وخففت روسيا بعض القيود في 25 سبتمبر، قائلة إنها ستسمح بتصدير الوقود المستخدم في تزويد بعض السفن، والديزل الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت. ولم تقدم الحكومة بعد جدولا زمنيا لأي تخفيف إضافي للقيود.
ويقول المحللون إن المستوردين سيتعين عليهم العثور على بائعين بدلاء حتى تتمكن روسيا من تجديد مخزونها.
ما السبب وراء المشكلة؟
قال تجار إن سوق الوقود في روسيا، وهي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، تضررت بسبب مجموعة من العوامل بما في ذلك أعمال الصيانة في مصافي النفط والصعوبات التي تواجهها السكك الحديدية وضعف الروبل الذي يحفز صادرات الوقود.
وحاولت روسيا معالجة النقص في وقود الديزل والبنزين في الأشهر الماضية لكنها لجأت إلى فرض قيود على الصادرات لمنع حدوث أزمة وقود، وهو ما يمكن أن يكون محرجا للكرملين مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمعة في مارس.
وقال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك في الرابع من أكتوبر تشرين الأول إن القيود عادت بأثر إيجابي، مضيفا أن المخزونات زادت بمقدار 430 ألف طن منذ فرض هذه القيود.
ما حجم المشكلة التي تواجه أسواق الوقود العالمية؟
سيكون لحظر تصدير الديزل الأثر الأكبر لأن روسيا هي أكبر مصدر للوقود عبر البحر في العالم، تليها الولايات المتحدة.
وشحنت روسيا ما متوسطه 1.07 مليون برميل يوميا من الديزل من بداية هذا العام وحتى 25 سبتمبر، وهو ما يزيد على 13.1 بالمئة من إجمالي تجارة الديزل المنقول بحرا، وفقا لشركة فورتيكسا لتحليلات النفط.
وقالت فورتيكسا إن أهمية روسيا كدولة مصدرة أقل فيما يتعلق بالبنزين، إذ شحنت في المتوسط 110 آلاف برميل يوميا في الفترة من الأول من يناير إلى 25 سبتمبر.
إلى متى سيستمر الحظر؟
قالت روسيا إن الصادرات ستُستأنف بمجرد تحقيق الاستقرار في سوقها المحلية، لكنها لم تحدد إطارا زمنيا.
ونقلت صحيفة كوميرسانت عن مصادر لم تسمها في الرابع من أكتوبر أن الحكومة الروسية مستعدة لتخفيف الحظر على تصدير الديزل في الأيام المقبلة.
كما نقلت وكالة تاس للأنباء عن وزير الطاقة نيكولاي شولجينوف القول إن الحكومة “على جميع المستويات” تناقش السماح الجزئي بصادرات الوقود.
وقال محللون من بينهم شركة إف.جي.إي إنرجي للاستشارات إن الحظر على صادرات الديزل يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى أسبوعين قبل أن تجدد روسيا مخزوناتها وتستأنف الصادرات.
وتختلف التوقعات بشأن طول فترة الحظر على صادرات البنزين. وقال جيه.بي مورجان إن الحظر يمكن أن يستمر لأسبوعين حتى انتهاء موسم الحصاد في أكتوبر تشرين الأول، في حين قالت إف.جي.إي إنرجي إن تجديد مخزونات البنزين الروسية قد يستغرق ما يصل إلى شهرين.
من سيكون الأكثر تأثرا؟
بعد أن حظر الاتحاد الأوروبي واردات الوقود الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا، حولت روسيا صادرات الديزل وأنواع الوقود الأخرى التي كانت تتجه إلى أوروبا. ومن شأن الحظر الروسي تغيير تلك التدفقات مرة أخرى.
وأظهرت بيانات إل.إس.إي.جي أن إمدادات الديزل من الموانئ الروسية إلى البرازيل بلغت نحو أربعة ملايين طن في الفترة من الأول من يناير إلى 25 سبتمبر، مقارنة مع 74 ألف طن في عام 2022 بأكمله. ويحل الوقود الروسي محل واردات البرازيل من الديزل من الولايات المتحدة.
وقالت مصادر في السوق إن من شأن استمرار الحظر الروسي لفترة طويلة على صادرات الديزل أن يدفع البرازيل لإيجاد مصدر بديل لما يصل إلى 400 ألف طن من الوقود شهريا.
وأضاف المتعاملون أن تركيا كانت الوجهة الأولى لإمدادات الديزل من الموانئ الروسية بعد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، بإجمالي نحو سبعة ملايين طن منذ بداية هذا العام، لكن سيظل بإمكانها شراء زيت الغاز عالي الكبريت.
من أين ستأتي الإمدادات البديلة؟
قالت مصادر تجارية وملاحية إن من المتوقع أن تلجأ الدول الأفريقية إلى إمدادات زيت الغاز والديزل المشحونة من الشرق الأوسط والهند وتركيا.
وقال متعاملون إن من المرجح أن يتحول المستوردون من أمريكا اللاتينية إلى ساحل الخليج الأميركي والشرق الأوسط.
كما أظهرت بيانات تتبع السفن من كبلر ومصدر من سماسرة السفن أن صادرات الديزل من الشرق الأوسط إلى أميركا اللاتينية بلغت أعلى مستوى في ثمانية أشهر عند 315 ألف طن.
ويمكن لأوروبا أيضا سد جزء من الفجوة الناجمة عن حظر صادرات البنزين الروسية. وقالت إف.جي.إي إن الموردين من شمال غرب أوروبا، الذين فقدوا حصتهم في السوق في غرب أفريقيا لصالح الإمدادات الروسية هذا العام، قد يتدخلون.
ماذا سيعني التغيير في تدفقات تجارة الوقود بالنسبة لأوروبا؟
منذ حظر واردات الوقود الروسية اتجهت أوروبا للبحث عن موردين في مناطق أخرى بما في ذلك الشرق الأوسط. وسوف تزيد الآن المنافسة على هذه الإمدادات بسبب الحظر على الصادرات الروسية، الأمر الذي سيكون له تأثير غير مباشر على أوروبا.
ونتيجة لذلك، قال المتعاملون إنهم يتوقعون أن تعزز مصافي شمال شرق آسيا في الصين وكوريا الجنوبية صادرات الديزل إلى أوروبا.
وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن وبيانات من أحد مصادر سمسمرة السفن أن الصين صدَّرت نحو 190 ألف طن من الديزل إلى أوروبا في سبتمبر، ومن المقرر أن تحمِّل 45 ألف طن في أكتوبر باتجاه الدول الغربية أيضا.