عاصفة من الجدل أثارتها تصريحات أحد كبار جنرالات الجيش الاسرائيلي التي انتقد فيها القيادة السياسية في البلاد، ودعا السياسيين إلى إظهار التلاحم الذي يظهره الجنود في ساحة المعركة وتبني موقف موحد، في إشارة منه إلى الخلافات التي تعصف بإسرائيل نتيجة تباين وجهات النظر بين الائتلاف الحاكم والمعارضة.
في تصريحات بثتها وسائل إعلام إسرائيلية وجه الجنرال دان غولدفوس قائد الفرقة 98 التي تقاتل في مدينة خان يونس بجنوب غزة كلامه للمسؤولين السياسيين قائلا: “يجب أن تتحلوا بالجدارة وتكونوا في مستوى” ما يقدمه الجنود في الميدان منذ نحو خمسة أشهر.
ودعا غولدفوس السياسيين إلى ضمان “مشاركة الجميع”، في إشارة واضحة إلى استدعاء الرجال من اليهود المتشددين المعفيين من أداء الخدمة العسكرية منذ عقود، إلى التجنيد في الجيش، وهي قضية تثير جدلا واسعا في إسرائيل منذ أسابيع.
وجاءت تصريحات غولدفوس بعد 159 يوما من الحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم غير مسبوق شّته حركة حماس في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
The commander of the 98th Division, Brigadier General Dan Goldfuss, in a very unusual speech addressed the country’s leaders and speaks about the need for everyone to take part in this battle for our existential survival
#98thDivision #DanGoldfuss #israelwar #gaza pic.twitter.com/670u7wDRR1— The Jewish Voice (@TJVNEWS) March 13, 2024
وتتصاعد الانقسامات بين الأوساط السياسية الإسرائيلية بشأن إدارة الحرب في قطاع غزة، مع تباين في وجهات النظر بخصوص مستقبل الصراع بين أعضاء ائتلاف حكومة الحرب، واستمرار الجدل المرتبط بملف الرهائن.
يتعرض الائتلاف الحكومي الطارئ في إسرائيل لـ”ضغوط مكثفة” مع تواصل الحرب، ففي الوقت الذي يطالب سياسيون من اليمين المتطرف الجيش بتحرك وإجراءات أقوى في غزة، يضغط أقارب الرهائن، ومعهم أعضاء بداخل حكومة الحرب والمعارضة، بتقديم تنازلات لضمان عودتهم.
ولم يرد الجيش الاسرائيلي بعد على طلب أرسله موقع “الحرة” للتعليق على تصريحات غولدفوس، وكذلك رفض متحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية التعليق.
وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان أن تصريحات غولدفوس واقعية “لأنه أشار إلى أن الجنود والقوات العسكرية تريد من الشعب أن يكون موحدا” خلف قواته المسلحة.
ويضيف نيسان في حديث لموقع “الحرة” أن تصريحات الجنرال الإسرائيلي لا تشير لوجود انشقاق في صفوف الجيش أو أن هناك صدعا بين الجيش والحكومة.. هذا القائد يحارب في غزة منذ أكثر من 4 أشهر”.
ويتابع نيسان أنه على الرغم من أن قوى المعارضة شدت من أزره على تصريحاته وكان هناك أيضا تأييد من أطراف داخل الائتلاف الحكومي، إلا أن الأمر لم يصل بعد إلى الانشقاق.
“المؤاخذة الوحيدة على مثل هكذا تصريحات كانت عدم أخذ الإذن من قادته قبل الادلاء بها”، وفقا لنيسان.
وجرى استدعاء غولدفوس من قبل الجيش الإسرائيلي لتقديم إيضاحات بعد أن “تجاوز المحرمات” السائدة منذ فترة طويلة، وتتعلق بعدم تدخل ضباط الجيش الإسرائيلي في السياسة علنا.
وقالت صحيفة “هآرتس” إن قائد القيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي يهودا فوكس ورئيس أركان الجيش هرتزل هاليفي هما من سيستجوبان غولدفوس.
وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أكد أنه كان على علم بتصريحات غولدفوس، ووافق على محتواها، لكنه لم يكن على علم بالجزء الذي انتقد فيه القادة السياسيين.
وأعرب بعض المشرّعين الإسرائيليين عن اتفاقهم مع تصريحات غولدفوس، بينما أعرب آخرون عن عدم رضاهم عن إدلاء الجنرال بتصريحات سياسية من أي نوع.
وقال النائب المعارض يوآف سيغالوفيتز لإذاعة “كان” العامة، الخميس، إن “الضابط الذي يرتدي الزي الرسمي يحتاج إلى التحدث فقط عما يتعلق بقراراته أو أن يخلع البدلة”.
وكتب المحلل السياسي والعسكري المخضرم ناحوم بارنيا في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “مع كل الاحترام للمشاعر الصادقة للضابط الموقر، فإن القتال في غزة لا يمنحه الحق أو السلطة للتعبير عن موقفه بشأن المسائل السياسية”.
وأضاف “جميل أن يتحمل غولدفوس المسؤولية، مثل غيره من الضباط، ولكن أين التواضع، أين الحياء”.
ويستبعد نيسان فرض أي عقوبات مشددة على غولدفوس تؤدي لتسريحه من الجيش بسبب هذه التصريحات.
وقال نيسان “وسائل الإعلام في إسرائيل تقف معه، بالتالي لا أعتقد أن القيادة العسكرية ستفرض عليه أي عقوبات أو تتخذ أي إجراءات عقابية أو تسرحه من الجيش”.