سلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على التحديات التي تواجه اتفاق التطبيع الذي أبرمته إسرائيل وأبوظبي بعد سقوط آلاف الضحايا في غزة من جراء الحرب التي تشنها إسرائيل على حماس.
وقالت نيويورك تايمز إن الإمارات حافظت على علاقاتها مع إسرائيل أثناء الحرب، لكن هذه العلاقات تتعرض لضغوط مع تزايد الغضب من سلوك إسرائيل في الداخل.
وقبل بضع سنوات فقط، كان الكثير من مواطني دولة الإمارات على استعداد للتحدث بحرارة عن علاقات بلادهم الناشئة مع إسرائيل، ولكن الآن، مع القصف الإسرائيلي المستمر لغزة منذ أشهر، زاد الغضب في جميع أنحاء المنطقة، “وأصبح من الصعب العثور على مؤيدين إماراتيين للاتفاق”.
وقال رجل أعمال إماراتي، كان قد روج ذات مرة للعلاقات الاقتصادية، إنه ترك مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي.
ورفض العديد من الإماراتيين إجراء مقابلات مع نيويورك تايمز عن الحرب في غزة أو العلاقات الإماراتية مع إسرائيل. ووافق إماراتي عشريني على التحدث مستخدما اسم “سالم”، قائلا إنه كان يشعر بالتناقض بين التمتع بحياة الرفاهية في بلاده، بينما كانت صور الموت والدمار تأتي من غزة.
وأسفرت اتفاقات أبراهيم، المبرمة عام 2020، برعاية أميركية، عن إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والبحرين والإمارات والمغرب، مما شجع السعودية إلى الدخول في مفاوضات جدية بشأن الانضمام للاتفاقات.
وأكد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في سبتمبر الماضي الاقتراب “أكثر فأكثر” من التطبيع مع إسرائيل، لكن بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، علقت السعودية محادثات الانضمام للاتفاقات.
ومع تصاعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وتشديد الحصار المفروض على سكانه، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، سارعت الإمارات إلى إعلان تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين.
وطالبت الإمارات، مجلس الأمن باعتماد قرار بوقف إطلاق نار فوري ومستدام في غزة، مشددة على ضرورة العمل على التوصل لحل دائم وشامل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
انسحاب غير مرجح من الاتفاق
ورغم هذا الموقف، قال محللون للصحيفة إنه من غير المرجح أن تنسحب الإمارات أو إسرائيل من الصفقة، “فهي تظل شريان حياة دبلوماسيا لإسرائيل، بينما تتدهور علاقاتها مع الدول العربية الأخرى، وقد جلبت للإمارات مليارات الدولارات في التجارة والعلاقات العامة الإيجابية في الدول الغربية”.
ويقول المسؤولون الإماراتيون إنهم ليس لديهم أي نية لقطع العلاقات.
وفي بيان مكتوب لصحيفة نيويورك تايمز، سلطت الحكومة الإماراتية الضوء على كيفية استخدام المسؤولين الإماراتيين العلاقات مع إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وكذلك العلاج الطبي للجرحى من سكان غزة الذين تم نقلهم إلى الإمارات.
وجاء في البيان: “تعتقد أن الاتصالات الدبلوماسية والسياسية مهمة في الأوقات الصعبة مثل تلك التي نشهدها”.
وخلال كلمة بالقمة العالمية للحكومات، وهي تجمع سنوي لقادة دول ورجال أعمال في دبي، أشادت المندوبة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، بـ”التعاون” بين الإمارات وإسرائيل. وقالت: “بسبب هذا التعاون.. لدينا مستشفى ميداني في غزة ولدينا مستشفى بحري يرسو في ميناء العريش” في مصر.
وأضافت أن “هذا لا يكفي بالنسبة لسكان غزة. ما نحتاج إليه وقف إطلاق نار إنساني وحل الدولتين. هل سنحقق ذلك من خلال التحدث إلى الأشخاص الذين يتفقون معنا؟ لا. سنحصل على ذلك من خلال التحدث إلى الأشخاص الذين يختلفون معنا وستظل الإمارات العربية المتحدة فخورة دائماً بفعل ذلك”.
وفي أواخر فبراير، أصبح وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نير بركات، أول وزير إسرائيلي يزور الإمارات منذ 7 أكتوبر، لحضور اجتماع لمنظمة التجارة العالمية.
وقال في مقابلة بعد لقائه مع المسؤولين الإماراتيين إنه “متفائل للغاية”. وأضاف: “هناك القليل من الحساسية بينما لاتزال الحرب مستمرة”، لكن البلدين “لديهما مصالح متسقة، واتفاقيات إبراهيم استراتيجية للغاية بالنسبة لنا جميعا”.
مستقبل “غير مؤكد”
ومع ذلك، يبدو شكل العلاقة بين البلدين “غير مؤكد على الإطلاق”، وفق ما صرح به إسرائيليون وإماراتيون للصحيفة.
وقال محمد باهارون، المدير العام لمركز دبي لبحوث السياسات العامة، في دبي، إن المسار الحالي للحرب لا يبشر بالخير بالنسبة للاتفاقات أو لأمن الشرق الأوسط. وقال: “هذه شراكة، وإذا لم يقم أحد الشركاء بدفع مستحقاته، فهي ليست شراكة بعد الآن”.
وقالت نوا غاستفرويند، المؤسس المشارك الإسرائيلية لـ”تيك زوون”، وهي مجموعة تربط بين رواد الأعمال والمستثمرين الإماراتيين والإسرائيليين في مجال التكنولوجيا، إن “المرحلة الرومانسية من اتفاقيات إبراهيم تلاشت نوعا ما.. لقد دخلنا الآن مرحلة واقعية من إدراك أن الأمر لن يكون سهلاً”.
وتقول نيويورك تايمز إنه على مدى السنوات القليلة بعد توقيع الاتفاق تدفق الآلاف من السياح الإسرائيليين إلى الإمارات. وفي عام 2022، أعلنت الإمارات عن علاقات تجارية بقيمة 2.5 مليار دولار مع إسرائيل.
وتم افتتاح عدد من المطاعم الإسرائيلية في دبي، أحدها أطلق على نفسه اسم “مقهى بيبي”، في إشارة إلى بنيامين نتانياهو.
لكن سرعان ما ظهرت “التصدعات بين الإماراتيين المحبطين، وهم يراقبون توسع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وتشكيل إسرائيل للحكومة الأكثر يمينية في تاريخها”.
ولم يتم تنفيذ عدة خطط لزيارة نتانياهو إلى الإمارات، ولم تتوسع الاتفاقيات لتشمل دولا مثل عمان أو قطر. وبينما واصل المسؤولون السعوديون محادثات التطبيع، فإنهم لا يبدو مهتمين باللحاق بالركب ويطالبون بتنازلات كبيرة.
وفي مؤتمر عُقد في سبتمبر، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، أنور قرقاش، إن العلاقات الإسرائيلية “تمر بوقت عصيب”.