البيت الأبيض: لا دليل على أن حماس تستخدم الرهائن الأميركيين وسيلة ضغط

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

تحت قصف إسرائيلي مكثف، وضعت آية حبوب، 23 عاما، ابنتها، ثم سرعان ما اضطرت إلى إخلاء منزلها في شمال قطاع غزة، والتوجه نحو الجنوب، عندما كان عمر مولودتها “تيا”، أربعة أيام فقط. 

خلال الرحلة التي تنكبتها مع أسرتها قبل الهدنة، كانت حبوب بالكاد قادرة على حمل نفسها على السير. وعندما كانت تحاول أن تستريح على جانب الطريق، كان زوجها يحثها على الاستمرار مخافة من القصف. 

وبينما كان سكان شمال القطاع يتوجهون سيرا على الأقدام لساعات نحو جنوب غزة، تاركين بيوتهم خلفهم، كانوا يرفعون أيديهم أو يلوحون بخرق بيضاء عندما يرون جنودا إسرائيليين مسلحين ببنادق موجهة نحوهم، بينما كان صوت إطلاق النار وأزيز الطائرات وانفجارات القصف لا تفارق آذانهم. وعلى طول الطريق المرصوف بالأنقاض تناثرت جثث ضحايا القصف في مشاهد أبرزت حكم اليأس والإذلال، بحسب وصف صحيفة “نيويورك تايمز”. 

وبالنسبة لعشرات الآلاف من السكان، فقد كانت رحلة الفرار من الجزء الشمالي في قطاع غزة الذي كان يدور فيه أعنف قتال منذ بدء الجيش الإسرائيلي غزوه البري في من أكتوبر الماضي، محفوفة بمخاطر جمة. 

جنود إسرائيليون في حي الزيتون في غزة في صورة بتاريخ 25 نوفمبر 2023

وقالت حبوب لـ”نيويورك تايمز”، إن الجنود الإسرائيليين، أوقفوا حماتها وأمروها بالوقوف لمدة نصف ساعة وهي ترفع يديها.

“بدأوا بعد ذلك بإطلاق النار، فبدأنا بالركض”، تتحدث حبوب وهي نازحة الآن في مستشفى في دير البلح، في وسط قطاع غزة، حيث نزح كثيرون، بينما كانت تيا، المغطاة بقطعة قماش بيضاء، تنام بسلام.

تشير حبوب، إلى أنها عندما بدأت بالجري خوفا من إطلاق النار، سقطت تيا من يديها. “كنت أبكي وأصرخ”، تقول. 

وبالرغم من أن الهدنة المؤقتة التي بدأت الجمعة الماضي، جلبت أول فترة راحة لقطاع غزة منذ سبعة أسابيع دمرت إسرائيل خلالها مساحات واسعة من القطاع، وخاصة الشمال، فإن هؤلاء الذين فروا يواجهون الآن مصيرا غامضا، مع وعيد المسؤولين في إسرائيل باستئناف الحرب والقصف بشكل أقسى وأعنف. 

ومنذ أسابيع، تحث إسرائيل سكان غزة الذين يعيشون في البلدات الشمالية على الفرار على طول شارع صلاح الدين، وهو الطريق السريع الرئيسي بين شمال القطاع وجنوبه.

سكان من شمال غزة يتوجهون خلال الهدنة نحو الجنوب

سكان من شمال غزة يتوجهون خلال الهدنة نحو الجنوب

وبينما تمكن بعض السكان من الفرار، خلال الأسابيع الماضية، من شمال قطاع غزة، فإن هناك آخرين لم يستطيعوا المغادرة “لأنه ليس لديهم أقارب أو أي شخص يعرفونه في الجنوب، ولا يمكنهم ترك أفراد الأسرة الأكبر سنا وراءهم أو ليس لديهم الموارد المالية”، بحسب “نيويورك تايمز. 

وبدلا من ذلك، لجأ العديد منهم إلى المدارس أو المستشفيات في الشمال في ظل ظروف خطيرة ويائسة على نحو متزايد. 

وفي الأسابيع التي سبقت وقف إطلاق النار، قصفت إسرائيل أيضا الجزء الجنوبي من قطاع غزة، ما جعل بعض سكان الشمال يشعرون بأن الفرار من منازلهم والذهاب نحو المجهول في الجنوب وبدون مأوى، أمر لا يستحق كل هذا العناء. 

وتقول الأمم المتحدة إن عدد النازحين الذين تركوا منازلهم في غزة يبلغ 1.7 مليونا من أصل 2.3 مليونا يسكنون القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس المصنفة منظمة إرهابية في الولايات المتحدة. 

القتال في قطاع غزة

القتال في قطاع غزة

وقال سكان غزة الذين تحدثوا إلى الصحيفة إنهم شعروا بالذل، وانعدام الكرامة، والغضب عندما وجدوا أنفسهم يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس. 

فالرحلة، التي تستغرق عادة ساعة للانتقال من شمال القطاع إلى الجنوب، امتدت لساعات حيث تمت بالسير على الأقدام في الغالب أو على عربة يجرها حمار.

ووصف العديد من سكان غزة الذين تحدثت إليهم الصحيفة مشاهد مماثلة لما رأته حبوب، مثل جنود يطلقون النار في المنطقة المحيطة بالفارين. 

ولم يعلق جيش الدفاع الإسرائيلي على هذه المزاعم المحددة، لكنه قال إنه اتخذ احتياطات كبيرة للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين. 

وبينما قال الجيش الإسرائيلي إنه أخبر المدنيين بالوقت الذي يمكنهم فيه استخدام ما وصفها بـ”الممرات الآمنة” لمغادرة شمال قطاع غزة، وصف نازحون “الممر الإنساني” بأنه عبارة عن “منطقة رعب”. 

أم في شارع صلاح الدين تحمل ابنتها المصابة على عربة خلال رحلتها نحو الجنوب

أم في شارع صلاح الدين تحمل ابنتها المصابة على عربة خلال رحلتها نحو الجنوب

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد أن اجتاح مسلحوها السياج وشنوا هجوما أدى لمقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.

ومنذ ذلك الحين، تقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 15 ألف شخص قُتلوا في القصف الإسرائيلي 40 بالمئة تقريبا منهم أطفال، ويخشى أن يكون عدد أكبر من القتلى تحت الأنقاض.

وفقد أكثر من ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون منازلهم وتقطعت بهم السبل داخل القطاع مع نفاد الإمدادات، وتنام آلاف العائلات في ملاجئ مؤقتة مع ما استطاعوا حمله من أغراض.

وأوضحت إسرائيل أنها تنوي مواصلة الحرب في جنوب غزة بعد انتهاء الهدنة.

الجيش الإسرائيلي اعتقال العشرات من سكان شمال قطاع غزة خلال غزوه البري

الجيش الإسرائيلي اعتقال العشرات من سكان شمال قطاع غزة خلال غزوه البري

وفي الأيام القليلة التي تلت سريان الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحماس، واصل بعض سكان شمال غزة التحرك جنوبا. وحاول آخرون العودة شمالا للاطمئنان على أحبائهم ومنازلهم، لكن القوات الإسرائيلية منعتهم وأطلقت النار عليهم، ما أدى إلى مقتل فلسطينيين اثنين، وفقا للصحيفة. 

ووصف عماد زيادة، الذي فر جنوبا إلى خان يونس من منطقة قريبة من بيت لاهيا، رحلته بأنها رحلة “معاناة وتعذيب وخوف مرعب”.

وقال إن الناس لم يتمكنوا إلا من أخذ الحد الأدنى من الممتلكات، بطاقات الهوية، وبعض الملابس وخرق لاستخدامها كأعلام بيضاء. 

لم يتمكن السكان الفارون إلا من حمل أشياء بسيطة خلال رحلتهم نحو الجنوب

لم يتمكن السكان الفارون إلا من حمل أشياء بسيطة خلال رحلتهم نحو الجنوب

وأضاف أن الجنود الإسرائيليين كانوا يصرخون عليهم باستمرار. “وعلى الطريق كانت مشاهد مروعة. الجثث في كل مكان حولنا، وأحيانا أجزاء أجسام وأشلاء”. 

وأشار إلى أحداث النكبة، أو تهجير الفلسطينيين خلال الحروب التي أعقبت تأسيس إسرائيل، لم تكن بعيدة عن أذهان الناس. 

وقال: “في عام 1948 تهجرنا، والآن في عام 2023 نتعرض للتهجير القسري. لا أتوقع العودة إلى شمال غزة، لكن إذا أجبرونا على العودة، فإلى أين سنعود؟”. 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *