استدعاء القائم بالأعمال.. ميقاتي يعلن “رفض التدخل الإيراني” بالشأن اللبناني

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

رضيع قضى في غارة إسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا شمال لبنان ليل الاثنين الماضي وآخر انتشل حيا من بين الركام في البقاع الثلاثاء، حادثان يعيدان إلى الواجهة معاناة الأمومة والطفولة في زمن الحرب. 

وفي إقليم الخروب في جبل لبنان أمثلة أخرى لحوامل وأمهات جدد هربن من منازلهن ولجأن إلى مناطق يعتبرنها أكثر أمانا، فما هي أكثر التعقيدات التي يواجهنها في رحلة النزوح والتهجير وداخل مراكز الإيواء؟ 

غزة ولبنان.. هروب متكرر وشح في “الأساسيات” يفاقم معاناة النازحين

مع استمرار الحرب في غزة، وتواصل التصعيد في جنوب لبنان، يعاني النازحون المدنيون في القطاع الفلسطيني و”بلاد الأرز” أوضاعا إنسانية صعبة، وفقا لمنظمات إغاثية وإنسانية.

“أمومة غير مكتملة”

في غرفة بمستشفى سبلين الحكومي في إقليم الخروب، سيدة لبنانية فقدت جنينها وهي في الشهر السابع من الحمل. النازحة من الجنوب اللبناني تعرضت للإصابة في غارة إسرائيلية استهدفت السبت الماضي، المبنى الذي تسكنه في منطقة برجا الواقعة على ساحل الشوف. 

هذه السيدة من ضمن 14 شخصا أصيبوا في تلك الغارة التي أدت في حصيلة أولية لوفاة 4 أشخاص.

وخارج جدران المستشفى في إقليم الخروب، حوامل خضن رحلة نزوح شاقة هربا من الموت. هؤلاء يختبرن معاناة مضاعفة، حيث ” يؤثر نقص الغذاء والماء بالإضافة إلى المخاطر المباشرة على الحياة، سلبًا على عملية الحمل من خلال نقص المعادن والفيتامينات، مما قد يؤدي إلى تشوهات خلقية ومضاعفات الحمل الأخرى”، حسب المكتبة الأميركية الوطنية للطب (National Library of Medicine) . 

هذا الخوف يدفع زهراء حسن لتمني “عدم الإنجاب” وهي التي تترقب ولادة ابنتها الأولى خلال أسابيع معدودة. وخاضت زهراء حتى الساعة النزوح مرتين، مرة من بلدتها “ياطر في النبطية بجنوب لبنان ومرة ثانية من البازورية في رحلة طويلة بالسيارة وانتظار لمدة 12 ساعة في الشارع بلا طعام ولا دواء لتخفيف التشنجات قبل الوصول إلى شحيم في الإقليم”. وتتحضر زهراء للولادة وهي لا تعلم إن كان بيتها الذي دخلته عروسا في يناير الماضي لا يزال قائما.

وفي القرية نفسها، تقيم فاطمة علي أحمد مع رضيعها في غرفة متواضعة بعد أن هربت من جحيم الحرب التي دمرت منزلها في الضاحية الجنوبية لبيروت. خاضت رحلة صعبة منذ زهاء شهر وكانت لا تزال تحمل جنينها في بطنها. 

تروي فاطمة لموقع “الحرة”: “غادرنا على عجل بعد أن تلقينا إنذارا بالإخلاء، لم أتمكن حتى من تأمين أوراقي الثبوتية أو ملابس طفلي. وفي الطريق، لا أذكر أي شيء سوى أصوات القصف والصراخ. شعرت بألم يمزقني وبتشنجات زادها الخوف حدة فوضعت يدي على بطني وصليت ألا يصاب الجنين بأي مكروه”.

أنجبت فاطمة ولدها بعد أيام معدودة على وصولها القرية. ومذاك، بدأت رحلة معاناة جديدة، بعد أن أنجبت في مستشفى خاص في منطقة إقليم الخروب. 

تقول بحرقة: “على الرغم من كل المساعدات، اضطررت للاستدانة لدفع فاتورة المستشفى بعد أن خضعت لعملية قيصرية. وحاولت أن أسير منذ اليوم الأول وأن استجمع قواي تفاديا لتكبد تكاليف أكبر. وحين عدت إلى مكان إقامتي، نمت على الأرض وطفلي بجانبي”. وتعتمد فاطمة اليوم على أصحاب الأيادي البيضاء لتأمين الحليب والحفاضات والدواء لطفلها. 

وفي مدرسة شحيم الرسمية الثانية، حوامل ينتظرن الإنجاب بقلق. تروي لنا مديرة المدرسة مايا الحاج شحادة عن وضعهن المأساوي على الرغم من الجهود التي تبذل في هذا الصدد. وتقول: “استضاف أهالي البلدة إحدى الأمهات الجدد في منزل، بعد أن نقلناها بعد إنجابها حرصا على صحتها وصحة الجنين ولتأمين بيئة أكثر ملاءمة لهما. ونتابع حاليا حوامل في الشهر الربع وفي الشهر الثامن ونحاول منذ اللحظة تأمين المتابعة الطبية اللازمة عن طريق الطبيب النسائي والقابلة القانونية. كما نحاول تأمين كل ما قد يحتجنه لاحقا عند الإنجاب وقدر المستطاع، من سرير وملابس وأدوية”. 

“ذكريات تحت الركام”.. لبنانيون يروون مأساتهم بعد دمار منازلهم

“هي خسائر لا تقدر بثمن”.. هكذا عبرت ليلى عن فقدان منزلها في الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي دُمّر جراء غارة إسرائيلية، موضحة أن الألم لم يكن فقط لفقدان الجدران، بل للذكريات التي كانت محفورة في كل زاوية من المنزل، بالإضافة إلى الأغراض الشخصية التي لم تتمكن من أخذها معها حين رحلت على وقع القصف العنيف.

المؤسسات تستنزف إمكاناتها

تستضيف منطقة إقليم الخروب حسب تقديرات نائب المنطقة ورئيس لجنة الصحة البرلمانية، بلال عبد الله، زهاء الـ150 ألف نازح. ويعتبر عدد النساء الحوامل/الأمهات الجدد كبيرا نسبة لعدد النازحين إلى جبل لبنان الجنوبي، وفقا لد. عبد الله الذي أكد لموقع “الحرة” أن “هناك مئات الحوامل الذين يحظين انطلاقا من قرار وزير الصحة بتغطية الفروقات، بالرعاية الصحية المطلوبة، والحال ينطبق على مراكز الرعاية الصحية في المنطقة والتي تشرف على مراكز الإيواء وتتابع أوضاع النساء اللاتي لا يزلن في طور الحمل”. 

وبهدف تسجيل السيدات النازحات الحوامل، اعتمدت آلية تنص على تسجيل النازحة الحامل في مركز الإيواء أو لدى البلدية التي تتواجد في نطاقها، وإعلام الفرق المكلفة بالمتابعة في غرفة إدارة الكوارث عن عدد الحالات واماكن تواجدها ليصار الى إيداع اللجنة المركزية العدد الإجمالي. ويتم توجيه الحامل، حسب ما أكدت لنا قائمقامية جبل لبنان، إلى مركز الرعاية أو المستشفى التابع لمركز الإيواء وفقا للجدول الصادر عن وزارة الصحة، بعد استحصالها على إفادة تسجيل نازح من مدير المركز أو من البلدية. كما يتم وضعت لوزارة الصحة خطا ساخنا للشؤون الصحية (الرقمين 1214 و1787).

وأكد عبد الله على متابعة الموضوع عن كثب وتسجيل عدد من الولادات دون مشاكل وعلى التعاون بين المستشفيات وخلية الأزمة. أما عن أهم العوائق فتبقى مادية، حيث حذر من “أن المراكز الاستشفائية ومراكز الرعاية الصحية الاولية بدأت تستنزف إمكاناتها وتحتاج لدعم أكبر. وهذا يتطلب تدخل المؤسسات الدولية مثل اليونيفيل ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات المعنية بالإغاثة خصوصا في ما بشبكة المرض والأمومة.” 

وتوقع مركز “الإقليم للتشخيص الطبي” (IDMC) “زيادة ملحوظة في عدد الحوامل اللاتي يحتجن للرعاية الصحية في إقليم الخروب. وتتراوح الزيادة وفقا لتقديرات غير رسمية ما بين 20 و3% نتيجة النزوح وتدهور الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية”. 

وأشار مدير المركز الدكتور رباح أبو عقل في مقابلة مع “الحرة” إلى أن “الضغط على الكادر الطبي قد يؤثر سلبا على جودة الرعاية المقدمة، وهذا يستدعي توزيع الأعباء بين المساعدين وتوظيف ممارسين صحيين إضافيين مثل الممرضات والنساء ومتخصصين في التوليد للتعامل مع زيادة الحوامل، وتوفير الدعم اللوجستي والمالي واستقطاب المتطوعين ونشر الوعي والبحث عن التمويل من الوكالات الدولية أو المؤسسات المحلية”.

 وفي سياق الوضع الطارئ أيضا، سطر المركز ضرورة تنظيم الدورات التدريبية لتحسين مهارات الكادر الطبي وتمكينه من التعامل مع الحالات الخاصة تحديدا في صفوف النازحات اللاتي يعانين من تعقيدات.

“إسعافات نفسية أولية”

وفي ظل هذا الوضع المأساوي، تفتح المبادرات الفردية والجماعية بابا للأمل وتصب في محاولة تلبية الحاجات المادية والنفسية أيضا. وتعمل جمعية “مفتاح الحياة” على القيام بما تسميه “الإسعافات النفسية الأولية” في قرى بإقليم الخروب مثل السعديات والدبية وسواها. 

وتتمحور المساعدات حول الدعم النفسي للأطفال (PSS) وهذا يشمل للمفاجأة، الأجنة أيضا، حيث يلتقط الجنين على حد تعبير الإختصاصية النفسية لانا قصقص، كل الضغط النفسي الذي تعيشه الأم “من خلال الزيادة في مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي قد تصل إلى الجنين عبر المشيمة. وقد يترك ذلك تأثيرات سلبية على نمو الجنين وتطوره، ويضاعف نسبة الإصابة بتعقيدات الحمل مثل الولادة المبكرة أو انخفاض الوزن عند الولادة”. 

كما شددت قصقص على ضرورة التعاطي مع “المشاعر الطبيعية إزاء أحداث غير طبيعية”، ومساعدة الأمهات الجدد على الحصول على مساحة لوحدهن وخلق بيئة مريحة للجنين أو الرضيع”.

بدورها، تحاول الطبيبة نرمين دغمان التي تعمل عن قرب مع النازحات الحوامل في كترمايا طمأنة الحوامل على سلامتهن وسلامة أطفالهن. 

وتسرد من أهم المصاعب، “نقص الموارد في العيادات، وعدم كفاية أعداد الأطباء والمعدات، بالإضافة الضغط النفسي الكبير حيث تعاني النساء من القلق والاكتئاب بسبب فقدان المنازل والأمان. 

بالإضافة إلى سوء التغذية حيث يصعب الحصول على الغذاء الكافي والضروري للأمهات الجدد.” 

ومن المبادرات أيضا، مبادرة لمؤسسة “بريدج” لذوي الاحتياجات الخاصة والتي وسعت مروحة المساعدات لتشمل الحوامل والأمهات في قرى مثل دلهون وكترمايا ومزبود، من خلال تأمين بعض اللوازم كالحفاضات والفوط الصحية والحليب وأدوات النظافة الشخصية، على حد قول الناشطة سهير سعد التي تعمل باسمها في الإقليم.
ويبرز العنصر الشبابي بقوة في مبادرات مثل “إقليم الخير” حيث تجول مجموعة من الشبان والشابات على مراكز الإيواء للمساعدة في إحصاء اللوازم وجمعها وتأمين ما يلزم على الرغم من العوائق الإقتصادية. ونقل الحقوقي حسن عبد الله صاحب المبادرة من ضمن المشاهدات، صور التعاضد كما في برجا حيث احتفل القائمون على أحد المراكز بولادة طفل نازح  بتحضير حلوى “المغلي” التقليدية، وصور لمعاناة تنذر بالأسوأ مع الإقتراب من فصل الصقيع وعدم توفر التدفئة أو حتى الملبس. 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *