بعد سنوات من الضغوط، أعلنت الحكومة الكندية، الأربعاء، الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ولتسير بذلك على خطى الولايات المتحدة التي كانت وضعت تلك الجماعة على قائمة الإرهاب في العام 2019.
وفي حديثه للصحفيين أمام مجلس العموم، قال وزير السلامة العامة الكندي، دومينيك ليبلانك، إن الحكومة تلقت “أدلة قوية ومقنعة للغاية” على ضرورة إدراج الحرس الثوري الإيراني كمجموعة إرهابية بموجب القانون الجنائي، اعتبارا من 19 يونيو.
وبناء على هذا القرار، تستطيع كندا تجميد أصول أفراد التنظيم وملاحقتهم أمام القضاء، إضافة الى حظر كل التعاملات المالية.
ويأتي هذا القرار في سياق توترات بين البلدين اللذين لا يقيمان علاقات دبلوماسية منذ العام 2012.
ومنعت كندا 10 آلاف مسؤول إيراني من دخول أراضيها، بينهم أعضاء في الحرس الثوري، حسب وكالة فرانس برس.
ولطالما ضغط إيرانيون في الخارج وعائلات ضحايا رحلة الطائرة الأوكرانية PS752 التي أسقطتها إيران بعيد إقلاعها من طهران في يناير 2020، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصا وبينهم 85 مواطنا كنديا ومقيما دائما، على أوتاوا لتصنيف الحرس الثوري “كيانا إرهابيا”.
وحسب وكالة روتيرز، فإن كندا تصنف بالفعل فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني في الخارج، جماعة إرهابية.
“بيان الحقائق”
وكان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد أعلن إدراج “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية.
وقبل ذلك، تم تصنيف “الحرس الثوري” من قبل سلطات مكافحة انتشار الأسلحة النووية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية (الأمر التنفيذي رقم 13382) عام 2007، ومن ثم مجددا إثر انتهاكات لحقوق الإنسان ـ إلى جانب “قوات التعبئة الشعبية” (“الباسيج”) و”قوات إنفاذ القانون” ـ بموجب الأمر التنفيذي رقم 13553 عام 2011.
تصنفه الولايات المتحدة جماعة إرهابية، لكنه قوة عسكرية مهيمنة في إيران.. فماذا نعرف عن قوات الحرس الثوري الإيراني؟#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة pic.twitter.com/V8i6T0q9jn
— قناة الحرة (@alhurranews) April 2, 2024
وأشار بيان الحقائق الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بشأن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية أن سلطات مكافحة الإرهاب قد، صنّفت (بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224) “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري ” على أنه “كيان إرهابي عالمي ذو تصنيف خاص” في عام 2007.
كما صنفت السلطات المذكورة “الحرس الثوري” الإيراني نفسه بموجب الأمر التنفيذي 13224 منظمة إرهابية عام 2017.
“قوة سياسية وتجارية”
وقد تأسس الحرس الثوري الإيراني في عام 1979 من قبل مؤسس الجمهورية الإسلامية، روح الله الخميني، بهدف إنشاء جيش من “المؤمنين” الذين ستكون مهمتهم الوحيدة حماية “قيم” و “إيديولوجية الثورة الإسلامية” من التهديدات المحلية والخارجية.
ومع ذلك، مع مرور الوقت، تمكن الحرس الثوري الإيراني من التطور إلى قوة سياسية وتجارية على حد سواء، مما زاد من قبضته داخل أقوى التكتلات والصناعات في البلاد – بما في ذلك النفط والغاز – حيث أضحى له تأثير خارق في الكثير من الشؤون السياسية في البلاد.
وأوضح تقرير أعده مجلس العلاقات الخارجية، وهو منظمة بحثية أميركية، إن الشخص الأكثر مسؤولية عن ظهور الحرس الثوري في وضعه الحالي كان الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني.
وقدر التقرير عدد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني بما يتراوح بين 100 و125 ألفا، والبحرية إلى 20 ألفا، وفيلق القدس بـ5 آلاف.
وأوضح التقرير أن ميليشيا الباسيج، التابعة للحرس الثوري، قادرة على حشد مئات الآلاف من أعضائها لـ”الدفاع عن إيران ضد غزو أجنبي”.
ما هي التداعيات الفعلية لتصنيف ‘الحرس الثوري’ منظمة إرهابية؟
ما هي التداعيات الفعلية لتصنيف ‘الحرس الثوري’ منظمة إرهابية؟
كما يسيطر الحرس الثوري على نحو 200 ألف مسلح من خارج إيران، موزعين على دول العراق ولبنان وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية، وفقا لتقرير نشره موقع قوات مشاة البحرية الأميركية.
وفي هذا السياق، قالت الصحفية والإستاذة في جامعة جورج تاون، الإيرانية – الأميركية تارا كنغرلو، إن هذا الكيان هو واحد من أقوى فروع القوات المسلحة للنظام الإيراني والأكثر تنوعا وكثافة.
ويقدم هذا الكيان القوي، وفقا لمقال نشرته كنغرلو في مجلة التايم، تقاريره مباشرة إلى المرشد الأعلى للبلاد، علي خامنئي.
ويعتبر الباسيج، أو (سازمان بسيج مستضعفين) أي “قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين”، الميليشيا الخاصة داخل الحرس، عماد قوته من جهة، و”مصدرا عميقا للقلق والحقد بين المواطنين الإيرانيين”، وفقا لكنغرلو.
ويمتلك الحرس قوات بحرية و”فضائية” واستخباراتية، ووجودا في عدد من دول المنطقة عبر “فيلق القدس”، وترسانة صاروخية كبيرة، كما أضاف مؤخرا ترسانة من الطائرات بدون طيار المصنوعة محليا.
وأوضحت كنغرلو أن بعض المنضوين في قوات الحرس الثوري هم مدانون سابقون ينضمون إلى القوات لتخفيف عقوباتهم، كما يحتوي آخرين من الانتهازيين الذين يواصلون جمع الثروة من خلال ولائهم لهذا النظام الذي مكنهم من تحقيق صفقات تجارية وصناعية وبترولية، ولهم يد في العديد من التعاملات المربحة داخل القطاعين العام والخاص.
لكن الجزء الأكبر من القوات يتكون من شباب يتبنى أيديولوجية متشددة، ويدين بالولاء التام للمرشد الأعلى للبلاد.
أذرع إيرانية.. وإرهاب
وتسيطر طهران عبر الحرس الثوري بشكل مباشر أو بطرق أخرى ميليشيات وجماعات ضمن ما يسمى “محور المقاومة”، وهو تحالف من فصائل المسلحة التي تضم حركتي الجهاد وحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي قادرة على تهديد الأمن الإقليمي والعالمي.
وعبر تلك المليشيات، نجحت إيران في منافسة القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة، إذ تدعم “مباشرة أو بطريقة غير مباشرة”، أكثر من 20 جماعة مسلحة، غالبيتها مصنفة “إرهابية” في الولايات المتحدة.
وكان الحرس الثوري قد أسس جماعة حزب الله اللبناني في العام 1982 بهدف محاربة القوات الإسرائيلية التي اجتاحت الجنوب اللبناني في ذلك العام، حسب وكالة رويترز.
“أذرع إيران” في الشرق الأوسط.. ما هو “محور المقاومة”؟
تشكل الجماعات المدعومة من إيران ما يسمى “محور المقاومة”، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حركتي الجهاد وحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني.
ويُنظر إلى جماعة حزب الله على نطاق واسع على أنها أقوى من الدولة اللبنانية.
والجماعة بمثابة نموذج للجماعات الأخرى المدعومة من طهران في أنحاء المنطقة وقدمت المشورة أو التدريب لبعض هذه الجماعات.
وتصنف الولايات المتحدة وبعض حلفائها من دول الخليج العربية الجماعة منظمة إرهابية، حيث ثبت تطورها بعمليات إرهابية في البحرين والكويت ودول أخرى.
وتشن جماعة حزب الله المدججة بالسلاح هجمات شبه يومية على أهداف إسرائيلية عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ الثامن من أكتوب الماضي، مما أدى إلى نشوب أعنف تبادل لإطلاق النار بين الخصمين منذ أن خاضا حربا واسعة النطاق في العام 2006.
وفي العراق، برزت جماعات شيعية مدعومة من إيران وتحولت إلى أطراف فاعلة فيه بعد التدخل الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003، والذي أدى إلى إسقاط نظام صدام حسين.
ويقدر عدد مقاتلي هذه الجماعات بعشرات الآلاف، حيث بدأت “المقاومة الإسلامية” في العراق، التي تضم تحت رايتها جماعات مسلحة شيعية، استهداف القوات الأميركية في العراق وسوريا في أكتوبر، قائلة إنها تهدف بذلك للرد على الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ومقاومة الوجود الأميركي في العراق والمنطقة.
كما يتواجد في سوريا ميلشيات طائفية من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان مدعومة من الحرس الثوري، وشاركت في القتال مع القوات النظامية ضد المعارضة، وساعدته في استعادة السيطرة على معظم أراضي البلاد.
وفي اليمن تلقى ميليشيات الحوثي، التي صنفتها الولايات المتحدة “جماعة إرهابية، دعما كبيرا من الحرس الثوري الإيراني، عبر مده بالسلاح وخبرات التدريب وصناعة الأسلحة.
وأعلنت حركة الحوثي دخولها في الصراع في 31 أكتوبر بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ صوب إسرائيل.
وفي نوفمبر، وسع الحوثيون دورهم من خلال مهاجمة السفن في جنوب البحر الأحمر قائلين إنهم يستهدفون السفن التابعة لإسرائيليين أو المتجهة إلى موانئ إسرائيلية، لكن بعض السفن المستهدفة لم تكن لها صلات معروفة بإسرائيل.
وحسب الموقع الرسمي لحكومة الولايات المتحدة، فإن برنامج “مكافآت من أجل العدالة” قد أعلن عن مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار مقابل الإدلاء بمعلومات من شأنها تؤدي إلى تعطيل الآليات المالية لفيلق الحرس الثوري الإسلامي وفروعه المتنوعة كافة بما في ذلك قوة القدس التابعة لفيلق الحرس الثوري.
ووفقا للموقع يموّل الحرس الثوري العديد من الهجمات والعمليات الإرهابية على مستوى العالم.
وتقول الخارجية الأميركية إن الحرس الثوري الإيراني متورط “بشكل مباشر” في قتل مواطنين أميركيين واتخاذ رهائن واحتجاز أميركيين عديدين بشكل غير قانوني.
ويعد النظام الإيراني، وفقا للخارجية الأميركية، مسؤولا عن مقتل 603 جنديا أميركيا على الأقل في العراق، إضافة إلى آلاف العراقيين الذين قتلوا بيد “وكلاء عن الحرس الثوري”.
وتقدم وزارة الخارجية الأميركية مكافآت مقابل الإدلاء بمعلومات متعلقة بمصادر إيرادات فيلق الحرس الثوري أو فيلق القدس التابع له، أو فروعه أو آليات التيسير المالي الرئيسية الخاصة به، لتشمل:
- المخططات المالية غير المشروعة لفيلق الحرس الثوري الإسلامي، بما في ذلك اتفاقيات النفط مقابل المال.
- الشركات الصورية التي تمارس نشاطا دوليا بالنيابة عن فيلق الحرس الثوري.
- والكيانات أو الأفراد الذين يساعدون فيلق الحرس الثوري الإسلامي في التهرب من العقوبات الأمريكية والدولية.
- والمؤسسات المالية الرسمية التي تجري معاملات تجارية مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي.
- كيفية تحويل فيلق الحرس الثوري الأموال والمواد إلى عملائه الإرهابيين والميليشيات وشركائه.
- الجهات المانحة أو الميسرين الماليين لفيلق الحرس الثوري.
- المؤسسات المالية أو مكاتب الصرافة التي تيسر معاملات فيلق الحرس الثوري.
- الأعمال أو الاستثمارات التي يملكها فيلق الحرس الثوري الإسلامي أو مموليه أو تخضع لسيطرتهم.
- الشركات الصورية العاملة في مجال المشتريات الدولية للتكنولوجيا المزدوجة الاستخدام نيابة عن فيلق الحرس الثوري.
- المخططات الإجرامية التي يتورط فيها أعضاء فيلق الحرس الثوري وأنصاره والتي تعود بالفائدة المالية على التنظيم.