قبل نحو 16 عاما سيطرت حركة حماس على المباني الحكومية في جميع أنحاء غزة، معلنة بسط نفوذها الكامل على القطاع.
واليوم أصبح مبنى المجلس التشريعي في غزة في حالة خراب، حيث التقط جنود إسرائيليون صورا لهم من داخل المبنى الذي تدمر جزئيا.
مبنى المجلس التشريعي لحقه الدمار، ولكنه قد يرمز إلى “فرصة” جديدة، تحاول فيها السلطة الفلسطينية أو أي جهة تحل محلها الحصول على تفويض من الشعب الفلسطيني بأكمله، بحسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي.
ويشرح التحليل أن استعادة الديمقراطية في الدولة الفلسطينية ستحتاج إلى حزمة من الأمور تبدأ بـ “حكومة جديدة تتمكن من أداء مهامها” وقادرة على إجراء انتخابات، مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يكون محفوفا بالمخاطر، إذ قد تشارك حماس في الانتخابات، وهو ما لن تتسامح معه إسرائيل، إذ أن إجراء انتخابات حقيقية يحتاج إلى تعاون وضمان أمنية من جانب الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي.
ولفت إلى أن “البنية الانتخابية قد تكون سليمة، ولكن النظام السياسي منهار إلى حد يرثى له”، مشيرا إلى أن وجود “مجتمع فلسطيني منقسم أفضل بكثير من وجود زعيم ديمقراطي واضح” بالنسبة للائتلاف اليميني المتطرف الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.
وفي يونيو عام 2007، سيطرت حماس، التي فازت بالانتخابات الفلسطينية قبل عام، على غزة بعد قتال دامٍ مع حركة فتح بزعامة، محمود عباس، التي طُرِدت من القطاع. وباءت محاولات متعددة للمصالحة بين حماس وفتح بالفشل.
وأكد التحليل أن حل المشاكل التي تعاني منها الديمقراطية في غزة قد يبدو “مستحيلا في ظل الحصار حيث لا يزال مئات الفلسطينيين يموتون.. لكن التمثيل الحقيقي والطريق إلى إقامة دولة حقيقية للفلسطينيين أمران حيويان لأي سلام دائم”.
فلاديمير بران، الذي شغل سابقا منصب مدير المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية، قال للمجلة إنه لا يعتقد أن “أحدا يفكر الآن في كيفية استئناف المنافسة السياسية في فلسطين”.
وأضاف أن “هذا أمر مهم، وهو شرط لا غنى عنه عندما يتعلق الأمر بالحكم الرشيد والديمقراطية”.
وأكد التحليل على أن التركيز على كيفية بدء عملية سياسية حقيقية في الأراضي الفلسطينية سيكون “أمرا حيويا لتحقيق سلام دائم، وهو ما يتطلب موافقة الجهات الفاعلة التي تكره بعضها البعض”.
وحذر أن الفشل في التوصل لهذه العملية السياسية “سيحكم على الفلسطينيين بجيل آخر من الفساد السياسي، والخلل الوظيفي، والطموحات غير المحققة”، في حين أن “الشعب الفلسطيني يريد ويستحق الأفضل”.
وتصر إسرائيل على أنها ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بعد الحرب، لكنها تشير إلى أن “كيانات فلسطينية” ستدير القطاع، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ودعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى “إصلاح” السلطة الفلسطينية.
واقترحت واشنطن أن تؤدي السلطة الفلسطينية بعد الحرب، دورا في حكم قطاع غزة، لافتة إلى أنها “تحتاج إلى تجديد وتنشيط وتحديث فيما يتعلق بأسلوب حكمها، وتمثيلها للشعب الفلسطيني”.
وتشهد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس تراجعا في شعبيتها، وتمارس حاليا سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية مطلع يناير أن “غزة هي أرض فلسطينية وستبقى أرضا فلسطينية، وحماس لن تبقى مسيطرة على مستقبل” القطاع.
ومطلع يناير، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن الخطوط العريضة لخطته “لما بعد الحرب” في قطاع غزة.
وقال الوزير للصحفيين حينها أن الخطة تتضمن استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة إلى حين “عودة الرهائن” و”تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس” و”القضاء على التهديدات العسكرية في قطاع غزة”.
وأضاف أنه بعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة “اليوم التالي” للحرب والتي بموجبها “لن تسيطر حماس على غزة” التي تحكمها منذ عام 2007.
وأكد غالانت أنه بموجب خطته “لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي في قطاع غزة بعد تحقيق أهداف الحرب”، وأن هذه الخطة تقضي مع ذلك بأن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ”حرية التحرك” في القطاع للحد من أي “تهديد” محتمل.
وشدد على أن “سكان غزة فلسطينيون. وبالتالي فإن كيانات فلسطينية ستتولى الإدارة بشرط ألا يكون هناك أي عمل عدائي أو تهديد ضد دولة إسرائيل”.
ولم يحدد غالانت من هي الجهة الفلسطينية التي يتعين عليها، وفقا لخطته، أن تدير القطاع المحاصر البالغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة.
أشعل فتيل الحرب هجوم غير مسبوق على جنوب إسرائيل شنته حماس في 7 أكتوبر، وقتل خلاله أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وخطف نحو 250 شخصا نقلوا إلى غزة، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
نتانياهو و”فلسطين”.. دولة “مرفوضة” ووضع يخضغ للضغوط والتصعيد
لا يترك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فرصة إلا ويكرر فيها رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية ولأي اعتراف أحادي بدولة مستقبلية، كما كرر وزراء متشددون بحكومته تصريحات تطالب بتشجيع الفلسطينيين على الهجرة من غزة، ما يطرح تساؤلات عما تخطط له الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالفلسطينيين ومصيرهم بعد حرب غزة.
في نهاية نوفمبر، وعقب هدنة استمرت أسبوعا، أفرج عن 105 رهائن في مقابل إطلاق سراح 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية. وتقدر إسرائيل أن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في القطاع يعتقد أن 30 منهم لقوا حتفهم.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل القضاء على حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007.
وارتفعت حصيلة ضحايا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 29313 قتيلا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.