الجيش الإسرائيلي يعلن الموافقة على “خطط” لهجوم على لبنان

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة

بعد زيارته القصيرة إلى إسرائيل، وصل المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، إلى لبنان، الثلاثاء، في محاولة لتجنب اندلاع “حرب أكبر” بين حزب الله وإسرائيل، كما أعلن.

وخلال زيارته المقررة ليوم واحد، التقى هوكستين برئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون.

ووصف هوكستين، وهو كبير مستشاري الإدارة الأميركية لأمن الطاقة العالمي أيضا، الوضع على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل بأنه “خطير”، مشيرا إلى أن هذا هو السبب الذي دفع الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إرساله إلى لبنان.

وفي ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية بـ”صيف ساخن”، يجري سباق بين المساعي الدبلوماسية والحل العسكري، خاصة بعد جولة التصعيد الأخيرة من جانب حزب الله الذي بدأ بتنفيذ هجمات مكثفة ضد إسرائيل عقب اغتيال أحد كبار قيادييه في بلدة جويا، حيث أطلق الأسبوع الماضي أكبر وابل من الصواريخ والطائرات المسيرة خلال تبادل إطلاق النار بينه وبين إسرائيل منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وتتبادل إسرائيل إطلاق النار مع حزب الله بشكل شبه يومي منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، وتسعى إدارة الرئيس بايدن لمنع نشوب حرب بين الطرفين، في إطار جهودها لمنع تحول القتال في غزة إلى صراع إقليمي أوسع. وقد قاد هوكستين المناقشات منذ أشهر للوصول إلى تفاهمات بشأن الحدود بين إسرائيل ولبنان.

كواليس اللقاءات

خلال لقائه بالمسؤولين اللبنانيين، لفت هوكستين إلى أن المنطقة تمر بأوقات صعبة، وأن المقترح الذي قدمه الرئيس بايدن للتهدئة في قطاع غزة قبِله الوسطاء وإسرائيل، ويجب على حركة حماس قبوله.

وبعد لقائه بالرئيس بري، قال هوكستين إن الاجتماع والمحادثات التي أجراها معه كانت جيدة، وأوضح قوله: “ناقشنا الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان وكذلك الاتفاق المقترح على الطاولة بخصوص غزة والذي يعطي فرصة لإنهاء الصراع على جانبي الخط الأزرق”.

وأشار إلى أن “الاتفاق الذي حدده الرئيس بايدن في 31 مايو 2024، والذي يتضمن إطلاقا للرهائن ووقفا دائما لإطلاق النار وصولا لإنهاء الحرب على غزة، قبلته إسرائيل، ويحظى بموافقة قطر، ومصر ومجموعة السبع، ومجلس الأمن الدولي” معتبرا أن هذا الاتفاق “ينهي الحرب على غزة ويضع برنامج انسحاب للقوات الإسرائيلية. فاذا كان هذا ما تريده حماس عليها القبول به”، بحسب قوله.

واعتبر هوكستين أن وقف إطلاق النار في غزة أو أي حل سياسي ينهي الصراع على جانبي الخط الأزرق “سوف يخلق ظروفاً لعودة النازحين إلى منازلهم في الجنوب، وكذلك الأمر للمدنيين على الجانب الآخر”.

وجرى إجلاء عشرات آلاف الأشخاص من منازلهم على جانبي الخط الأزرق الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان، تاركين وراءهم مناطق مهجورة من قرى ومزارع معرضة للقصف بشكل شبه يومي.

وقال هوكستين “الصراع على جانبي الخط الأزرق بين حزب الله وإسرائيل طال بما فيه الكفاية وهناك أبرياء يموتون وممتلكات تدمر وعائلات تتشتت والاقتصاد اللبناني يُكمل انحداره والبلاد تعاني ليس لسبب جيد. لمصلحة الجميع حل الصراع بسرعة وسياسيا وهذا ممكن وضروري وبمتناول اليد”.

وبعد استقباله للمبعوث الأميركي، أكد رئيس الحكومة اللبناني أن “لبنان لا يسعى إلى التصعيد، والمطلوب وقف العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان والعودة الى الهدوء والاستقرار عند الحدود الجنوبية”.

وقال “إننا نواصل، السعي لوقف التصعيد واستتباب الأمن والاستقرار ووقف الخروقات المستمرة للسيادة اللبنانية وأعمال القتل والتدمير الممنهج التي ترتكبها إسرائيل”.

وشدد على أن “التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان، لن تثنينا عن مواصلة البحث لإرساء التهدئة، وهو الأمر الذي يشكل أولوية لدينا ولدى كل أصدقاء لبنان”.

المطلب الأساسي

زيارة هوكستين إلى لبنان “قد تحمل جديدا”، بحسب ما يكشف المحلل السياسي فيصل عبد الساتر، الذي يقول إن “بعض المصادر الموثوقة أشارت إلى احتمال أن يتضمن عرضه إضافات قد تكون مغرية للبنان، لم يتضح إذا كان سيطرحها خلال اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين”.

ويتضمن عرض هوكستين، وفق قول عبد الساتر لموقع “الحرة”، إضافة إلى ما اقترحه في زياراته السابقة، من حزمة مساعدات تشمل دعماً إضافياً للجيش اللبناني وبعض المؤسسات، ومساعدات اقتصادية، وتأمين الكهرباء والغاز من مصر والأردن، “ضمان أو وعد من إسرائيل بعدم انتهاك السيادة اللبنانية عبر طيرانها، وهو مطلب أساسي للبنان”. 

ومع ذلك، قد يواجه هذا العرض رفضا من لبنان، بحسب عبد الساتر، إذ “يُتوقع أن يعبر الرئيسان بري وميقاتي عن هذا الرفض استناداً إلى موقف حزب الله، الذي أعلن بالأمس أنه إذا كان هوكستين جاداً في ما يريد طرحه في الساحة اللبنانية، فعليه ألا يهدر الوقت وأن يذهب إلى إسرائيل ويوقف الحرب على غزة، وغير ذلك لن يلقى أذنا صاغية”.

ويشدد حزب الله على أن “العروضات المشمولة ببعض التقديمات أو وقف الانتهاكات الجوية من قبل إسرائيل قد تصلح لما بعد وقف الحرب على غزة. كما أن كل ما يحكى عن إبعاد لحزب الله إلى شمال الليطاني مجرد أحاديث لا قيمة ولا قبول لها عند حزب الله”.

وأمس الاثنين، شدد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة”، النائب حسن فضل الله، على أن “المطلوب من الإدارة الأميركية أمر واحد، وهو وقف الحرب على غزة، لأن القرار بيدها لو كانت جادة، وبدل نقل رسائل التهويل، عليها إبلاغ نتنياهو قراراً فعلياً بوقف الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وعندها تتوقف بقية الجبهات بما فيها لبنان، وغير ذلك لن يجدي نفعاً” كما أعلن أن “حزب الله لا يخضع للتهديد، وهو مستعد لكل الاحتمالات، وما يقوم به هو للضغط على حكومة نتنياهو كي توقف عدوانها على غزة”.

وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، تعمل فرنسا منذ نهاية يناير على احتواء الاشتباكات على الحدود بين إسرائيل وحزب الله، وكانت قد طرحت مبادرة أولى، تم تعديلها بداية مايو بناء على طلب بيروت التي اعتبرت أن صيغتها تصب إلى حد بعيد في مصلحة إسرائيل.

وتنص الخطة خصوصاً على وقف أعمال العنف من الجانبين وانسحاب قوة الرضوان التابعة لحزب الله ومجموعات مسلحة أخرى حتى مسافة عشرة كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، بحسب مسؤولين لبنانيين.

وتنص أيضاً على أن تمنح قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) حرية تحرك كاملة في المنطقة، مع تعزيز دور الجيش اللبناني وعديده.

وأعلن ماكرون، خلال قمة مجموعة السبع أن فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل ضمن إطار “ثلاثي” على خارطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان.

واستبعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الانضمام إلى المبادرة التي روج لها الرئيس الفرنسي، وقال في بيان “بينما نخوض حربا عادلة دفاعا عن شعبنا، تتبنى فرنسا سياسات معادية لإسرائيل”، وأضاف “إسرائيل لن تكون طرفا في الإطار الثلاثي الذي اقترحته فرنسا”.

ويرفض حزب الله، بدوره، الخوض في أي مفاوضات من هذا النوع، مشترطاً وقفاً دائماً لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحليفته حركة حماس في غزة.

وأمس الاثنين، قبل غالانت دعوة نظيره الأميركي لويد أوستن لزيارة واشنطن، بحسب ما قالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينغ.

وأشارت سينغ إلى أن موعد الزيارة لم يحدد بعد، مشيرة إلى أن “اللقاء سيشكل فرصة لبحث العمليات العسكرية في قطاع غزة والاستماع إلى تحديث بشأنها، فضلا عن المساعدات الإنسانية”.

وأضافت “لا زلنا نعتقد أنه يمكن احتواء الوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل، حيث شهدنا مؤخرا زيادة في وتيرة العمليات العسكرية، ولا نريد أن تتصاعد الأوضاع إلى حرب شاملة”.

رسالة تحذير

على عكس الهدف المعلن لزيارة هوكستين، لا يرى الباحث والكاتب السياسي، الدكتور مكرم رباح، أنها لاحتواء الوضع على الجبهة الجنوبية، مشدداً على أن “هوكستين مجرد رسول لتبليغ اللبنانيين بما سيحدث في حال استمر حزب الله في عملياته ضد إسرائيل. وسبق أن فشل المبعوث الأميركي في إقناع الإسرائيليين بجدوى تخفيض التصعيد أو وقف إطلاق النار، في ظل بقاء حزب الله وسلاحه وقدرته على التدريب وتأثير الميليشيات الإيرانية في المنطقة”.

وفي ما يتعلق بما يتم تداوله عن أن إدارة بايدن لن تسمح بتوسع العمليات العسكرية في لبنان، فهو “غير دقيق”، يؤكد رباح لموقع “الحرة”.

ويشير إلى أن ” قرار المواجهة في إسرائيل ليس سياسياً فقط، بل يشمل جميع الأطراف بما فيها المؤسسة العسكرية والأمنية، كون حزب الله يمثل تهديداً واضحاً لأمن إسرائيل، والميليشيات الإيرانية تشكل خطراً حقيقياً على المنطقة، وأي مواجهة قادمة بين الطرفين ستستدعي دعماً أميركياً لإسرائيل كما جرت العادة”.

ويشدد رباح على أن “الجميع يترقبون الحرب بين إسرائيل وحزب الله رغم أننا في خضمها، والإسرائيلي لن يتراجع قبل وقف تهديدات حزب الله لأمنه، وقد أبلغ هوكستين بأنه سينهي العمليات في رفح عما قريب، وسيتفرّغ لجبهته الشمالية”.

أما عبد الساتر، فيرى أنه في حال فشلت مهمة هوكستين، فإن “حزب الله أكد مراراً أن الأمور تجري وفق تطوراتها اليومية، وكل لحظة بلحظتها، ووفقاً لما تقتضيه الحاجة يكون التوسيع والرد”. 

ويضيف “إذا أراد الإسرائيلي تنفيذ بعض تهديداته عالية السقف، والتي قد يحملها هوكستين إلى لبنان، فإن ذلك مرهون بتنفيذه لها، وفي حال قام بتوسيع دائرة الحرب فإن الرد لن يقتصر على حزب الله فقط، بل ستنفجر المنطقة برمتها، بحسب ما تشير إليه مصادر مطلعة وقريبة من الحزب”.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، أعلن في بيان عبر الفيديو باللغة الإنكليزية، الأحد، أن “تزايد اعتداء حزب الله يقودنا إلى حافة ما يمكن أن يكون تصعيداً أوسع نطاقاً، والذي يمكن أن تكون له عواقب مدمرة على لبنان والمنطقة بأكملها”.

وأضاف هاغاري “ستتخذ إسرائيل الإجراءات اللازمة لحماية مدنييها حتى استعادة الأمن على طول حدودنا مع لبنان”.

وتراجع إطلاق النار يومي الأحد والاثنين من جانب حزب الله، لكن الجيش الإسرائيلي واصل عملياته وقال إنه نفذ عدة ضربات جوية ضد أهداف للحزب في جنوب لبنان.

واليوم الثلاثاء، استأنف حزب الله عملياته العسكرية، فاستهدف دبابة ميركافا داخل موقع حدب يارين بمسيّرة انقضاضية، بحسب ما أعلن. وفي المقلب الآخر قصف الجيش الإسرائيلي وادي بلدة شبعا قضاء حاصبيا، مما أدى إلى اشتعال النيران، كما استهدف أطراف بلدة راشيا الفخار، بحسب ما أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام”.

وأسفر القصف المتبادل بين إسرائيل والحزب المستمر منذ ثمانية أشهر، عن مقتل 471 شخصا على الأقل في لبنان بينهم 307 على الأقل من حزب الله وقرابة 91 مدنياً، وفق تعداد لوكالة “فرانس برس”.

وقتل حزب الله نحو 30 شخصاً في إسرائيل منذ أكتوبر، من بينهم 10 مدنيين على الأقل، حسب “تايمز أوف إسرائيل”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *