوق الإنسان في مصر “لم يحدث فيه تغيير جذري، وتحديدا فيما يتعلق بإلغاء الحبس الاحتياطي”.

وقال الشوبكي في حديثه لموقع قناة “الحرة” إن حجب المساعدات العسكرية والحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان يمثل “إشارة للنظام السياسي في مصر جاءت من دولة حليفة وصديقة”.

وسط تلويح بحجبها.. تاريخ المساعدات العسكرية الأميركية لمصر

 لزمن طويل، دأبت واشنطن على تقديم كميات ضخمة من المساعدات العسكرية وغير العسكرية لمصر، لكن هذه المساعدات بدأت تثير انتقادات أميركية داخلية بسبب سجل القاهرة في مجال حقوق الإنسان.

ورغم ذلك، لا يعتقد الشوبكي أن “الضغوط الخارجية” لها تأثير في إجراء الإصلاحات، لاسيما أن “حجمها يعد صغيرا”.

وأضاف أن “الضغوط الخارجية لم يكن لها تأثير حاسم غالبا، وفي كثير من الأحيان لها حسابات سياسية أكثر منها دفاعا عن مبادئ حقوق الإنسان”،  على حد تعبيره.

وأصبحت مصر مستفيدا رئيسيا من المساعدات العسكرية الأميركية منذ قرارها التاريخي بأن تصبح أول دولة عربية تطبّع علاقاتها مع إسرائيل. وتتألف حزمة المساعدات العسكرية من شق لا تسري عليه أية قيود قيمته 980 مليون دولار.

أما الشق الآخر وقيمته 235 مليون دولار فمرهون بإحراز مصر تقدّما في مجال حقوق الإنسان، وهذا هو البند الذي عطله السيناتور كاردين. 

وطالب كاردين السلطات المصرية بأن تُصدر عفوا عن عدد أكبر من السجناء السياسيين الذين يقدر عددهم في هذا البلد بـ60 ألف سجين.

كذلك، طالب بأن تُجري مصر إصلاحات كبيرة في إجراءات ما قبل الاحتجاز وأن توفر مساحة أكبر للمعارضة السياسية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة.

“إرادة إدارة بايدن”

في هذا الإطار، شدد مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، بهي الدين حسن، على أن احترام حقوق الإنسان في مصر “يتوقف على الإرادة السياسية للإدارة الأميركية وليس فقط على الكونغرس”.

وقال في حديثه لموقع “الحرة” إن هناك تطورين مهمين ربما يساعدان على تفعيل تلك إرادة إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بما في ذلك الاتهامات الموجهة للرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ بشأن مصر.

وكان القضاء الأميركي وجه مؤخرا تهم فساد للسيناتور، بوب منينديز، الذي دفع ببراءته من كل التهم، بما في ذلك اتهامات بالرشوة مرتبطة بمصر مقابل تسهيل المساعدات العسكرية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ” الانكشاف العلني للتراجع غير المسبوق في دعم نخبة متنوعة الانتماءات السياسية من الرأي العام في مصر وقطاعات واسعة من عموم المواطنين للسيسي ولتجديد ترشحه لدورة ثالثة، ربما يدفع أيضا بالإرادة الأميركية لتحسين سجل البلاد الحقوقي”، حسبما ذكر بهي الدين حسن، وهو حقوقي بارز يقيم في فرنسا.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أعلن الاثنين، ترشحه لولاية رئاسية جديدة.

وتتعرض مصر باستمرار لانتقادات من منظمات حقوقية دولية وتصرف سجلها في هذا المجال بـ “المروع”. ولطالما رفضت مصر الاتهامات الموجهة لها بانتهاكات حقوق الإنسان وتصر أنها أجرت إصلاحات جذرية في هذا المجال خلال السنوات الماضية.

وفي مارس الماضي، وعلى هامش لقاء الرئيس المصري برئيسة وزراء الدنمارك، قال متحدث رسمي مصري إن البلاد “لا تخشى أحدا” في قضية حقوق الإنسان.

وفي تصريحات تلفزيونية، أوردتها وسائل إعلام محلية، قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أحمد فهمي، إن “مصر ترفض المعايير المزدوجة واستخدام حقوق الإنسان من أجل أهداف معينة”، مردفا أن بلاده “تعمل بجد واجتهاد بهذا الملف وكل دول العالم يوجد فيها قصور في حقوق الإنسان”.

“تحسن ملحوظ”

في المقابل، أكد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، عصام شيحة، أن البلاد حققت “تحسنا ملحوظا منذ عام 2018” في سجلها الحقوقي.

ربطها بحقوق الإنسان.. كاردين يوقف مساعدات أميركا العسكرية لمصر

قرر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، بن كاردين، الثلاثاء، “ممارسة مسؤوليات اللجنة الرقابية وسلطاتي الكاملة للاحتفاظ بالأموال الخاصة بالمساعدات العسكرية للحكومة المصرية، بما فيها بيع الأسلحة حتى تتخذ خطوات ملموسة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان لديها”.

وقال شيحة في حديث خاص لموقع “الحرة” إن “هناك رغبة وإرادة سياسية (مصرية) لتحسين حالة حقوق الإنسان”، مشيرا إلى أن الخطوات “لم تصل لحد الكمال” على اعتبار أنه “لا توجد دولة في العالم وصلت لحد الكمال بهذا المجال”، وفق وصفه.

وتابع: “الدولة شكلت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية.. وذلك بهدف الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة”.

كذلك، أطلقت البلاد لأول مرة في تاريخها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان “بإرادة مصرية خالصة تلزم الدولة بتحسين حالة حقوق الإنسان على مدى 5 سنوات “، حسبما ذكر شيحة.

ومن بين إجراءات أخرى تنص عليها الاستراتيجية الجديدة، أشار شيحة إلى أن الدولة المصرية “عدلت قانون السجون إلى مراكز الإصلاح والتأهيل وهدمت 15 سجنا قديما وشيدت 5 مجمعات على أحدث النظم العالمية رعت فيها أن المتهم المدان يجب ألا يعاقب مرتين”.

“على وشك انفجار ساخط”

وكان السيسي أطلق، أواخر عام 2021، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي وثيقة من 78 صفحة تحتوي على 4 محاور رئيسية في مجال حقوق الإنسان، وأنهى حالة الطوارئ في البلاد واستبدلها بقوانين أخرى.

وقال شيحة إن الدولة “أطلقت الحوار الوطني للاستماع للأصوات المعارضة، والوصول لتوافق وطني واسع.. وأول مخرجات هذا الحوار تحقيق المطالب الشعبية بالإشراف الكامل على الانتخابات الرئاسية”.

ومع ذلك، استمرت المنظمات الحقوقية في الانتقاد. وقال منظمة العفو الدولية إن الاستراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقتها مصر جاءت “لإخفاء سِجِلها الحقوقي المروع، وصرف الانتباه عن الانتقادات المُوجَّهة إليها بشأنه”.

وأضافت المنظمة في تقرير سابق أن تحليلها “للاستراتيجية أنها تقدم صورة مُضللة بعمق عن وضع حقوق الإنسان في مصر”.

الخارجية الأميركية تتنازل عن بعض شروط حقوق الإنسان بشأن المساعدات لمصر

أكد مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن ومن منطلق مصلحة الأمن القومي الأميركي قرر التنازل عن بعض الشروط المتعلقة بحقوق الإنسان بشأن المساعدات العسكرية لمصر للسنة المالية 2022.

وقال الشوبكي إن كثيرا من الانتقادات أصبحت تأتي “من الداخل” وبعض الأطروحات “قيلت في فعاليات حضرها رئيس الجمهورية نفسه”.

وأضاف أن على الدولة “الأخذ بعين الاعتبار الآراء في الداخل والانتقادات التي توجه داخليا، لأن احترام حقوق الإنسان قيمة عليا تتجاوز طبيعة النظام السياسي وتوجهاته”.

وفي هذا السياق، يستبعد حسن وجود “إرادة موحدة لنظام الحكم” لإجراء إصلاحات ملموسة في مجال حقوق الإنسان.

وقال إنه “بالنسبة للسيسي، فهو بالقطع ضد أي إصلاح جدي في حقوق الإنسان.. بالنسبة للخاسر الأكبر من خصم مئات ملايين الدولارات من المعونة (أي الجيش)، فقد يكون لديه استعداد لمرونة نسبية”.

واستطرد قائلا: “لكني أظن أن دوائر أخرى داخل الحكم قد يكون لديها استعداد لإصلاح حقوقي وسياسي حتى بدون التهديد بالمعونة العسكرية الأميركية، لأن هذه الدوائر تخشى أن (تكون) مصر على وشك انفجار شعبي ساخط، ما يستوجب توسيع قاعدة الحكم وانفتاح سياسي جاد”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *