أرجع الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، سحب جيش الاحتلال الإسرائيلي قطاعات من قواته المتواجدة في قطاع غزة، إلى انغلاق الأفق العسكري، والفشل في تحقيق سيطرة حقيقية على المناطق السكنية بالقطاع، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية، فضلا عن تغير مزاج الشارع الإسرائيلي والموقف الدولي.
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد ذكرت أن الجيش أصبح بالفعل في خضم الانتشار للمرحلة الثالثة، حيث يخطط لتسريح عدد من جنود الاحتياط، في حين ستشمل التعديلات المرتقبة إنشاء منطقة عازلة داخل غزة، كما لفتت الصحيفة إلى أن مراكز القيادة المختلفة تستعد بالفعل لتغيير كبير في يناير/كانون الثاني المقبل.
ويرى الدويري أن المنطقة العازلة التي يسعى الاحتلال لإنشائها، تعادل ثلث مساحة غزة وقت تصل إلى نصفها، لافتا إلى أن هذا الإجراء سيكون خطيرا حال تنفيذه، لأن المنطقة المستهدفة هي بمثابة السلة الغذائية لسكان القطاع، وإذا حرم منها أهالي غزة فلن يكون لديهم ما يقيم الحياة إلا ما يسمح به الاحتلال.
وأوضح أن هذه المنطقة على طول الحدود وبعمق 200 إلى 300 متر داخل المناطق المبنية، ويعمل الاحتلال على تدميرها بشكل ممنهج منذ 3 أيام، سعيا لفرض واقع جديد يسهل له الإجراءات التي يسعى لتنفيذها خلال ما سماها المرحلة الثالثة للعملية البرية.
ويرجع الدويري استمرار التصعيد الميداني الحاصل إلى اتساع الفجوة بين طرح الجانبين في المسار السياسي، في ظل انغلاق الأفق حتى اللحظة أمام خيار التفاوض، حيث يعرض الجانب الإسرائيلي إطلاق سراح المحتجزين مقابل هدنة، في حين تصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على وقف العدوان قبل أي مفاوضات.
ويشدد الخبير العسكري على أن المحتجزين الإسرائيليين في غزة يمثلون الورقة الوحيدة الرابحة بيد حماس وقوى المقاومة، وفي حال فقدها سيعود الحديث أكثر عن مرحلة ما بعد حماس في غزة، أو تفريغ القطاع من سكانه، ومن ثم فلا يعقل أن تفرط حماس بهذه الورقة.
وتوقع الدويري استمرار التصعيد بشكل محموم، حيث لم يعد لدى الاحتلال أوراق أخرى لاستخدامها، لافتا إلى أن تصعيده المتزايد يحاول من خلاله كسر إرادة حركة حماس للقبول بشروط معينة أو تقديم تنازلات جوهرية عند التفاوض.
لكنه يرى أن المرحلة الثالثة للعملية البرية الإسرائيلية بمثابة “مشروع فاشل”، حتى وإن أتمت قوات الاحتلال إعادة تموضعها وتحديد منطقة عازلة، فإنها لن تستطيع توفير الأمن والاستقرار لقواتها المتمركزة في تلك المناطق، وستعاود الانسحاب منها مرة أخرى.
ولفت إلى توارد معلومات عن تمرد في الوحدات الدنيا على مستوى الكتائب في بعض المناطق كالشجاعية، حيث بدأت مجموعات من الجنود ترفض أوامر الدخول في المعركة، لذا يسعى الجيش لتدارك الأمر ومحاولة الخروج بمظهر المنتصر عبر عملية إعادة التموضع.