كشفت السلطات السعودية، السبت، أن السبب وراء حالات التسمم المسجلة بأحد مطاعم العاصمة الرياض مؤخرا، يعود إلى وجود بكتيريا من نوع “كلوستريديوم بوتولينوم” المسببة للتسمم الوشيقي في عينة من مادة “المايونيز”.
وبحسب وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، أظهرت نتائج التحاليل المخبرية التي أجريت وجود بكتيريا “كلوستريديوم بوتولينوم” (مطثية وشيقية) المسببة للتسمم الوشيقي في عينة من مادة “المايونيز” في منتجات المنشأة الغذائية المشار إليها.
ومع اتضاح وجود تلك المادة في أحد المصانع أيضا، أعلنت الوزارة وبالتعاون مع الهيئة والجهات ذات العلاقة، باتخاذ إجراءات إضافية تضمّنت توزيع مُنتج “المايونيز” وسحبه من الأسواق والمنشآت الغذائية في جميع مدن المملكة، وإيقاف المصنع تمهيدا لتطبيق الإجراءات النظامية، وذلك حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية.
وأسفرت حادثة التسمم عن إصابة 50 شخصا تأكد تشخيص حالاتهم بالتسمم الغذائي الوشيقي، بالإضافة إلى “43 حالة تعافت وخرجت من المستشفى”، و11 حالة منومة بالأجنحة، و20 حالة تتلقى الرعاية بالعناية المركزة، إضافة لحالة وفاة واحدة”.
وأكدت السلطات السعودية أن الحالات المرصودة البالغ عددها 75 حالة، “منها 69 مواطنا و6 مقيمين”، وارتبطت جميعها بتفشي تسمم غذائي، يعود لمصدر واحد، قبل أن يكشف البيان الأخير أن مصدره وجود بكتيريا كلوستريديوم بوتولينوم المسببة للتسمم الوشيقي في مادة المايونيز.
ما هو التسمم الوشيقي؟
ويعد التسمم الوشيقي من الأمراض النادرة لكن الخطيرة كونه يصيب العضل بالشلل بسبب ببكتريا “توكسين البوتولينوم” التي تنتجها البكتريا الشائعة كلوستريديوم بوتولينيوم.
ويوجد هذا النوع من البكتيريا في التربة، وتنتشر بصورة عادية كجرثومة خاملة. ومن الممكن أن تتحول الجرثومات إلى بكتريا نشطة في البيئات منخفضة الأوكسجين ( على سبيل المثال الأطعمة المعلبة والجروح العميقة والقنوات المعوية)، وهذا ما ينتج البوتولينوم، وفقا لهيئة الصحة التابعة لولاية ميشغان.
وقد لا يكون لهذا السم لون أو طعم أو رائحة إذا وضع في محلول سائل. كما يعد توكسين البوتولينوم من أكثر السموم المميتة التي تتشكل بصورة طبيعية من مواد معروفة بالنسبة للإنسان، وقد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يخضع المصاب للعلاج المناسب.
والتسمم الوشيقي البشري هو تسمم يُنقل بالأغذية أساسا غير أنه يمكن حدوثه أيضا نتيجة للإصابة بعدوى معوية بالمطثية الوشيقية لدى الرضع وبسبب جرح وعن طريق الاستنشاق، بالإضافة إلى أشكال أخرى.
التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية
وتعتبر منظمة الصحة العالمية التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية، بأنه “مرض وخيم يمكن أن يكون مميتا، غير أنه نادر نسبيا”.
وبحسب المنظمة، فإن التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية والناجم عن استهلاك أغذية لا تجهَّز على النحو الواجب يبقى “مرضا نادرا”، غير أنه يحتمل أن يكون مميتا إن لم يشخّص بسرعة ويعالج عن طريق مضاد للسموم.
وتمثل المواد الغذائية المعلبة أو المحفوظة أو المخمرة المصنوعة منزليا، مصدرا شائعا من مصادر التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية ويتطلب تحضيرها توخي المزيد من الحذر، وفقا للهيئة الأممية.
وينتج هذا التسمم عادة عن ابتلاع سموم عصبية أي سموم الوشيقية التي تتكوّن في الأغذية الملوثة. ولا ينتقل التسمم الوشيقي من شخص إلى آخر.
وتُبتلع سموم الوشيقية عن طريق أغذية لا تجهَّز على النحو الواجب وتبقى فيها الجراثيم أو الباكتيريا على قيد الحياة ثم تنمو وتولد السموم.
ووفقا لهيئة الصحة التابعة لولاية ميشيغان الأميركية، فقد يحدث التسمم الوشيقي الغذائي عادة بسبب تناول أطعمة معلبة في المنزل بها درجات قليلة من الحمضيات، مثل نبات الهليون والفاصوليا الخضراء والذرة.
ولكن قد يظهر التسمم الوشيقي من مصادر كثيرة غير عادية مثل الثوم المطحون في الزيت والفلفل الحار والطماطم والبطاطس المشوية بطريقة غير مناسبة والملفوفة في رقائق الألومنيوم الأسماك المعلبة في المنزل أو المخمرة.
أعراض التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية
وتسبب سموم الوشيقية تسمم الأعصاب وتؤثر بالتالي في الجهاز العصبي. ويتميز التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية بالإصابة بشلل رخو نازل يمكن أن يسبب فشل الجهاز التنفسي.
وتشمل الأعراض الأولية التعب الواضح والوهن والدوار ويليها عادة تغيم الرؤية وجفاف الفم وعسر البلع والنطق. وقد تظهر أيضا أعراض القيء والإسهال والإمساك والتورم البطني.
ويمكن أن يتطور المرض ليؤدي إلى الشعور بالوهن في العنق والذراعين ثم يصيب عضلات الجهاز التنفسي وعضلات الجزء الأسفل من الجسم. ولا يُصاب بالحمى ولا يُفقد الوعي، وفقا للمنظمة الصحية العالمية.
ولا تظهر الأعراض نتيجة للجرثومة في حد ذاتها بل نتيجة للسم الذي تولده. وتظهر عادة في غضون فترة تتراوح بين 12 و36 ساعة (وتستغرق فترة تتراوح بين أربع ساعات كأدنى حد وثمانية أيام كأقصى حد) بعد التعرض.
ومعدل الإصابة بالتسمم الوشيقي منخفض غير أن معدل الوفيات الناجمة عنه مرتفع في حال عدم تشخيص المرض على وجه السرعة وعدم علاجه على النحو الملائم وعلى الفور (بإعطاء مضاد للسموم في وقت مبكر وتوفير العناية التنفسية المركزة). ويمكن أن يكون المرض مميتاً في نسبة من الحالات تتراوح بين 5 و10 في المائة.
كيف يمكن التقليل / الوقاية من التعرض إلى الباكتيريا المسببة؟
تستند الوقاية من التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية إلى الممارسات الجيدة في تجهيز الأغذية، ولاسيما أثناء التسخين/ التعقيم، والنظافة.
ويمكن الوقاية من التسمم الوشيقي المنقول بالأغذية بتعطيل الجرثومة وأبواغها في المنتجات المعقمة بالحرارة (بالتقطير مثلا) أو المعلبة، أو بمنع نمو الجراثيم وتولد السموم في المنتجات الأخرى.
ويمكن تدمير الأشكال الإنباتية من الجراثيم بالغلي ولكن الأبواغ تظل قادرة على الحياة بعد الغلي، حتى إذا استمر لعدة ساعات. ومع ذلك فيمكن قتل الأبواغ بالمعالجة بدرجات الحرارة البالغة الارتفاع مثل تلك التي تُستخدم في التعليب التجاري، وفقا للمنظمة الأممية.
وتشكل الوصايا الخمس لضمان أمان الغذاء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية أساسا للبرامج التعليمية الخاصة بتدريب مناولي الأغذية وتوعية المستهلكين، وتكتسي هذه الوصايا أهمية خاصة في الوقاية من التسمم الغذائي.
وتشمل هذه الوصايا: الحفاظ على النظافة، وفصل الأغذية النيئة عن الأغذية المطهوة، وطهو الأغذية جيداً، والحفاظ على الأغذية في درجات حرارة مأمونة، واستخدام المياه والمواد الخام المأمونة.