في مدينة الرياض المزدحمة جدا، بنحو 8 ملايين نسمة، قد يمضي الفرد وفق الإحصاءات ما يقارب 3 ساعات من يومه عالقاً في سيارته وسط طوابير الزحمة، والأمر نفسه يتكرر في جدة ومكة وغيرها من المدن السعودية المزدحمة.
وقت ضائع يسعى الكثير من الشباب السعودي للاستفادة منه بنشاطات مناسبة خلال القيادة، تعوض خسارة الوقت، في طليعتها الاستماع إلى “البودكاست” التي باتت تلقى رواجاً وإقبالاً واسعاً من الجمهور السعودي.
تعبئة الوقت الضائع في المنزل والازدحام والمواصلات، كانت من بين أبرز الأسباب التي تدفع السعوديين للاستماع إلى المدونات الصوتية، في وقت تبين الإحصاءات أن السعودية تتصدر الدول العربية في نمو هذا القطاع وأعداد المتابعين للبودكاست والذين كانوا قد تجاوزوا 5.1 مليون سعودي عام 2020، فيما باتوا اليوم يشكلون 56 بالمئة من نسبة السكان البالغ عددهم نحو 37 مليون نسمة، وفق دراسة حديثة أعدتها جامعة “نورث ويسترن” ومؤسسة “الدوحة للأفلام”، حول أعداد متابعي البودكاست في الدول العربية.
ثورة البودكاست
تعكس تلك الأرقام المدى الذي بلغته البودكاست كأسلوب إعلامي في الوصول إلى الجمهور، والذي يكاد يكون الأكثر انتشاراً في بلد يستخدم 99 في المئة من سكانه الإنترنت عام 2023 بحسب تقرير لهيئة الاتصالات السعودية فيما يقضي 52.3 في المئة منهم 7 ساعات فأكثر يوميًا في استخدام الإنترنت، ويجري ذلك بنسبة 84.7 في المئة من المنزل، و72 في المئة أثناء التنقل، و43.4 في المئة من مواقع العمل.
يقول الإعلامي السعودي ومدير المحتوى لبودكاست “مطرقة”، رياض الودعان، في حديثه لموقع “الحرة” إن البودكاست في السعودية أصبح “ثقافة وسلوك يومي، هناك من يستمع للبودكاست أثناء السفر في الرحلات الطويلة، وأثناء القيادة، وأثناء الفراغ، وأثناء الاسترخاء وحتى قبيل النوم”.
يؤكد الودعان على وجود “موجة نزوح جماعي، وهجرة منظمة من الشاشات التلفزيونية إلى التطبيقات الصوتية”، واصفاً الأمر بـ “ثورة البودكاست”، التي باتت تمثل آخر صيحة في عالم الإعلام البديل أو الإعلام الاجتماعي، المرتبط ارتباطا وثيقاً بالتقدم التكنولوجي والتقني، لافتاً إلى أن “نخبة صناع المحتوى اتجهوا لإنتاج البودكاست لارتفاع الإقبال عليه وقلة التكلفة مقارنة بالشاشة”.
ويشير الإعلامي السعودي الذي سبق أن خاض سنوات من العمل في تقديم البرامج التلفزيونية وإنتاجها، إلى أن البودكاست نجح في تحرير المادة الإعلامية من “بيروقراطية الإعلام التقليدي الصارمة”، وجعلها أقرب من كل الفئات الاجتماعية حيث يقدم المعلومة بتلقائية “بدون كلفة وبدون قوالب وإجراءات”.
ويضيف أنه في المقابل، كان هناك تفاعل جماهيري مع البودكاست أكبر بكثير من برامج الإعلام التقليدي، حيث وجد الجمهور في البودكاست مساحة أكثر عمقا وأكثر دخولا للتفاصيل الدقيقة، “بلغة محكية، عامية، سهلة ومجردة من قواعد اللغة ومحسناتها البلاغية التي لا تعني الغالبية من الناس”.
يتناول النقاش في بودكاست “مطرقة” قضايا قانونية واجتماعية على الساحة السعودية، وبحسب الودعان، فإنها تواكب الأنظمة والقوانين الجديدة والتحول الاقتصادي والاجتماعي الواسع الذي تنتجه “رؤية المملكة 2030” التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
هذه الرؤية التي تحمل تغييرات واسعة وجذرية في الاقتصاد والمجتمع السعودي، يبدو أن لها دور أيضاً في نمو البودكاست انتاجاً ومتابعةً وفق ما يؤكد المذيع السعودي ومقدم بودكاست “معيار، أسامة الراحل، في حديثه لموقع “الحرة”.
ويضيف الراحل أن رؤية 2030 من بين الأسباب الكامنة خلف ريادة السعودية لقطاع البودكاست وتميزها فيه، حيث أن التحولات الكبيرة جدا والمصحوبة بتغييرات وقرارات متزايدة توفر لصناع البودكاست بشكل دائم مواضيع وقضايا اجتماعية واقتصادية لطرحها على النقاش الذي يتعطش المتابع السعودي لسماعه وتلقي المعلومات والثقافة العامة حوله.
ما أسباب هذا الانتشار؟
وبالإضافة لما سبق، يقف خلف الانتشار المميز للبودكاست في السعودية عوامل وأسباب عدة، دائما ما كان على رأسها الحاجة لطرح مواضيع ونقاشات معينة لم تنجح برامج التلفزيون والإذاعة في عرضها أو الوصول إلى جمهورها، مثل مجال الألعاب الإلكترونية والصيحات التكنولوجية، والتحليل الرياضي، والمشاكل النفسية، وغيرها.
وبدأ ظهور أولى أشكال البودكاست المحلي في السعودية إلى أواخر عام 2008 ومطلع 2009، ليعود ويشهد حضوراً أوسع منذ عام 2017 وفق ما يؤكد الودعان.
ثم جاءت فترة الحجر الصحي التي رافقت انتشار جائحة كورونا لتشكل الدافعة الأكبر لنهضة البودكاست وانتشارها حيث ازداد اعتماد الناس على الانترنت للتواصل والحوار والتباحث في القضايا، وشكلت المدونات الصوتية مساحة ملائمة لذلك، ساعدت في ممارسة الحياة الاجتماعية وتمضية الوقت والاستفادة من المعلومات والالتفاف على العزلة بحسب ما يؤكد الراحل بدوره.
وفي سياق عرضه للعوامل التي ساعدت على انتشار البودكاست في السعودية يلفت الراحل إلى أن النسبة الأكبر من السكان في البلاد هم من فئة الشباب، ما بين 20 و45 سنة، وهذه الفئة بطبيعتها تسعى وتحب أن تستمع إلى مناقشات وحوارات حول القضايا التي تهمها، ولاسيما المتوافقة مع تخصصاتها، وهذه الفئة أيضاً لا تمانع التطفل على مواضيع واختصاصات أخرى جديدة، وهذا ما باتت تؤمنه لهم البودكاست التي باتت تشمل تقريباً جميع المواضيع.
ويضيف أن ميزة البودكاست تكمن في قربها من الناس بعكس البرامج الحوارية التقليدية التي تتسم بالرسمية في طابع تقديمها، فضلاً عن كونها تشكل خبرة إضافية للمحاور الذي وبينما يقتصر عمله في البرامج التلفزيونية على التقديم أمام الكاميرا فإن عمله في البودكاست يشمل التواصل مع الضيوف والخبراء والتحضير والإعداد للحوار فضلاً عن الإلمام بأمور التصوير والمونتاج وصولاً إلى التسويق، وهو ما يقدم له مزيداً من التجارب والخبرات وتجعله ملما بالمراحل.
كذلك يتيح البودكاست للعاملين فيه، بحسب الراحل، التخصص في المجالات المتناولة، وإقامة علاقات واسعة في مجالات معينة ترفع من حظوظ التخصص فيها، بحيث يصبح مقدم البودكاست وجهاً مألوفاً ومتابعاً من قبل العاملين والناشطين في تلك المجالات.
يقدم الراحل بودكاست “معيار” الذي عرض منه حتى الآن 12 حلقة، حملت نجاحاً كبيراً وانتشاراً وصل إلى ٤٠ مليون مشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما يؤكد، تناول فيها قضايا مجتمعية متنوعة تهم السعوديين والجمهور العربي بشكل عام، مثل أساليب التخطيط للحياة، والثقة بالنفس، ومعرفة الذات، وصولاً إلى اللغات وفروقاتها، ومواضيع أخرى مثل تفضيلات القهوة والشاي، كان لها جميعها جمهوراً متابعاً.
وعلى الرغم من الازدياد الكبير في عدد البودكاست والمنافسة الحادة في الوصول للجمهور، يؤكد الراحل أنه لا يزال هناك نقص وحاجة لناحية تلبية اهتمامات الناس وطرح النقاشات حولها، ما يشير إلى إمكانية نمو أكبر في هذا القطاع الذي لا يزال في بداية التجربة ويحتاج تطويراً وتنويعاً ومواكبة.
وفي وقت يصنف السعوديون من بين أكبر الجماهير المتابعة لموقع يوتيوب، كان لعنصر إدخال الفيديو على البودكاست التي بدأت على شكل تدوينات صوتية رقمية حصراً، دور أساسي في عملية جذب المتابعين، وفقاً للراحل، ولذلك فإن أكثر البودكاست انتشارا وشعبية، هي تلك المسجلة بالفيديو، بينما تراجع الاعتماد على البودكاست الصوتي فقط، خاصة وأن الفيديو يتيح الاستماع إليه دون مشاهدة، ولكن البودكاست الصوتي فقط لا يلبي جمهور الفيديو.
مع ذلك فإن للتدوينات الصوتية حصراً جمهورها الواسع أيضاً، لاسيما في مجتمع يقضي الفرد فيه بمتوسط 14.2 ساعة يوميًا في التعامل مع أنواع مختلفة من القنوات الإعلامية. وهو ما يعني قضاء فترات طويلة في التحديق في الأجهزة، ويؤدي حكماً إلى إرهاق العين أو ما يسمى بـ “إرهاق الشاشة”، وهو ما قد يكون سببًا لنمو التدوين الصوتي الذي يتطلب إصغاءً فقط.
ثقة متزايدة.. ومهددة
يظهر تقرير “Digital News Report 2018” الصادر عن معهد رويترز، أن هناك هجرة ضخمة من الشاشات إلى منصات البودكاست نظرًا لجودة المحتوى، وسهولة الوصول الذي يعتمد الهواتف الذكية، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، وما نتج عنها من سماعات ناطقة أو أجهزة مثل جوجل هوم، ستجعل المحتوى الصوتي الوجهة الأولى، خصوصًا بعد دخول شركات ضخمة إلى عالم صناعة البودكاست، وانتشار تطبيقات الأخبار على هذه المنصات.
ووفق إحصاء نشرته شركة Markettiers الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2020، حول صناعة البودكاست في السعودية، فقد عبر 93 في المئة من المشاركين عن أنهم “يثقون في البودكاست أكثر من أي وسيلة إعلامية أخرى، مثل التلفزيون والصحف والراديو والمواقع الالكترونية”.
هذه الثقة وإن كانت أمراً واقعاً لاسيما في وقت إجراء المسح عام 2020، فقد باتت قابلة للتشكيك، بحسب الراحل، الذي يعبر عن مخاوفه من ناحية هذه الثقة مع توسع البودكاست وازدياد المنافسة ووتيرة الإنتاج، حيث “بات هناك من يستضيف أي أحد في أي شأن وبات الضيوف كثر وبدأت تتسلل فوضى بث المعلومات إلى البودكاست التي كانت أكثر دقة وتخصصاً وحرصاً في اختيار الضيوف في السابق”.
ولكن في المقابل، يؤكد المذيع السعودي أن الناس أيضاً بات لديها وعي أكثر من السابق في تقييمها للمعلومات التي تتلقاها، خاصة في الأمور التخصصية، “حيث بتنا نلاحظ أنه حيث يتم ذكر معلومات غير دقيقة يقوم الجمهور بتصحيحها ولفت النظر إليها في التعليقات ما يشير إلى أن الجمهور لا يستهلك المعلومات المقدمة عشوائياً”.
وهذا أيضاً من مميزات البودكاست، أنه يتيح للجمهور إبداء الرأي ومراجعة المعلومات ومحاسبة البودكاست والضيوف على ما يرد في الحلقات من معلومات مغلوطة مثلاً، كما يتيح للناس التخلي عن متابعة بودكاست معين في حال استمراره في بث معلومات من هذا النوع، وهذا ما لا تتيحه الشاشات أو البرامج التقليدية.
إضافة إلى ما سبق، يتميز البودكاست بسقف أعلى من سقف البرامج الحوارية التقليدية على القنوات والإذاعات التي يمكن أحيانا أن تقيد الأعمال الحوارية والمعلومات الواردة فيها، وهذا سبب آخر لقرب البودكاست من الناس وثقتهم الأكبر بها، وفقاً للراحل، الذي يلفت إلى لجوء الكثير من القنوات الإعلامية الكبرى في السعودية والدول العربية لإضافة برامج البودكاست إلى باقاتها وتخصيص قنوات على مواقع التواصل لنشرها ومواكبة هذا السوق المتنامي، خاصة وان عوائده وانتشاره باتت ترتفع أكثر، في ظل ثقة متزايدة.
هذه الثقة تنالها البودكاست فيما تساهم في المقابل بشكل كبير في زيادة ثقافة المشاهدين ومعرفة الجمهور، حيث أن نسبة كبيرة من الناس اليوم تعتمد في بناء ثقافتها العامة على البودكاست، وفق الراحل الذي يضيف “أعرف كثير من الناس لا يقرأون، لا يحبون القراءة ولكن يحبون الاستماع، وبالتالي نسبة كبيرة من ثقافة الناس وتحصيلها العلمي والمعلوماتي بات يعود الفضل به إلى تقنية البودكاست”.
أرقام وإحصاءات.. وتأثيرات واضحة
ولا يقتصر تأثير البودكاست على المستوى الثقافي للمتابعين وحسب، بل بات يترك تأثيراً ملحوظاً على الكثير من جوانب الحياة ونمطها لدى السعوديين، حيث يكشف إحصاء Markettiers أن إقبال المستمعين إلى البودكاست في المملكة العربية السعودية على شراء الأطعمة والمشروبات ازداد بنسبة 17 في المئة، كذلك ازداد إقبالهم على السفر بنسبة 19 في المئة، وازداد إقبالهم على شراء المستلزمات والمعدات المنزلية بنسبة 11 في المئة.
كذلك رصد الإحصاء تأثيراً ملموساً للبودكاست في خلق وتعزيز الروابط الاجتماعية والعائلية بطريقة غير مباشرة، حيث بيّن أن 56 في المئة من سكان السعودية يستمعون إلى البودكاست مع عائلاتهم، و54 في المئة مع شركائهم، 47 في المئة مع الأصدقاء، بينما قال 21 في المئة فقط أنهم يستمعون إلى البودكاست لوحدهم. ومن الجدير ذكره أنه قد يكون لتوقيت إجراء هذا المسح خلال جائحة كورونا 2020 دور مؤثر على هذه النسب.
وبينما يستخدم 75 في المئة من الجمهور هواتفهم الذكية للاستماع إلى ملفات البودكاست، تظهر الأرقام تزايداً واضحاً في الاعتماد أيضاً على الأجهزة المنزلية للاستماع إلى البودكاست، حيث ارتفعت نسبة الاستماع من خلال أجهزة التلفاز الذكية إلى 66 في المئة، وعلى الأجهزة اللوحية بنسبة 18 في المئة، وعلى أجهزة الكمبيوتر بنسبة 15 في المئة.
وأظهر الإحصاء أن أكثر من ثلثي المشاركين يحبون الاستماع إلى المحتوى الذي يهتمون به على وجه التحديد، بالإضافة إلى أكثر من 61 في المئة يستمتعون بحرية الاستماع أثناء قيامهم بأشياء أخرى، حيث يفضل الكثيرون ما تتيحه البودكاست من تنوع.
وبينما تنقسم اللغات المستخدمة في البودكاست في السعودية على اللغتين الإنجليزية والعربية، فإن اللغة العربية تبقى المفضلة، لاسيما العامية المحكية، حيث يوضح التقرير أن أفضل البودكاست أداءً في السعودية هي تلك التي تتعمق وتتطور في الثقافة المحلية حيث شهدت السنوات الماضية زيادة كبيرة في المدونات الصوتية التي تعكس المنطقة وشعبها، وتتحدث باللغة العربية وتحتفل بهوية ثقافية فريدة.
ويحتل الترفيه، بجميع أنواعه الفرعية، الصدارة من حيث المحتوى المفضل للجمهور السعودي، يليه الفن، والرياضة، والدين، والأخبار، والرفاهية، والتعليم، والكوميديا، والتكنولوجيا.
علاوة على ذلك، تشهد البودكاست التي تضم نساء قويات وملهمات أيضًا إقبالاً كبيراً، حيث أن واحدة من كل أربع نساء (20 في المئة) تتابع المدونات الصوتية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، ولكل منهن سببها الخاص، حيث تبين أن أكثر من ثلثي السيدات المشاركات في الإحصائية في السعودية أعجبهن المحتوى الذي يقدمه البودكاست خاصة بعد اهتمام تطبيقات البودكاست بالمحتوى النسائي، والعمل على تنويعه من تثقيف المرأة لبرامج الاهتمام بصحة المرأة وحتى مرورا ببرامج الطهي وغيرها.
61 في المئة من النساء المشاركات أعربن عن حبهن للبودكاست لإمكانية الاستماع إليه وهن يقمن بالمهام المنزلية دون وجود أدنى صعوبة. و49 في المئة من النساء يهمهن طبيعة السرد القصصي.
يذكر أن هناك نقص لافت في عدد الدراسات والتقارير والأبحاث المتخصصة في موضوع البودكاست على مستوى الدول العربية بشكل عام، وهو ما دفع بنادي دبي للصحافة إلى إجراء مسح بدوره لمحاولة سد هذه الفجوة.
التحديات
وكشف إحصاء نادي دبي للصحافة أن أكثر التحديات التي عبر عنها صناع البودكاست كانت في الاستدامة، لناحية التمويل والرعاية بحسب 75 في المئة من المشاركين، بينما عبر بعض المشاركين عن هواجس تتعلق بالاستمرارية لناحية إيجاد مواضيع شائقة وذات أهمية من أجل بناء محتوى عالي الجودة.
كذلك بالنسبة لتحدي الوصول للجماهير وزيادة المتابعين ونسبة التفاعل، لاسيما مع قلة المنصات المخصصة للبودكاست في الدول العربية، وعبر البعض الآخر عن تحديات تتعلق بتحقيق الدخل والقدرة على التسويق للبودكاست وبدرجة أقل وجد بعض المشاركين تحديات تتعلق بالوقت اللازم لإعداد وإنتاج البودكاست ومشاكل في الدعم التقني لناحية المعدات المناسبة.
تنسحب تلك التحديات على المشهد في السعودية، إذ يؤكد الراحل أن التمويل يمثل أبرز التحديات، لافتاً إلى أن “البودكاست اليوم لا يقل أهمية عن أي مشروع تجاري او استثماري آخر، خاصة وانه بات يتطلب وجود رأسمال لتأمين تكاليف الإنتاج والتسويق، وهو ما تتولاه جهات ممولة مقابل إعلانات”.
ويضيف أنه وعلى الرغم من أن البودكاست نشأت على فكرة سهولة وبساطة الإنتاج وتكاليفه حيث كان يكفي الميكروفون والكاميرا، وهو ما لا يزال متاحاً اليوم للمبتدئين، “ولكن تنامي صناعة البودكاست ودخول شركات كبيرة عليه أدى إلى زيادة ورفع سقف المنافسة حتى بالعناصر التقنية وهو ما بات يتطلب رأسمال وتمويل لاسيما بعد الإنتاج لمقارعة المنافسين الكبار، ويشكل تحدياً أمام المبتدئين والمنطلقين حديثاً دون تمويل في عالم البودكاست”.
من بين التحديات البارزة أيضاً التي يعبر عنها الراحل، ما يتعلق بنوعية المحتوى المقدم في ظل التسابق والمنافسة، حيث “بدأ تسلل أشخاص ليسوا متخصصين ولا يقدمون معلومات مفيدة ودقيقة إلى عالم البودكاست، في وقت تمثل الثقة أبرز معايير نجاحه.
ويتشارك الودعان مع الراحل الهاجس نفسها حيث يعبر عن مخاوف من “هجرة مشاهير مواقع التواصل والتيك توك والسناب تشات إلى عالم البودكاست، وينقلون معهم في كثير من الأحيان التبسيط والتسطيح للأفكار والحوار، إلى عالم يطغى عليه ويميزه المحتوى المفيد والرصين”.