وسط سياق سياسي محموم، ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن، خطابه عن “حالة الاتحاد”، مساء الخميس بالكونغرس، مستعرضا الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت خلال ولايته، ومهاجما خصومه السياسيين، وخاصة سلفه دونالد ترامب، دون أن يأتي على ذكر اسمه.
واعتبرت صحيفة “بوليتيكو” في مقال تحليلي للخطاب، أن بايدن اختار “المطرقة على حساب غصن الزيتون”، مشيرة إلى أن الرئيس أعطى انطلاقة تنافس انتخابي محموم بعد هجومه على منافسه الجمهوري، دونالد ترامب.
وذكرت الصحيفة، أنه فيما لم ينطق بايدن أبدا باسم ترامب، إلا أنه شدد تكرارا على التهديد الذي يمثله خصمه المحتمل في الانتخابات العامة على البلاد، وركز في بداية خطابه على الحرب في أوكرانيا وهجوم أنصار الرئيس السابق على مبنى الكابيتول بعد خسارته الانتخابات السابقة، وأيضا نقاش الحقوق الإنجابية.
وقالت الصحيفة، إن الخطاب لقي استحسان الديمقراطيين، الذين أمضوا شهورا قلقين بشأن ما إذا كانت لبايدن “القوة اللازمة” للاستعداد الحملة المقبلة.
طمأنة الناخبين
من جانبه، ذكر موقع أكسيوس، أن بايدن، ألقى “خطابا حماسيا” عن حالة الاتحاد، مضيفا أنه “بدا مستمتعا بفرصة التنافس مع الجمهوريين ومواجهة مخاوف الأميركيين بشأن عمره”.
وأورد الموقع، أن خطاب حالة الاتحاد الأخير الذي ألقاه بايدن قبل انتخابات نوفمبر، مثّل فرصة مهمة للرئيس الأميركي لتسليط الضوء على إنجازاته، وقدرته وطاقته، أمام ناخبين متشككين للغاية.
في السياق ذاته، اعتبرت شبكة “سي ان ان”، أن هذه النسخة من جو بايدن “يمكن أن تهزم، دونالد ترامب”.
وفي خطاب حالة الاتحاد، ذكرت الشبكة أيضا، أن الرئيس البالغ من العمر 81 عاما، ركز على التقليل من المخاوف العميقة لدى ملايين الأميركيين، بشأن سنه وقدرته على أن يخدم فترة ولاية ثانية.
وأضافت الشبكة، أنه “ليس هناك ما هو أسوأ بالنسبة للرئيس من أن يبدو ضعيفا”، وبالتالي فإن “كل كلمة وإيماءة ونكتة وعتاب عن سنه كان موجها لإظهار أنه لا يزال قويا”.
وأوضح المصدر ذاته، أن بايدن، أعاد، في خطابه “إحياء سياسي الشارع المشاغب،الذي ميز صورته العامة لعقود من الزمن”، لافتا إلى مثال، استخدامه تعبير “مهاجر غير شرعي” بدلا من مصطلح “مهاجر غير مسجل”، المستعمل سياسيا.
بدورها، قالت صحيفة “واشنطن بوست”، إن بايدن، ألقى “خطابا ناريا” عن حالة الاتحاد، مقدما “حجة قوية” عن استحقاقه ولاية ثانية، بينما هاجم الرئيس السابق دونالد ترامب باعتباره “تهديدا للحقوق الفردية والحرية والديمقراطية”.
وحوّل بايدن الخطاب، بحسب المصدر ذاته، إلى “شكل من أشكال المسرح السياسي”، حيث بدا وأنه يسخر من خصومه، خلال محاولاته تسليط الضوء على الخلافات السياسية بشأن الاقتصاد والهجرة والإجهاض.
“صراع وجودي”
من جهتها، اعتبرت شبكة “إي بي سي نيوز”، أن خطاب بايدن مزج بين تقديم تقييم متفائل للبلاد تحت قيادته، مع صورة رسم صورة قاتمة لما قد يحدث إذا وصل ترامب إلى السلطة مرة أخرى.
في السياق ذاته، تورد صحيفة “نيويورك تايمز”، أن الرئيس، أوضح في خطاب حالة الاتحاد أنه يرى الانتخابات المقبلة بمثابة “صراع وجودي بين الديمقراطية والتطرف”.
وتابعت الصحيفة، أن الرئيس استغل خطابه، لشن “سلسلة من الهجمات النارية ضدس لفه ترامب، الذي لم يذكره بالاسم، لكنه أوضح أنه “يمثل تهديدًا خطيرا للديمقراطية الأميركية والاستقرار في العالم”.
وأوردت، أن بايدن استغل وقته أمام أحد أكبر الجماهير التي سيحظى بها قبل انتخابات نوفمبر، ليخبر الأميركيين أن الحريات الشخصية والعلاقات الدبلوماسية والحكم الديمقراطي في الولايات المتحدة معرض للخطر إذا أعيد انتخاب ترامب.
واعتبرت الصحيفة، أن بايدن، أظهر “الطاقة” التي كان حلفاؤه ومساعدوه يأملون في إظهارها للتحذير مما يمكن أن يحدث إذا استمرت أوكرانيا في خسارة الأراضي أمام روسيا، مشيرة إلى أن استهلاله خطابه بالحديث عن حرب خارجية يبقى “مقدمة غير عادية”.
وذكرت الصحيفة، أن بايدن سعى في خطابه إلى أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، بما في ذلك إرجاع فضل النتائج الاقتصادية الإيجابية إلى إدارته، رغم أن العديد من الأميركيين يقولون إنهم لا يستطيعون الشعور بآثارها.
انتقادات للخطاب
من جهتها، ذكرت شبكة “فوكس نيوز”، أن خطاب بايدن، تعرض لانتقادات باعتباره يشبه “خطابا خاصا بحملة الانتخابية”، حيث تطرق إلى العديد من القضايا السياسية الديمقراطية، ونقاط الحوار التي تسلط حملته الضوء عليها ضمن جهود إعادة انتخابه.
وعددت “فوكس نيوز” المرات التي أشار فيها بايدن على مهاجمة ترامب، بدءا من مهاجمته خلال الحديث عن الحرب في أوكرانيا وعن “انحنائه لبوتين”، مرورا إلى أزمة الهجرة حيث ألقى عليه اللوم في تعطيل مشروع قانون الحدود، قبل الوصول إلى موضوع الإجهاض.
وأشارت الشبكة، إلى أن معلقين محافظين انتقدوا خطاب الرئيس عن حالة الاتحاد باعتباره “غاضبا ومظلما، بدلاً من كونه مشرقا وطلائعيا”.
ونقلت الشبكة، تصريحات كاتب خطابات سابق في إدارة الرئيس جورج بوش الابن، والذي وصف خطاب بايدن بأنه “وصمة عار مطلقة” و”الأكثر حزبية” في التاريخ الحديث.
وقال مارك ثيسين، إن مهاجمة بايدن لخصمه مباشرة في الدقائق الأولى من خطابه “أمر غير مسبوق وربما البداية الأكثر حزبية لخطاب حالة الاتحاد في الذاكرة الحديثة،”.
وتابع “لا ينبغي أبدًا السماح لهذا الرجل بالصعود إلى منصة مجلس النواب وإلقاء خطاب حالة الاتحاد مرة أخرى”.
ووصف الرئيس السابق، ترامب، خطاب حالة الاتحاد، بـ”الغاضب” و”المستقطب”. وفي أعقاب خطاب بايدن، كتب ترامب على منصته الاجتماعية “تروث”: “قد يكون هذا الخطاب الأكثر غضبا والأكثر امتلاء بالكراهية والأسوأ على الإطلاق عن حالة الاتحاد.. لقد كان محرجا لبلدنا!”.
كتب ترامب “يبدو غاضبا جدا عندما يتحدث، وهي سمة الأشخاص الذين يعلمون أنهم يفقدون عقلهم. الغضب والصراخ لن يساعدا في إعادة التماسك إلى بلادنا”.
وقال ترامب، منتقدا خطاب بايدن، إن هذا الأخير “بالكاد ذكر الهجرة، أو الحدود الأسوأ في تاريخ العالم”، مشيرا إلى أنه “لن يصلح قضية الهجرة أبدا، ولا يريد ذلك”.
وتابع: “يريد أن تغمر بلادنا بالمهاجرين. سوف ترتفع الجريمة إلى مستويات لم يسبق لها مثيل من قبل، وهذا يحدث بسرعة كبيرة”.
وأضاف: “تطلب الأمر منه أكثر من 40 دقيقة للوصول إلى قضية إدارة الهجرة، ثم لم يقل شيئا”.