تتزايد مخاوف المدنيين في رفح، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة باجتياح المدينة التي باتت ملاذا أخيرا لمن نجا من نيران الاحتلال وغاراته على مختلف مناطق قطاع غزة لليوم الـ204.
ورغم غاراته على رفح، يصر الجيش الإسرائيلي على أنه سينفذ هجوما بريا هناك، بمزاعم القضاء على مقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) دون الاكتراث للاستنكار الدولي والتحذيرات الأممية والقلق على مصير نحو 1.5 مليون فلسطيني يحتمون في رفح، غالبيتهم في الخيام.
خوف وتعب نفسي
ويروي عدد من الغزيين -لوكالة الصحافة الفرنسية- واقع حالهم في رفح، مع تنامي المخاوف من اجتياح إسرائيلي محتمل للمدينة، إذ تقول نداء صافي (30 عاما) والتي فرت مع زوجها وأطفالها من شمال غزة إلى رفح، قائلة “أصبحنا نعيش مع رعب وخوف النزوح مجددا واجتياح رفح، الخوف نعيشه من كثرة التفكير فيه ليل نهار”.
وتضيف صافي “كل يوم كنا نسمع الأخبار عن اجتياح رفح، وأن الأمر حتمي لا محالة، عدا عن القصف الذي نشاهده ونسمعه.. الخوف سيطر علينا، ولم نعد ندري كيف نفكر”.
ورغم قرار عائلتها أخيرا النزوح مجددا إلى دير البلح وسط القطاع، لكن النزوح المتكرر لا يعني الأمان، إذ تؤكد “ما نعيشه هو المجهول، ولا ندري ما سيحدث.. لا نعلم مصيرنا”.
وإلى جانب هذه المخاوف، يروي البعض عدم استطاعته تحمل فكرة النزوح من جديد، كحال سماح ديب (32 عاما) التي قررت الانتظار، قائلة “فكرة النزوح تصيبني بالخوف والرعب الشديد، فأنا نزحت عدة مرات”.
ونزحت ديب قبل اللجوء إلى رفح، إلى مجمع الشفاء الطبي في شمال القطاع، الذي دمره الجيش الإسرائيلي بقصف في محيطه وبعض أجزائه إلى جانب عمليتين عسكريتين فيه عبر اقتحامات واعتقالات نفذها في المجمع.
تؤكد ديب أنها تتابع الأخبار من كثب، و”في أي لحظة يطلبون منا إخلاء رفح، سوف نخرج كباقي الناس، لكننا ندعو الله ألا يجتاحوا رفح، ولا تتكرر معاناة النزوح من جديد”.
بدوره، يوضح قاسم أبو نحل (40 عاما) القادم من منطقة حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، أنه تعرض للتهجير 4 مرات، لافتا “في الرنتيسي مكثنا تقريبا أسبوعين، عشنا في وضع مأساوي جدا تحت القصف الشديد والقذائف وقنابل دخانية، مما اضطررنا إلى النزوح إلى النصيرات، وكانت الأمور صعبة جدا حتى إننا خرجنا بما علينا من ملابس فقط”.
فرّ أبو نحل مجددا من النصيرات إلى خان يونس في جنوب القطاع، لكن المدينة صارت “مزدحمة جدا بالسكان، وبدأ الخطر يزداد شيئا فشيئا إلى أن قررت أن آتي إلى رفح، نحن الآن في حيرة كبيرة من أمرنا نتيجة الأخبار عن اجتياح رفح، ولا نضمن غدا إن كنا سنعيش أم نموت”.
أما النازحة نور الفرّا (56 عاما) فقد جهزت الملابس والطعام والحطب مع زوجها وأطفالها تأهبا للنزوح مجددا، وتتحدث عما يختلجها من “خوف شديد من اجتياح رفح”، قائلة “أنا متوترة وأصابني تعب نفسي حاد من هذه الأخبار المقلقة والانتظار والمجهول الذي لا نعلمه”.
صيف قادم
وإلى جانب هذا الحال وسط الخوف، يعاني النازحون في مخيمات رفح من درجات حرارة لا تطاق مع اقتراب الصيف عقب معاناة سابقة مع الأمطار، تقول انتصار رمضان غبن إن الحياة داخل الخيم الحارة، وفي ظل الخوف من الاجتياح الإسرائيلي بمثابة “موت جديد”.
وتوضح انتصار -البالغة 61 عاما- أن “اجتياح رفح هو ما نخاف منه… جهزنا أغراضنا تخوفا من مجيء هذا اليوم الذي يقولون لنا فيه اخرجوا، لا نعلم أين نذهب حتى الآن، ويمكن أن يغدروا بنا”.
وتضيف “لو حدث وتم اجتياح رفح، فهذه معاناة جديدة وكبيرة، لا نعلم كيف ستكون، هل سيقومون بتنبيهنا؟ أم نخرج على عجالة بدون فهم أي شيء، وبأنفسنا فقط بدون حمل أي شيء، أو يمكن أن نخرج تحت القصف الشديد؟”.
وسبق أن أكد مسؤولون إسرائيليون في الجيش والحكومة، بما فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المضي لشن عملية برية في رفح، رغم المطالبات المختلفة بتجنب تلك العملية التي ستسفر عن خسائر بشرية ضخمة، تضاف إلى ما خلفته حرب الاحتلال المدمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، التي خلفت عشرات آلاف الشهداء والجرحى المدنيين -أغلبهم نساء وأطفال- فضلا عن أزمة صحية وإنسانية ومجاعة متفاقمة.