أشارت شبكة “سي إن إن” الأميركية، السبت، إلى أن الأطراف الثلاثة المعنية بالقرار الصادر من محكمة العدل الدولية في لاهاي، بخصوص اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، رحبت بما أصدرته المحكمة، على الرغم من أنه لم يحصل أي منهم على ما طالب به.
الأطراف الثلاثة هنا هم جنوب أفريقيا وإسرائيل والفلسطينيين. وأمرت المحكمة إسرائيل بـ”اتخاذ جميع التدابير” لمنع الإبادة الجماعية في غزة، وذلك بعد اتهام جنوب أفريقيا لها بانتهاك القوانين الدولية الخاصة بالإبادة الجماعية.
كما رفضت المحكمة طلب إسرائيل برد القضية، لكنها لم تصدر أمرا لإسرائيل بوقف الحرب في غزة، وهو ما كانت تطالب به جنوب أفريقيا.
ويجتمع مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، للنظر في قرار المحكمة، وذلك بطلب من الجزائر “بغية إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل الدولية فيما يخص الإجراءات المؤقتة” المفروضة على إسرائيل، حسبما قالت الخارجية الجزائرية.
ودعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى منع ارتكاب أي عمل يُحتمل أن يرقى إلى “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، وإلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إليه.
قرار محكمة العدل.. كيف تفاعلت معه دول العالم؟
أكد الاتحاد الأوروبي أنه يتوقع تنفيذًا “كاملا وفوريا” لقرار محكمة العدل الدولية، الذي رحبت به مصر وانتقدته إسرائيل بشدة.
وقالت المحكمة إن إسرائيل التي تسيطر على كل معابر دخول المساعدات الدولية إلى قطاع غزة، وتفرض عليه حصارا تاما، يجب أن تتخذ “خطوات فورية” لتمكين توفير “المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشكل عاجل”.
يذكر أن هذه الهيئة لا تملك أية وسيلة لتنفيذ قراراتها.
وأدى هجوم 7 أكتوبر إلى مقتل أكثر من 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وخُطف نحو 250 شخصا خلال الهجوم أطلق سراح 100 منهم في نهاية نوفمبر خلال هدنة مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
ردا على الهجوم، بدأت إسرائيل “للقضاء” على حماس عملية عسكرية واسعة النطاق خلفت أكثر من 26 ألف قتيل، الغالبية منهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
ورحب المسؤولون الفلسطينيون بالحكم، وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية أن “على الدول الآن التزامات قانونية واضحة لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، والتأكد من أنها ليست متواطئة”.
وقال البيان إن أمر محكمة العدل الدولية “يجب أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ لإسرائيل والجهات الفاعلة التي مكنتها من الإفلات من العقاب”.
“مانديلا يبتسم في قبره”
أشاد رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوسا، الجمعة، بالحكم ووصفه بأنه “خطوة على طريق العدالة”، مضيفا أنه يتوقع من إسرائيل “الالتزام” به.
وقال رامابوسا في خطاب: “نحن في جنوب إفريقيا لن نقف موقف المتفرجين السلبيين ونشاهد الجرائم التي كانت ترتكب ضدنا تحدث في أماكن أخرى”، في إشارة إلى الانتهاكات التي كانت ترتكب بحق السود في جنوب إفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري.
وأضاف: “نتوقع من إسرائيل، باعتبارها دولة تصف نفسها بأنها ديمقراطية وتحترم سيادة القانون، أن تلتزم بهذه الإجراءات”.
ما الذي يعنيه قرار محكمة العدل الدولية بشأن حرب إسرائيل في غزة؟
خلال جلسة استماع استمرت ساعة واحدة في لاهاي بهولندا، أبقت محكمة العدل الدولية، الجمعة، قضية الاتهام بالإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل حية مع تجاوز عدد القتلى في غزة 26 ألف شخص.
وشاهد رامابوسا، وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية الشهيرة، وقائع نظر الدعوى أمام محكمة العدل الدولية مع زملائه من أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، في تجمع خارج جوهانسبرغ.
وغنّى مسؤولو الحزب ورقصوا بعد قراءة حكم محكمة العدل الدولية، وفق وكالة رويترز.
فيما قال وزير العدل في جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، إن الزعيم الراحل نيلسون مانديلا “سيبتسم في قبره” بعد قرار المحكمة الأممية.
وأضاف في تصريحات لرويترز، أن هذا “انتصار للقانون الدولي بألّا تكون هناك استثناءات لأي جزء في العالم وألا يكون بإمكان إسرائيل أن تكون مُعفاة من الامتثال لالتزاماتها الدولية”.
ترحيب.. ولكن
كما رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بقرار المحكمة الذي لم يأمر بوقف إطلاق النار في غزة، لكنه رفض أيضًا الاتهام بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، ووصفه بأنه “شائن”، مؤكدا أن إسرائيل ستواصل “الدفاع عن نفسها”.
وقال في بيان باللغة الإنكليزية: “مثل كل دولة، لإسرائيل حق أصيل في الدفاع عن نفسها”.
عقب قرار محكمة العدل الدولية.. مجلس الأمن يعقد اجتماعا طارئا
يجتمع مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، للنظر في قرار محكمة العدل الدولية الذي دعا إسرائيل، الجمعة، إلى منع أي عمل “إبادة جماعية” محتمل في قطاع غزة، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية للمجلس.
وتابع: “المحاولة الدنيئة لحرمان إسرائيل من هذا الحق الأساسي هي تمييز صارخ ضد الدولة اليهودية، وقد تم رفضها عن استحقاق”.
ونقلت “سي إن إن” الأميركية في تقريرها، إشادة العديد من المسؤولين الإسرائيليين بالحكم، باعتباره “انتصارا”، حيث قال المتحدث باسم الحكومة، إيلون ليفي، إن المحكمة رفضت الطلب “السخيف” من جنوب إفريقيا “بالتوقف عن الدفاع عن شعبها والقتال من أجل الرهائن”.
كما وصف رئيس التحرير السابق لصحيفة “جيروزاليم بوست”، القرار بأنه “ضربة مدمرة” لمن يتهمون إسرائيل “بارتكاب إبادة جماعية”.
كما صرحت رئيسة قسم القانون الدولي في جامعة حيفا الإسرائيلية، شيلي أفيف يني، للشبكة الأميركية، بأن “الأكثر دراماتيكية هو أنه لم يصدر أمر بوقف إطلاق النار”، مضيفة أن تلك الخطوة كانت “أكبر مخاوف إسرائيل، خصوصا أنها تأتي في ظل وجود 100 شخص محتجزين في غزة”.
كما أضافت أن إسرائيل “كانت ستكافح من أجل الحياة”، حال صدر أمر بوقف إطلاق النار لا يضمن عودة المختطفين لدى حماس.