أدلى خالد الترعاني، وهو ناشط أميركي من أصول فلسطينية، بصوته مبكرا في انتخابات الرئاسة، ورغم أنه لم يكشف هوية خياره، قال إنه لم يختر أيا من مرشحي الحزبين الرئيسيين؛ لا الجمهوري دونالد ترامب، ولا الديمقراطية كامالا هاريس.
إنهما “لا يمثلان مصالحنا كجالية عربية ومسلمة”، يقول الترعاني في حديث مع موقع “الحرة”.
ومع اقتراب موعد حسم السباق نحو البيت الأبيض، واستمرار الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان، تواصل الأوساط العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، نقاشات المقارنة بين الرئيس السابق دونالد ترامب، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، وكذلك جدوى التصويت لأحد مرشحي “الطرف الثالث”.
هذه أول مرة يمتنع فيها الترعاني، الذي يعيش في ولاية ميشيغان الحاسمة، عن التصويت لمرشحي الحزب الديمقراطي، ويعتقد، مثل معظم الليبراليين، أن ترامب “خطر على الديمقراطية”، مع ذلك يشدد الترعاني على أهمية التصويت في هذه الانتخابات.
وتشير استطلاعات رأي إلى تزايد اتجاهات الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين نحو التصويت للطرف الثالث، مع أنهم غالبا ما صوتوا لمرشحي الحزب الديمقراطي في السابق.
وأشار آخر استطلاع رأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية “كير”، ونشره الجمعة، قبل أربعة أيام من موعد الانتخابات، إلى أن 42 في المئة من الناخبين المسلمين يفضلون ستاين، بينما يدعم 41 في المئة نائبة الرئيس هاريس، بينما يدعم عشرة في المئة الرئيس السابق، وواحد بالمئة يدعمون المرشح تشيس أوليفر من الحزب الليبرالي، في حين أن خمسة بالمئة فقط من المشاركين لا يخططون للتصويت.
وكان استطلاع أجرته المنظمة في أواخر أغسطس الماضي، أظهر أن 29.4 في المئة من المسلمين يدعمون هاريس بينما حصلت ستاين على نسبة قريبة للغاية هي 29.1 في المئة.
مع اقتراب اليوم الحاسم.. استطلاع جديد يحدد “المرشح المفضل” لدى الأميركيين المسلمين
أظهر استطلاع جديد للرأي أن مرشحة حزب الخضر جيل ستاين أصبحت الأكثر تفضيلا بالنسبة للناخبين الأميركيين المسلمين الغاضبين من استمرار الحرب في غزة متفوقة على الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب.
وتقدر المنظمة عدد الناخبين المسلمين بنحو 2.5 مليون، معتبرة أنهم في وضع يسمح لهم مرة أخرى بلعب دور حاسم في تشكيل المشهد السياسي الأميركي، خاصة مع وجودهم الكبير في الولايات المتأرجحة الرئيسية.
الطرف ثالث
وتزايد الدعم لستاين في أوساط الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين في ولايات تنافسية مهمة، مثل ميشيغان وأريزونا وويسكونسن.
وتسعى ستاين إلى الحصول على دعم هذه المجموعات التي يشكل وقف الإسرائيلية في غزة أهم أهم مطالبها. وطالبت ستاين خلال حملتها الانتخابية بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتطبيق حظر فوري على إرسال الأسلحة الأميركية لإسرائيل.
يعبر بهاء عفيفي، أخصائي العلاج الطبيعي، عن خيبة أمله من سياسات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، “لا أرى فرقا كبيرا بين سياسات ترامب وهاريس في ما يتعلق بقضية غزة. الديمقراطيون يقولون إنهم يحاولون حل القضية، لكن في الواقع، يفعلون عكس ما يقولون، أما ترامب فيقولها في العلن”، مضيفا أنه “ليس هناك أسوأ مما هو حاصل”.
ويقول عفيفي لموقع “الحرة” إن أيا من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، لم يحاول الاستماع للعرب والمسلمين والأصوات المطالبة بوقف الحرب في غزة. “أنا بصراحة سأختار مرشحا ثالثا”، يضيف.
ويتابع أن أي نسبة يحصل عليها “الطرف الثالث” ستكون بمثابة رسالة للجميع”، فعدم الرضا عن مرشحي الحزبين لا يقتصر على الأميركيين العرب والمسلمين، على حد رأيه.
كيف صارت غزة قضية أميركية داخلية؟
“عندما استيقظتُ على الأخبار ورأيت ما يحدث، علمت أن حياتي لن تكون كما كانت”، تصف الطالبة الأميركية دانييلا كولومبي ذات العشرين عاما في حديثها مع موقع “الحرة” أن يوم السابع من أكتوبر وبدء الحرب في غزة كان نقطة تحول في حياتها والكثيرين من أبناء جيلها.
ويقول أحمد محمود، وهو صيدلاني يعيش في فيرجينيا أن الأمر لا يتعلق، بالنسبة له، بقضابا محددة، إذ يرى أن الانتخابات الحالية يجب أن تؤدي إلى توسيع هامش مشاركة الأحزاب الصغيرة في الشأن السياسي.
إذا حصلت ستاين على نسبة خمسة في المئة من الأصوات في انتخابات الرئاسة ستضمن حصولها على دعم حكومي يساعدها على المشاركة السياسية بفعالية أكبر في المستقبل، يقول محمود.
ويضيف في حديثه لموقع “الحرة”: “أنا لا أعتبر سياسة الحزبين المهيمنين كافية. الانتخابات الحالية ليست مجرد تصويت لمصلحة أحدهم، بل فرصة لإحداث تغيير شامل”.
وتتوقع استطلاعات الرأي حصول ستاين على نحو 1 في المئة الأصوات، وهي نسبة ضئيلة، لكن يتوقع خبراء أن يكون لها تأثير كبير على نتائج مرشحي الحزبين الكبيرين، هاريس، وترامب، المتنافسين المتعادلين تقريبا في غالبية استطلاعات الرأي.
جيل ستاين.. المرأة التي قد تحدد الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية
مع احتدام المنافسة في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يحدد بضع مئات من الأصوات هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض. هذا الأمر حدث من قبل وقد يتكرر هذا العام في سيناريو ستكون بطلته مرشحة حزب الخضر، جيل ستاين (75 عاما).
ويتنافس ترامب وهاريس على كسب تأييد الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين والناخبين اليهود، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا.
في ولاية ميشيغان المتأرجحة، حصل ترامب على دعم عدد من قادة المجتمعات الأميركية المسلمة وغيرهم، بما في ذلك تأييد اثنين من رؤساء البلديات في الولاية.
من يستفيد من الطرف الثالث؟
يرى المحلل السياسي، عضو الحزب الجمهوري نبيل ميخائيل، أن الحزب الديمقراطي خسر كثيرا من الأصوات في الفترة الأخيرة سواء من العرب والمسلمين وحتى من غيرهم بسبب قضايا عدة منها الاقتصاد والحدود والهجرة والسياسة الخارجية، إلى جانب قضية الحرب في غزة.
ويعتبر ميخائيل أن “تصويت العرب والمسلمين لشخصية ثالثة كنوع من العقاب لإدارة بايدن سيساهم في نجاح ترامب في الولايات المتأرجحة الحاسمة للسباق الانتخابي”.
وأوضح أن “العرب في ميشيغان مثلا عددهم تقريبا 300 ألف شخص، واليهود 100 ألف شخص، منهم 100 ألف صوتوا بغير ملتزم في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ضد بايدن، وهذا تقريبا 13 في المئة من الأصوات التي تم الإدلاء بها في الانتخابات الأولية في الحزب الديمقراطي في ميشيغان”.
وأضاف أنه “إذا لم يصوت 200 ألف من العرب والمسلمين لهاريس في ميشيغان، فأعتقد أن فرص وصول هاريس للبيت الأبيض ستكون حينها منعدمة لأن بنسلفانيا تقريبا هي الأقرب حاليا لترامب”.
في المقابل، يرى المحلل السياسي عضو الحزب الديمقراطي، نصير العمري أن الأصوات التي ستذهب للطرف الثالث تضر بترامب وفي مصلحة هاريس.
ويوضح أنه بالرغم من أن المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة الأميركية، روبرت أف كينيدي جونيور، أعلن انسحابه وتأييده لترامب، فإنه موجود في بطاقات الاقتراع، ومؤيدوه من نفس الداعمين لترامب، ولذلك هذه الأصوات ستضيع على المرشح الجمهوري”.
ولا يعتقد العمري أن “الصوت العربي سيكون هو المرجح بالرغم من أن هاريس كانت تود الحصول على معظمه لأنه تقليديا 70 في المئة من أصوات العرب أو أكثر تذهب للحزب الديمقراطي”.
الصوت العربي في المشهد الانتخابي الأميركي
وحول المشهد الانتخابي حاليا، يقول العمري إنه بحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن ترامب قد يحصل على نسبة 40 في المئة تقريبا من أصوات العرب في ميشيغان، وهي نفس النسبة تقريبا التي ستحصل عليها هاريس”، مضيفا أن “هناك فئة لن تصوت لترامب ولا لهاريس وربما ستذهب إلى مرشح ثالث، وبالتأكيد هاريس والحزب الديمقراطي خسروا كثيرا بسبب الحرب في غزة”.
أميركيون من أصل لبناني يدعمون هاريس في انتخابات الرئاسة
أعلن بعض الأميركيين البارزين من أصل لبناني الجمعة تأييدهم للمرشحة الديمقراطية للرئاسة كاملا هاريس في رسالة قالوا فيها إن الولايات المتحدة كانت تدعم لبنان “بشكل كبير” في ظل إدارة بايدن وإنهم يتوقعون دعما إضافيا إذا فازت هاريس في نوفمبر تشرين الثاني.
وفي انتخابات 2016، حصلت ستاين على 1 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني.
وصوت لها نحو 51 ألف ناخب في ولاية ميشيغان المتأرجحة التي فاز فيها ترامب على منافسته آنذاك الديمقراطية هيلاري كلينتون، بأقل من 11 ألف صوت.
إثر ذلك اتهمت حملة كلينتون ستاين بالتسبب في هزيمة المرشحة الديمقراطية أمام المرشح الجمهوري، إذ أن الأصوات التي حصدتها ستاين كانت كفيلة بفوز هيلاري كلينتون.
وكان الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، الذي انسحب من السباق الرئاسي وترشحت بدلا منه نائبته هاريس، فاز بأصوات الأميركيين المسلمين، في انتخابات عام 2020، إذ حصل، بحسب استطلاعات للرأي عقب التصويت، على تأييد ما يتراوح بين 64 و84 في المئة منهم، لكن دعم المسلمين للديمقراطيين انخفض بشكل حاد مع استمرار الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل في غزة منذ أكثر من عام.
وقالت حركة “غير ملتزم” التي قاطعت بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، إنها لن تدعم هاريس على الرغم من معارضة الحركة لترامب، مضيفة في بيان في 19 سبتمبر الماضي أنها لن توصي بالتصويت لطرف ثالث.
ويقول المحلل السياسي نصير العمري إنه “بالتأكيد الصوت العربي يلعب دورا مهما جدا في مييشيغان لأنه يبلغ عدده تقريبا 400 ألف صوت وهو رقم كبير جدا قد يرجح كفة على أخرى، وكان يعول عليه الحزب الديمقراطي”.
لكنه يرى أن “دور الصوت العربي في ترجيح كفة ترامب أو هاريس هي قضية معقدة لأن الخارطة الانتخابية في ميشيغان معقدة وشهدت دخول فئات أخرى في هذه الانتخابات ربما عوضت عن الصوت العربي أصلا مثل اللاتينيين والسود وهي تقليدا لم تكن تنتخب، ولذلك لا يمكن حساب الأمر بدقة”.
ويؤكد أنه “إذا كانت النتائج متقاربة ستكون هناك مراجعة للصوت العربي وأين ذهب الصوت العربي ولكن إذا فازت هاريس بنسبة كبيرة فلن يكون الصوت العربي محط اهتمام”.