وتختلف آراء خبراء عسكريين ومحللين سياسيين عراقيين تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” بشأن ما إن كان قيام القوات الأميركية بالرد العسكري على ضربات الفصائل لقواعدها في سوريا والعراق سيمر بسلام، لـ”وجود تنسيق” مع بغداد، أم قد يفضي إلى فوضى لا يتحملها الوضع الأمني.
والأحد، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمنية عراقية، أن فصيل مسلح يسمي نفسه “المقاومة الإسلامية في العراق” تعرض لضربة جوية، يُشتبه في أنها أميركية، قتلت 5 من أعضائه، شمال محافظة كركوك، شمال شرق البلاد، خلال استعداد هذا الفصيل لإطلاق صواريخ على قوات أميركية.
وأواخر نوفمبر، قصفت الولايات المتحدة مرتين فصائل عراقية موالية لإيران، منها فصائل الحشد الشعبي، ردا على هجمات شنتها تلك المجموعات على القوات الأميركية وقوات من التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش في العراق وفي سوريا المجاورة.
وتدعي هذه الفصائل أنها تقصف أهدافا أميركية، نصرة للفلسطينيين في قطاع غزة الذين تشن إسرائيل عليهم حربا منذ 7 أكتوبر الماضي بدعم أميركي، وتوقفت هذه الهجمات خلال فترة الهدنة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس الفلسطينية في الفترة من 24 نوفمبر الماضي وحتى صباح 1 ديسمبر.
وأعلنت فصائل في العراق مسؤوليتها عن أكثر من 70 هجوما على قوات أميركية منذ 17 أكتوبر.
استراتيجية ضربة بضربة
أستاذ العلوم السياسية و خبير العلاقات الدولية العراقي، الدكتور مهند الجنابي، يعتبر أنه منذ بدء القوات الأميركية في توجيه ضرباتها للفصائل العراقية (في جرف الصخر ببابل وأبو غريب ببغداد خلال نوفمبر) بما اختلفت قواعد الاشتباك بين الجانبين.
أما عملية الأحد، في كركوك، فيرى أنها “رسمت معالم جديدة” في التعامل الأميركي مع هجمات هذه الفصائل، وهي اعتماد استراتيجية “ضربة بضربة”، فأي ضربة تتلقاها من الفصائل، سيتم الرد عليها، وربما تكون “موجعة”.
ولا يتوقع الجنابي لهذا الأمر انعكاسا سلبيا على العلاقات بين واشنطن والحكومة العراقية، قائلا إن “هذه الضربات، بحسب البيانات الرسمية الصادرة من الجانبين العراقي والأميركي، تأتي بتنسيق بينهما، ولا تمثل إحراجا للحكومة التي أعطت الضوء الأخضر”.
كما يشير لوجود “حالة تفكك واضحة” في معسكر الفصائل المسلحة، نتيجة خلافات وانتقادات تتعلق بالموقف من ضرباتها للقوات الأميركية حالة تفكك واضحة في معسكر الفصائل المسلحة العراقية، وهناك خلافات وانتقادات بينية فيما يتعلق بالموقف من هذه الضربات.
إلا الحكومة العراقية سبق ونددت في بيان، 22 نوفمبر الماضي، بشن القوات الأميركية ضربات على مواقع لفصائل في البلاد، باعتبارها “انتهاكا واضحا” لسيادة العراق، كما نددت في نفس الوقت بـ”أي عمل أو نشاط مسلح يتم من خارج المؤسسة العسكرية”، باعتباره “خارجا عن القانون”.
القلق على “هيبة الدولة”
يخشى المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، أن ينتهي الأمر لـ”فوضى أمنية، وخرق لحالة الاستقرار الأمني التي يعيشها العرقا، ما ينعكس على سيادة البلاد” فيما بعد.
ويرفض البيدر استخدام الولايات المتحدة العمل العسكري، قائلا إن “السلوك الأميركي مرفوض باعتباره خرقا لسيادة البلاد”، كما يرى أن الحكومة “في حرج كبير”، سواء بسبب استهداف الفصائل للمصالح الأميركية، أو بقيام القوات الأميركية بالرد.
ومع بقاء أيام فقط على انتخابات المجالس المحلية المقررة 18 ديسمبر الجاري، والقلق من أن تؤثر عليها هذه التحركات العسكرية، يدعو المحلل السياسي العراقي كافة الأطراف إلى “خيار الهدنة في هذه المرحلة على أقل تقدير، حفظا لهيبة الدولة، ودعما لجهود الحكومة في الاستقرار الأمني والخطوات الإصلاحية”.
كما يحذر البيدر من أن تستغل الجماعات الإرهابية ما يجري للقيام بتحركات من جانبها تربك البلاد المقبلة على الانتخابات.
مسميات وهمية
بوصف الخبير العسكري العراقي، محمد عاصم شنشل، فإن “موقف الحكومة صعب، لأنها ليس لديها السيطرة على تحركات الميلشيات، ولاتملك إلا الاعتراض عليها وعلى الرد الأميركي أيضا”.
ويلفت شنشل إلى أن مسميات مثل “المقاومة الإسلامية”، التي أطلقتها مليشيا على نفسها مؤخرا “لم تكن موجودة في العراق، وتم إيجادها بالتنسيق مع إيران كغطاء لما يسعون إليه”، معتبرا أن ضرباتها للقواعد الأميركية “غير مؤثرة، ومجرد أكذوبة، وهي كشماريخ الاحتفالات”.
وعما يقف وراء تنفيذ هذه المليشيات لضرباتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا إذن، يرى المحلل العسكري أن “هدفها ملء الفراغ الذي استشعرته هذه المليشيات الفترة الماضية، فهي تبحث عن دور، رغم أنه ليس لديها فهم أو تكتيك عسكري للدفاع عن القضية الفلسطينية”.