يلعب 5 قادة في إسرائيل دورًا رئيسيًا في تحديد مسار الحرب مع حركة حماس، وذلك من خلال عضويتهم في المجلس الإسرائيلي السياسي الأمني المصغر، الذي شكّله رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، للإشراف على ما يرجح أن تكون أكبر عملية عسكرية تشنها البلاد منذ عقود، بحسب صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
وبعد أن شنت حركة حماس، المصنفة إرهابية، هجمات على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، فإن المجلس الوزاري المصغر – الذي جرى تشكيله عبر صفقة جلبت منافس نتانياهو السابق، بيني غانتس، إلى حكومة طوارئ- سيتمحور دوره على خطوات إدارة الحرب، الهادفة إلى “القضاء على حماس”.
وفي 7 أكتوبر، شنت حركة حماس هجمات على إسرائيل، تضمنت تسلّل المئات من مسلحيها إلى بلدات غلاف غزة، وإطلاق آلاف الصواريخ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل على الهجمات، بقصف مكثف على غزة تسبب بمقتل أكثر من 7000 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، ومن بينهم نساء وأطفال، بحسب آخر حصيلة للسلطات الصحية في القطاع الفلسطيني.
ويتألف المجلس المصغر من 3 أعضاء، هم نتانياهو، وغانتس، ووزير الدفاع يوآف غالانت، مع وجود “مراقبين” هما وزير الشؤون الاستراتيجية وحليف نتانياهو السياسي، رون ديرمر، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، حليف غانتس، غادي آيزنكوت.
بنيامين نتانياهو
في عام 2009، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب الليكود، نتانياهو، بإسقاط حكم حماس على غزة، لكن على الرغم من قيادته البلاد لمعظم السنوات الـ14 التي تلت ذلك، فإن ضابط “الكوماندوز” السابق في وحدة الاستطلاع النخبوية “سيريت ماتكال”، لم يحقق ذلك.
ويقول الأشخاص الذين عملوا مع الرجل البالغ من العمر 74 عامًا، إن “التناقض بين خطابه المنمق وأفعاله الأكثر حذرًا، هو أمر نموذجي في نهجه”، وفق الصحيفة.
“تيدي بير”.. ماذا تعرف عن “جرافة المليون دولار” التي تعتمد عليها إسرائيل بعملياتها البرية؟
في حين يتجمع آلاف الجنود الإسرائيليين على حدود غزة قبل العملية البرية المتوقعة للقضاء على حركة حماس، فإن الكثير من الآمال منعقدة على جرافات عملاقة معدلة يطلق عليها “تيدي بير”، لإنجاح ذلك الاجتياح، بحسب تقرير لصحيفة “إندبندنت” البريطانية.
ورغم أن نتانياهو سمح بعملية برية محدودة في قطاع غزة عام 2014، فإنه “لم يأمر قط بأي شيء بحجم أو تعقيد العملية البرية التي يستعد لها الجيش الإسرائيلي حاليا”.
وأدت هجمات 7 أكتوبر، إلى جعل العملية البرية التي تجنبها نتانياهو في الماضي، “أمراً لا مفر منه”، وفقا لآراء محللين وخبراء.
لكن بعد مرور ما يقرب من 3 أسابيع، فإن الجيش لم يحصل حتى الآن على الضوء الأخضر، مما يثير إحباط الصقور في الحكومة الإسرائيلية، التي توصف أصلا بأنها “أكثر حكومة يمينية” في تاريخ البلاد.
يوآف غالانت
يعتبر وزير الدفاع، وهو رئيس سابق للقيادة الجنوبية في إسرائيل، ولاعب رئيسي في الحرب ضد حماس في الفترة 2008-2009، أحد الأعضاء الأكثر تشددا في حكومة الطوارئ.
وفي أعقاب هجوم حماس، تعهد بأن رد إسرائيل “سيغير الواقع على الأرض في غزة على مدى الخمسين سنة المقبلة“.
وأوضح: “قبل 15 عامًا، عندما كنت قائد الجبهة الجنوبية، فإنني كنت على وشك كسر عنق حماس، بيد أن القيادة السياسية أوقفتني.. وهذا الأمر لن يستمر“.
ويتعارض أسلوب غالانت المتحمس مع نهج نتانياهو الأكثر حذراً، فقد اضطر الاثنان إلى إصدار بيان هذا الأسبوع ينفيان فيه “اختلافهما بشأن كيفية إدارة الحرب”، بعد أن أفادت تقارير إعلامية بأن “التأخير في شن العملية البرية قد تسبب في حدوث احتكاك بينهما”.
وليس هذا الصدام الأول بين الرجلين، ففي مارس المنصرم، أقال نتانياهو غالانت، بعد أن حذر الأخير من أن التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي تسعى الحكومة لإقرارها، “تهدد بإلحاق الضرر بالجيش”.
وتراجع نتانياهو لاحقا، على مضض، عن إقالة وزيره، بعد احتجاجات جماهيرية حاشدة.
بيني غانتس
وكان غانتس جنديا مظليا سابقا، وشغل مجموعة من المناصب العليا في الجيش الإسرائيلي، قبل أن يتولى منصب رئيس الأركان خلال حرب عام 2014 مع حماس.
وكان أحد المعارضين الرئيسيين لحكومة نتانياهو، إلى أن قلب هجوم حماس الأخير، السياسة الإسرائيلية رأسا على عقب.
إسرائيل ترفع حدة هجماتها على غزة.. ودول عربية تستنكر
نفذت القوات الإسرائيلية أكبر هجوم بري في قطاع غزة خلال الليل، في حربها المستمرة منذ 20 يوما مع حماس، وسط تزايد الغضب في الدول العربية من القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع الفلسطيني المحاصر.
ففي أعقاب الهجوم، وافق غانتس – الذي يقود إحدى تجمعات المعارضة الرئيسية في إسرائيل (تحالف الوحدة الوطنية) – على تشكيل حكومة طورائ والانضمام إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
لكنه أصر هو وحليفه، غادي آيزنكوت، على “وضع خطة واضحة لكيفية خروج القوات الإسرائيلية من غزة بعد الحرب، والاتفاق على هيكل الحكم الذي سيحل محل حماس”، وهو أمر لا يزال المخططون الإسرائيليون يسعون جاهدين لوضعه.
وهذه هي المرة الثانية التي يتحالف فيها غانتس مع نتانياهو، ففي عام 2020، وبعد 18 شهرًا من الجمود السياسي، شكّل الرجلان حكومة وحدة لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
لكن تلك الحكومة انهارت بعد 7 أشهر فقط، حيث جرى إجبار نتانياهو على حلها، قبل أن يتمكن غانتس من خلافته كرئيس للوزراء.
رون ديرمر
وبحسب تقرير الصحيفة اللندنية، فإنه “لا أحد في السياسة الإسرائيلية أقرب إلى نتانياهو” من حليفه القديم ديرمر.
فعندما كان نتانياهو وزيرا للمالية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قام بتعيين ديرمر، الذي يوصف بأنه خطيب مفوه، والذي ينحدر من عائلة نشطة سياسيا من فلوريدا، كملحق اقتصادي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
وفي عام 2013، أقدم نتانياهو على تعيين ديرمر سفيرًا لدى الولايات المتحدة.
وعندما عاد نتانياهو إلى السلطة في يناير الماضي، عيّن صديقه المخلص وزيرا للشؤون الاستراتيجية، وعهد إليه بعدد من الملفات الخارجية الحساسة، وفق الصحيفة.
وكان من أهم تلك الملفات، دوره البارز في حملة تطبيع العلاقات مع السعودية، والتي كانت على أشدها قبل هجوم حماس الأخير.
ولعب ديرمر أيضًا دورًا مهمًا في إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تعتبر الشريك الأمني الأكثر أهمية لإسرائيل.
غادي آيزنكوت
خلف غادي آيزنكوت حليفه غانتس في منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وذلك قبل أن يتبع خطاه في عالم السياسة، حيث تم انتخابه في البرلمان العام الماضي، كعضو عن “تحالف الوحدة الوطنية“.
وخلال فترة وجوده في الجيش، كان له، بحسب مصادر الصحيفة البريطانية، دور مهم في “مواجهة أخطار الميليشيات المتحالفة مع إيران، المتواجدة في سوريا”.
كما ترأس القيادة العسكرية الشمالية لإسرائيل، مما منحه خبرة طويلة في قتال مليشيات حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران.
ويقول عنه مسؤول الاستخبارات الإسرائيلي السابق، مايكل ميلشتاين: “هو ليس رجل الكلمات والأحاديث الصاخبة، بل هو قائد شديد التركيز“.
وأضاف: “أشخاص مثل غانتس وآيزنكوت يكونون أقوياء، لكنهم في نفس الوقت يتصفون بالواقعية والاتزان“، حسب ما ذكرت “فاينانشال تايمز”.