الأميركيون الأصليون.. قضايا انتخابية تهدد بتحطيم “علاقة طويلة” مع الديمقراطيين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

تصاعدت سحابة من الغبار من سيارة تويوتا الحمراء التي يملكها فيليكس آشلي (70 عاما) على طول التلال المنحدرة والصخور الضخمة التي يقطعها لساعات كل أسبوع للحصول على المياه.

وسلك فيليكس، وهو من السكان الأصليين الأميركيين، الطريق نفسه في محمية نافاجو الذي يقطعه الناخبون بضعة كيلومترات كل أربع سنوات للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، وفق ما تنقل أسوشيتد برس.

العديد من المنازل في نافاجو، التي تمتد بين أريزونا ويوتا ونيو مكسيسكو، مثل منزل أليكس، لا تحتوي على المياه الجارية.

وبجانب نقص المياه، يعاني سكان المحمية من الفقر والبطالة، ما يدفع العديد من المقيمين فيها إلى مغادرة أراضيهم.

تجسد هذه المحمية الكبيرة بعض أهم مشاكل السكان الأصليين الذين سيصوتون مثل غيرهم في الانتخابات الرئاسية.

عقبات في الطريق

طالما واجه الحق في التصويت بذاته عقبات لوجستية وقانونية، وهي مشكلة أخرى تعاني منها هذه الفئة.

من بين هؤلاء جينيفر جوان التي أمضت نحو ساعة للإدلاء بصوتها في الانتخابات التمهيدية لولاية أريزونا في يوليو، لإقناع العاملين في مراكز الاقتراع بأنه ينبغي السماح لها بالتصويت، وفق تصريحاتها لرويترز.

كانت جوان ناخبة مسجلة في قبيلة توهونو أودهام، لكنها تفتقر، مثل العديد من سكان الأراضي القبلية، إلى عنوان فعلي.

وتضع سجلات التصويت وصفا تقريبيا لأماكن المنازل، ومنزلها على سبيل المثال يقع بالقرب من علامة الميل 7 على الطريق الهندي 19.

تم الاعتراف بالسكان الأصليين أول مرة مواطنين أميركيين قبل نحو 100 عام، لكن السماح لهم بالتصويت واجه عقبات كبيرة. واستخدمت العديد من الولايات اختبارات معرفة القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية لمنعهم من الإدلاء بأصواتهم حتى سبعينيات القرن العشرين.

ويشير موقع مكتبة الكونغرس أن قانون الجنسية لعام 1924سمح للأميركيين الأصليين المولودين في الولايات المتحدة بالحصول على الجنسية الأميركية الكاملة، لكن القانون ترك للولايات أن تقرر من له الحق في التصويت، وهو ما ترك ثغرة جعلت هذه الفئة تعاني ما عانى منه الأميركيون من أصل أفريقي للتصويت في الانتخابات.

السكان الأصليون لألاسكا

موفد “الحرة” سافر إلى ألاسكا والتقى سكانها الأصليين، وهذا ما تعلمه عن العيش في ظروف مناخية متطرفة.

هذا الأمر، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ينعكس بطبيعته على انتخابات 2024، إذ يشكك بعض السكان الأصليين في الوعود التي قطعها المرشحون على أنفسهم.

وزن انتخابي

تكتسب الأميركيين الأصليين أهمية كبيرة، فهي، وإن كانت ضئيلة، ستكون ذات أهمية كبيرة في ولايات متأرجحة مثل أريزونا، التي تضم حوالي 400 ألف أميركي أصلي وفقا لبيانات تعداد عام 2023.

وعلى الصعيد الوطني، يوجد حوالي 8 ملايين أميركي أصلي في سن التصويت، وفقًا لتقرير صادر عن إدارة بايدن عام 2022.

ووجد التقرير أيضا أن نسبة إقبال الناخبين لدى هذه الفئة هي الأدنى بين أي مجموعة عرقية.

ويقول فيليكس آشلي: “يفقد الناس الثقة في الحكومة ولا يهتمون بالتصويت بعد الآن. الناس لا يحصلون على ما وعدوا به”.

ومع ذلك، فإن الناخبين الأصليين مثله هم من يمكن أن يكونوا مفتاحًا للفوز بولاية أريزونا وولايات متأرجحة أخرى في نوفمبر.

وفي عام 2020، صوتت أريزونا للمرشح الديمقراطي لأول مرة منذ عقود، بعدما فاز بادين بها بفارق 10آلاف و500 صوت فقط هناك.

وفي ذلك الوقت، زاد إقبال السكان الأصليين وصوتوا بأعداد كبيرة للحزب الديمقراطي، وفقًا لتحليل بيانات أجرته وكالة أسوشيتد برس.

هذه الأهمية الكبيرة لولايات متأرجحة مثل أريزونا دفعت العديد من السياسيين إلى الذهاب إلى المناطق النائية هناك للحصول على الأصوات.

ويأمل الديمقراطيون في تكرار إنجاز 2020، بينما يعمل الجمهوريون على استغلال غضب الناخبين الأصليين للحصول على أصوات جديدة.

نحو مركز القرار

جاكلين دي ليون، محامية حقوق التصويت في “صندوق حقوق الأميركيين الأصليين”، وهي عضو في قبيلة إيسليتا بويبلو، تقول لأسوشيتد برس “يعلم الجميع أن الأمر سيقتصر على 15 ألف صوت أو نحو ذلك في أريزونا”.

ويدخل الحزب الديمقراطي هذه الانتخابات مدعوما باعترافه بهذه الفئة على الأقل على المستوى الرسمي.

وفي مارس 2021 صادق مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين عضوة مجلس النواب عن ولاية نيومكسيكو، ديب هالاند، وزيرة للداخلية، والتي كان بايدن قد رشحها للمنصب. وبهذا التعيين أصبحت هالاند أول أميركية من السكان الأصليين تتولى مهام وزارية في الولايات المتحدة.

وكانت عريضة يدعمها أكثر من 120ممثلا قبليا ناشدت بايدن “صنع التاريخ” من خلال تعيين هالاند على رأس هذه الوزارة.

وفي يوليو 2022، عين بايدن الزعيمة القبيلة ماريلين ماليربا، وهي من السكان الأصليين أمينة للخزانة، ما اعتبر سابقة في تاريخ هذه الوزارة المسؤولة عن سك العملات المعدنية وطباعة الأوراق النقدية في البلاد.

ورشح بايدن عدة قضاة للتعيين في مناصب قضائية رفيعة، مثل القاضية كاي غريغسباي للمحكمة الجزئية في مقاطعة ماريلاند، والقاضية صن شاين سايكس (من قبيلة نافاجو) في المحكمة الجزئية للمنطقة الوسطى بكاليفورنيا

وفي المجموع، عمل أكثر من 80 أميركيا أصليا في مناصب رفيعة في الحكومة الفيدرالية خلال إدارة بايدن-هاريس، وفق البيت الأبيض.

لمن سيصوتون؟

خلال السنوات الثلاث الأولى من إدارة بايدن-هاريس، تم استثمار حوالي 45 مليار دولار في مجتمعات السكان الأصليين.

لكن الاستطلاعات الأخيرة تظهر أن الناخبين من هذه الفئة لا يوافقون كليا سياسات الحزب الديمقراطي.

واشنطن تحيي مشروع خط نفطي يعارضه السكان الأصليون

أعلنت إدارة دونالد ترامب الثلاثاء إحياء مشروع بناء خط لأنابيب النفط في نورث داكوتا، في قرار يأتي بعد شهرين على تراجع إدارة باراك أوباما عن هذا المشروع الذي تعارضه قبيلة من الهنود الأميركيين، سكان البلاد الأصليين.

وكشف استطلاع رأي وطني شمل 860 من الأميركيين الأصليين أن ترامب يتفوق على هاريس. ووجد الاستطلاع الذي نشره موقع Native News Online، الذي يتتبع أخبار السكان الأصليين، أن 44.88 في المئة يدعمون ترامب مقابل 37.44 في المئة يدعمون هاريس.

وكان استطلاع رأي للناخبين أجري إبان انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في عام 2022 وأجرته مؤسسة البحث التعاوني للأميركيين الأفارقة (AARC)، وجد أن غالبية هذه الفئة تدعم الديمقراطيين وإن كان أقل من عام 2020. وفي سباقات مجلس النواب، دعم الأميركيون الأصليون المرشحين الديمقراطيين بنسبة 56 في المئة مقارنة بـ 40 في المئة للجمهوريين.

ويظهر الاستطلاع أن الناخبين الأصليين أكثر ميلا للتصويت للمرشحين الجمهوريين مقارنة بالناخبين السود أو الآسيويين أو اللاتينيين، ولكنهم كانوا أقل بنسبة 15في المئة في القيام بذلك من الناخبين البيض.

ويدخل ترامب وهاريس سباق هذا العام بسجل حافل في التعامل مع السكان الأصليين.

ومن جابنه، دعا المدير التنفيذي لـ”المؤتمر الوطني للهنود الأميركيين”، لاري رايت، الأميركيين الأصليين إلى عدم التصويت للحزب الجمهوري أو الديمقراطي “بل للسيادة القبلية”.

وقال إنه يجب على الناخبين الأصليين تقييم المرشح الرئاسي الذي “سيخدم المجتمعات بشكل أفضل في قضايا مثل المواقع المقدسة وحقوق المياه وقضايا السيادة القبلية الأخرى”.

وأضاف “ينبغي للناخبين الأصليين الانتباه إلى الحقائق، وليس إلى المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو الألقاب، أو التسميات المضللة، مثل الليبرالي أو المحافظ”.

ويتباهى الديمقراطيون بحضورهم القوي في أراضي السكان الأصليين. وفي الأسابيع الأخيرة من الانتخابات، التقت هاريس بشباب من الأميركيين الأصليين في أريزونا، وقالت لهم في مقطع فيديو: “صوتك هو صوتك، وصوتك هو قوتك”.

وزار المرشح لمنصب نائب الرئيس، تيم والز، محميات في أريزونا.، وقال هناك: “مرارًا وتكرارًا، كان على دونالد ترامب أن يفعل ما هو صحيح بالنسبة للبلاد الهندية واختار العكس”، ووعد والز بالعمل من أجل الناخبين الأصليين.

لكن الديمقراطيين يواجهون حملة قوية من الجمهوريين من أجل سحب الأصوات منهم.

وقالت هالي دوبينز، مديرة الاتصالات في اللجنة الوطنية الجمهورية، إن الحزب الجمهوري افتتح أول مقر لحملته في نافاجو، وبدأ في إنشاء معارض محلية يرتادها المنظمون الديمقراطيون منذ فترة طويلة.

وأضافت أنه “في عام 2020، خسرنا الانتخابات بفارق 10 آلاف صوت… نحن نشهد تحولا كبيرا نحو الحزب الجمهوري نظرا للقضايا التي تتصدر أذهان الناخبين الأميركيين الأصليين: الاقتصاد والتضخم وتكلفة المعيشة”.

برادلي آرثر، التي تركت الحزب الديمقراطي وانضمت إلى حملة ترامب، قالت إن المجتمعات الأصلية لم تشعر بأنها حصلت على المقابل لدعمها الطويل للديمقراطيين، وهذا شعور مشترك بين الناخبين اللاتينيين والسود وغيرهم من الأقليات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وقالت وسط حشود من أنصار ترامب: “استيقظنا في الساعة الخامسة من صباح اليوم لنقود سيارتنا إلى هنا. نريد أن نظهر أن الأميركيين الأصليين يدعمونه”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *