تغير خطاب المعارضة التركية تجاه ملف اللاجئين والعرب، بشكل غير مسبوق، بعدما ركّز في السنوات الأخيرة على استخدام ورقة اللاجئين للتأثير على الناخب التركي في محاولة لكسب أصوات الساخطين على سياسات الحزب الحاكم في ملفات عدة.
تصريحات غير مسبوقة
ففي تصريحات وُصفت بأنها نقطة تحول في خطاب حزب الشعب الجمهوري تجاه اللغة العربية واللاجئين، قال زعيم أكبر حزب معارض في البلاد أوزغور أوزال، إن استهداف اللوحات المكتوبة باللغة العربية قد يسبب جرحًا للكثيرين إذ إنها لغة القرآن.
وحذّر أوزال من استخدام كلمة “عربي” كمسبة، مشددًا على أن رؤساء بلديات المعارضة لن يشاركوا فيما سماها “بالممارسات الشعبوية المعادية للأجانب”.
وأضاف: “اللغة العربية هي اللغة الأم لنحو 6 ملايين مواطن تركي من أصول عربية، وعدم احترامها يعني عدم احترام هؤلاء”.
وأوضح: “كسياسي يمتلك وجهة نظر يسارية واجتماعية ديمقراطية ضد السياسيين والسياسيات التي تؤدي إلى قدوم اللاجئين، لا يمكنني أبدًا أن أكون ضد المهاجرين”.
وشدد أوزال على ضرورة أن تعد تركيا حزمة إجراءات تشجع المهاجرين على العودة إلى وطنهم، لافتًا إلى أنه يدافع عن وجهة نظر تقوم على إحلال السلام مع سوريا.
ولفت إلى أهمية الحوار مع النظام السوري قائلًا: “يجب أن يكون هناك حوار مع الرئيس الأسد وأرى التحريض على الحرب الأهلية في دولة جارة هي السبب الرئيس في الهجرة وهذا خطأ”.
وانتقد أوزال تصريحات رؤساء البلديات التابعة لحزبه بسبب استهدافهم السوريين في خطاباتهم الشعبية، وكذلك تضييق الخناق عليهم من خلال فرض رسوم عالية على معاملات الزواج، قائلًا: “هذه الأمور ليست من اختصاص الإدارات المحلية”.
دوافع تغيير الخطاب السياسي للمعارضة
وفي تعليقه عن سبب تغير خطاب المعارضة بشأن ملف اللاجئين والعرب، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو إن خطاب المعارضة السياسي تغيّر بعد فشلها الذريع في انتخابات الرئاسة العام الماضي، إذ رفع مرشح الطاولة السداسية ورئيس حزب الشعب الجمهوري السابق كمال كليتشدار أوغلو شعار “ليرحل السوريون”، ورغم ذلك فاز الرئيس أردوغان.
وأضاف في حديثه مع الجزيرة مباشر: “أوزال فهم أن ورقة العرب واللاجئين أثبتت عدم تأثيرها على الناخب التركي، لذلك أراد أن يصحح مسار الحزب وألا ينخرط في مثل هذه القضايا التي أثرت بالسلب على الاقتصاد”.
وتابع: “الآن وبعد فوز المعارضة في المدن والبلديات الكبرى بدأت تستشعر مدى مسؤوليتها في الداخل والخارج، وفي عالم السياسة لا يجب أن تكون لدى قوة سياسية أجندة عنصرية”.
عين على انتخابات الرئاسة 2028
من ناحيته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو للجزيرة مباشر أن الخطاب السياسي لأوزال يرمي إلى اللعب على ورقة انتخابات 2028.
وأكد عودة: “أوزال عمد إلى تغيير خطابه تجاه اللاجئين والعرب كخطوة تخدم بالدرجة الأولى منصبه الجديد، إذ يريد أن يثبت لقادة حزبه بأنه يستطيع أن يصل إلى سدة الحكم في الانتخابات الرئاسية لعام 2028، كما أنها رسالة مبطنة لأكرم إمام أوغلو الذي سعى خلال انتخابات البلدية لفرض فكرة أنه الرئيس القادم”.
ولفت إلى أن أوزال يخطو في اتجاهات عدة، الأولى تجاه الحزب وترتيب الأوراق داخله، والثانية إقناع الناخب التركي بأنه قادر على تولي مقاليد الحكم، والأولوية هي مصلحة الشعب بجميع أطيافه وأعراقه المختلفة.
وأشار إلى أن “أوزال يريد إظهار أنه منشغل بقضايا الأمة العميقة وليس القضايا الفرعية كأزمة اللاجئين، وهذا ما ظهر بعد لقائه مع أردوغان، والذي ينم على أن هناك توافقات سياسية بين الحزب الحاكم وغريمه المعارض، وكذلك يريد التوافق مع الأحزاب كافة، ليحقق ما بدأه خلال انتخابات البلدية الماضية وهي إيصال حزب الشعب الجمهوري إلى سدة الحكم”.
مستقبل تركيا بعد تغير خطاب المعارضة
وعن مستقبل تركيا بعد تغير خطاب المعارضة، أوضح عودة أن لها نتائج إيجابية بشكل كبير على البلاد وهو ما ظهر في العلاقة الصحية بين الحزب الحاكم وزعيم حزب الشعب الجمهوري الجديد، إذ تفاهموا في قضايا عدة مهمة وعلى رأسها تقويم اتجاه بوصلة البلاد إلى مسارها الصحيح.
ولفت إلى أن هذا التوافق سيؤثر في الوجود العربي بشكل إيجابي في تركيا، خاصة بعد اللقاءات التي جرت بين مسؤولين في دائرة الهجرة ووزير الداخلية التركي علي يارلي كايا الذي شدد بشكل واضح على مراعاة وضع اللاجئين.
من جهته، أكد المحلل السياسي فراس رضوان أوغلو أن تغير الخطاب والتوافق بين الأحزاب السياسية المختلفة سيؤثر بإيجاب في علاقات تركيا الخارجية خاصة مع الدول العربية، لكي يعم السلام على المنطقة بالكامل بما في ذلك سوريا.
واعتبر أن توافق تركيا الخارجي خاصة مع دول الخليج ومصر سيفيد أنقرة في القطاعين السياحي والاقتصادي.