إسلام أباد – قال وزير الدفاع الباكستاني الأسبق والجنرال المتقاعد نعيم خالد لودهي، إن ما قامت به المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي (معركة طوفان الأقصى) يعتبر معجزة عسكرية بكل المعايير.
وأكد لودهي في حديث للجزيرة نت أن تقوم مجموعة من المقاتلين يُعدون بالمئات من قطاع غزة بالهجوم على ثكنات عسكرية لجيش كبير متطور محصن بأحدث وسائل الحماية المتطورة وتحيط به سياج إلكترونية وأخرى أسلاك شائكة بالإضافة للأسوار العالية، لا يمكن وصفه إلا بالخارج عن المألوف.
وأضاف لودهي أن أي عسكري يتابع الحالة الإسرائيلية، يجد أن الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة ويقوم بمناورات كثيرة وتدريبات متواصلة، إلى جانب التسليح بكل ما هو متطور من أسلحة وأدوات تأمين ومراقبة وإنذار وعلى أعلى المستويات.
وأضاف أنه رغم ذلك تمكنت مجموعة من المقاومين الفلسطينيين في عملية طوفان الأقصى من اختراق كل ذلك وإيقاع خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، وأردت المئات منهم قتلى واستولت على ثكناتهم العسكرية لعدة ساعات كما استطاعت الحصول على أجهزة الكمبيوتر التي كانت هناك واستولت على معلومات استخبارية عالية الأهمية.
ويكمل لودهي حديثه بأن جيش الاحتلال تعرض لمفاجأة كبيرة مكث بعدها عدة ساعات دون أن يعرف ما الذي يحدث وكيف عليه أن يتصرف، حيث تمكن المقاومون من اختراق المنظومة الأمنية وتعطيل كاميرات المراقبة، وهو الأمر الذي أتاح للفلسطينيين إكمال مهمتهم من مهاجمة العدو وتحقيق الأهداف والانسحاب بأقل الخسائر.
وأثنى على عناصر المقاومة الفلسطينية، الذين وصفهم بالرجال الصادقين والجنود الشجعان، مؤكدا أن ما تم لم يكن ليتحقق لولا التدريب العسكري المتواصل وعلى أعلى المستويات، إلى جانب إيمانهم العميق بقضيتهم وفدائيتهم العالية.
واعتبر الجنرال أن المقاومة الفلسطينية من خلال عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر/تشرين الأول شرخت الصورة التي كان الجيش الإسرائيلي يحرص على أن يظهر بها، بأنه الأقوى في المنطقة ولا أحد يستطيع أن يغير هذه الصورة، وكل التجارب السابقة كانت تظهره بالمنتصر على الجيوش العربية، فجاءت المقاومة الفلسطينية وكسرت هذه الصورة، مشيرا إلى قناعته بأن قتلى الإسرائيليين جراء هذا الهجوم أكثر بكثير مما هو معلن.
وأضاف أن الذين يسقطون من الإسرائيليين في الهجوم على غزة أكثر مما هو معلن، معتبرا أن هناك سيطرة على وسائل الإعلام الإسرائيلية حتى لا يتم ذكر إلا ما تسمح به قوات الاحتلال.
وعن الخسائر الكبيرة في الأرواح التي قدمها الفلسطينيون بعد عملية طوفان الأقصى، اعتبر الجنرال الباكستاني أن أي حرب تحرير في أي مكان في العالم يتبعها عادة فاتورة كبيرة في الأرواح والتكاليف المادية، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية انتصرت في طوفان الأقصى منذ البداية، وهو الأمر الذي يعيه الإسرائيليون، فكان رد فعلهم جنونيا، فتمادوا في قتل الأبرياء وتدمير البيوت والمستشفيات والمدارس.
وطالب لودهي الدول العربية والإسلامية بتقديم الدعم المالي والعسكري للفلسطينيين حتى يتمكنوا من دحر الاحتلال الإسرائيلي للأبد، مشيرا إلى أنه بينما إسرائيل تتلقى دعما عسكريا وماديا من أكبر دول في العالم، نجد الفلسطينيين يواجهون كل هذا العدوان منفردين من دون حتى أن يقدم لهم الدعم الصحي أو حتى الطعام لأطفالهم.
طوفان الأقصى تأخر كثيرا
من جهته، أشاد مدير مركز إسلام آباد للدراسات السياسية عبد الكريم شاه، بالعمل المقاوم في غزة، وقال إنه لا أحد يستطيع أن يلومهم على ما قاموا به في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فهم منذ أكثر من 75 عاما تحت الاحتلال، وأكثر من 17 عاما وهم في حصار يمنعهم من الحركة بحرية والخروج والدخول من القطاع.
وفي لقاء مع الجزيرة نت أضاف عبد الكريم شاه “لا يستطيع الإنسان تحمل كل تلك السنوات رغم ذلك صبر الفلسطينيون بل تعرضوا للعدوان الإسرائيلي بين وقت وآخر، وعندما فقدوا الأمل بالتخلص من الاحتلال وفك الحصار بالطرق السلمية اضطروا لمهاجمة عدوهم حتى يعيشوا حياة طبيعية”.
وإزاء الخسائر الكبيرة في الأرواح والمباني التي تعرضت لها غزة بعد طوفان الأقصى، أكد شاه أن كل ذلك يرخص في سبيل الحرية والتخلص من الاحتلال.
وعن موقف الباكستانيين تجاه ما يحدث في غزة، بين شاه أن كل الباكستانيين تقريبا بمثقفيهم وناشطيهم يتألمون لما يحدث في فلسطين، وقال إن أي نشاط أو حديث يدور بين المثقفين تكون غزة حاضرة دائما، مشيرا إلى الكثير من الأنشطة والاحتجاجات والمظاهرات شهدتها باكستان، بالإضافة إلى حملات مقاطعة سلع الشركات المناصرة للاحتلال.
ولفت إلى أنه والكثير من الباكستانيين يشعرون بالاستغراب مما يجري في غزة من هول الفظائع وانهيار قيم الأخلاق وحقوق الإنسان التي تدعو لها الدول المتقدمة، كما تلاشت قوانين الحرب، كل ذلك برعاية أميركية وبريطانية ودعم من بقية دول الغرب.
فلسطين مكانتها عالية
وأكد مدير الشؤون الخارجية في الجماعة الإسلامية الباكستانية آصف لقمان قاضي، المكانة الكبيرة للقضية الفلسطينية عند الباكستانيين عامة والجماعة الإسلامية بشكل خاص.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن ما يحدث بحق “الأشقاء في غزة” جريمة حرب بكل المقاييس، وأن الغرب شركاء في هذه الجريمة.
وأنكر قاضي الصمت العالمي تجاه غزة، مشيرا إلى أنه من الواجب منع هذا العدوان بكل الأشكال وإنقاذ النساء والأطفال والأبرياء.
ولفت إلى قيام الكثير من الأنشطة الشعبية والاجتماعية في باكستان نصرة لأهل غزة، مؤكدا أن الجماعة الإسلامية جزء أصيل من ذلك، إلى جانب جمع التبرعات لصالح المتضررين.
وخلال تطواف الجزيرة نت في شوارع العاصمة الباكستانية إسلام آباد، كان الكثير من المؤشرات حاضرة لدعم غزة، فالعلم الفلسطيني يرفرف فوق البنايات، وملصقات دعم غزة منتشرة في الأزقة، إضافة إلى حملات المقاطعة للسلع التي تتبع شركات داعمة للاحتلال.
ونحن جلوس في أحد المطاعم اعترض زبون على توفير ماء يتبع لشركة داعمة لإسرائيل، وطالب بتغيير الماء وحث المطعم على عدم التعامل مع هذه الشركة وإلا قاطع المطعم، ناصحا أصدقاءه بذلك، فوعدت إدارة المطعم بالالتزام.
مشاعر الباكستانيين
وعند سؤالنا للخمسيني سليم شاهزاد عن شعوره تجاه غزة، لم يتمالك الرجل نفسه وأخذ يجهش بالبكاء، مشيرا إلى أن الغزيين يتعرضون لظلم كبير من الإسرائيليين، وأن العرب والمسلمين مقصرين جدا بحقهم.
وقال لو تفتح الأبواب نحو غزة “لوجدتني وملايين الباكستانيين يهبون لمساعدة الفلسطينيين للتخلص من الاحتلال”.
وكذلك الثلاثيني أسامة المنصوري أكد أنه لا تكاد تجد أحدا في باكستان إلا ويتعاطف مع غزة ويود لو يستطيع أن يقدم لهم العون، مشيرا إلى أن الباكستانيين قد يختلفون حول كل شيء إلا قضية فلسطين وكشمير.
ومعظم من تحدثت الجزيرة نت معهم أبدى تعاطفه وتأييده لقضية فلسطين واستنكاره لما تقوم به إسرائيل من قصف وتدمير وذبح للمدنيين.
يشار إلى أن حركة حماس كانت قد أثنت أكثر من مرة على موقف وجهود باكستان حكومة وشعبا في دعم الشعب الفلسطيني.
وقد شهدت باكستان منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الكثير من المظاهرات والفعاليات السياسية والشعبية، تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالحرب الإسرائيلية على غزة.