إعلان الجزائر يؤكد التزام مصدري الغاز بالعمل لأسواق متوازنة وموثوق بها

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

الجزائر– أسدل الستار اليوم السبت على فعاليات القمة السابعة لرؤساء وحكومات دول منتدى الدول المصدرة للغاز، بالجزائر، بجملة من القرارات والتوصيات المهمة لأعضاء المجموعة والسوق الدولية الغازية.

وأكد “إعلان الجزائر” على رفض المجموعة لأي تدخلات مصطنعة في أسواق الغاز الطبيعي، بما فيها محاولات التأثير على آليات وضع الأسعار ووظائف إدارة المخاطر في الأسواق، إلى جانب تسقيف الأسعار بدوافع سياسية، مما يؤدي إلى “تفاقم التضييق على الأسواق وتثبيط الاستثمارات اللازمة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة”.

وعبّر الأعضاء كذلك عن رفضهم المطلق للتطبيق أحادي الجانب للإجراءات والتدابير الجبائية غير المسبوقة والمبررة تحت طائلة ضمان أمن الإمدادات بالطاقة بالنسبة للبعض، على حساب قواعد أسواق الغاز الطبيعي، مما قد “يهدد باستفحال اختلال التوازنات على حساب الشعوب التي تعيش أوضاعا هشة”.

بالمقابل، دعت إعلان القمة للاستثمار في الوقت المناسب من أجل استقرار السوق وتدفق الموارد المالية بدون عراقيل، والولوج إلى التكنولوجيا ونقل المعارف بطريقة غير تمييزية.

وشددت الدول المصدرة للغاز على رفض أي استخدام للتغير المناخي كمبرر لتنفيذ إجراءات تعيق الاستثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي ولاستحداث أي وسائل للتمييز الاعتباطي أو أي قيود مقنعة تخالف بشكل مباشر قواعد التجارة الدولية، على حد تعبير المصدر.

كما أكدت المجموعة على دعم الدور الأساسي لعقود الغاز الطبيعي طويلة الأمد، بالإضافة لتسعير الغاز الطبيعي، استنادا إلى مؤشر البترول والمنتجات البترولية لضمان ثبات الاستثمارات في تطوير موارد الغاز الطبيعي.

ورحب رؤساء الدول والحكومات بانضمام جمهورية الموزمبيق والجمهورية الإسلامية الموريتانية وجمهورية السينغال إلى المنتدى، مؤكدين بذلك السعي الجماعي لمنتدى الدول المصدرة للغاز إلى تعزيز التعاون والحوار في مجال الطاقة.

عبد المجيد تبون خلال ترؤسه للقمة السابعة لرؤساء منتدى الدول المصدرة للغاز (رويترز)

الحرب الروسية على أوكرانيا

وبخصوص تداعيات التوترات الجيوسياسية الحالية على سوق الغاز، أكد الخبير الطاقوي، عبد الرحمان عيّة، أن أسعارها بلغت، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، مستويات قياسية تاريخية خلال السداسي الأول من 2022.

وأوضح الخبير عيّة للجزيرة نت أن إمدادات الغاز الروسي نحو الاتحاد الأوربي تراجعت من 150 مليار متر مكعب في 2021 إلى 43 مليار متر مكعب سنة 2023.

وارتفع السعر في الأسواق الأوروبية، حسب إحصاءات معهد الطاقة التابعة لـ”شركة بي بي “، من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية سنة 2020 إلى 37.48 دولارا كمتوسط عام 2022، بالنسبة إلى مؤشر “تي تي إف” الهولندي لأسعار الغاز الأوروبية، مثلما يضيف الخبير الطاقوي.

والاتجاه نفسه عرفته الأسعار في كل من سوقي ألمانيا وبريطانيا، إذ بلغ الارتفاع 160% سنة 2022 و270% على التوالي، مقارنة بسنة 2021.

وينطبق الأمر كذلك على أسواق آسيا، إذ ارتفع السعر في سوق اليابان وكوريا الجنوبية إلى 33.98 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بعدما كان في حدود 4.39 دولارات سنة 2020.

لكن أسعار الغاز عادت تدريجيا إلى مستواها الأول (أي قبل الحرب الروسية الأوكرانية) ابتداء من الثلاثي الرابع لسنة 2022، بعد انفتاح أوروبا على إمدادات الغاز المسال القادم خاصة من الولايات المتحدة، كما أوضح الخبير عبد الرحمان عيّة.

جانب من الاجتماع الوزاري لمنتدى الدول المصدرة للغاز في الجزائر تحضيرا للقمة (رويترز)

زيادة مداخيل الدول العربية المصدرة للغاز

وإثر ذلك، استفادت الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي من الارتفاع الكبير لأسعاره في الأسواق العالمية سنة 2022، فقد ارتفعت مداخيلها بشكل لافت، وفق المؤشرات التي قدمها الخبير عيّة.

وانتقلت، على سبيل المثال، حصيلة صادرات الغاز الطبيعي في قطر من 129.3 مليار دولار، حسب إحصاءات “أوبك” سنة 2021، إلى 164 مليار دولار سنة 2022، بينما قفزت ذات الحصيلة بالنسبة للجزائر، حسب البنك المركزي، من حوالي 7 مليارات دولار سنة 2020 إلى 27 مليار دولار سنة 2022.

أما في مصر، فقد بلغت العوائد سنة 2022 نحو 8.4 مليارات دولار مقارنة بنحو 3.5 مليارات دولار خلال 2021، أي تحقيق مداخيل إضافية بـ5 مليارات دولار.

وبشأن هجمات  البحر الأحمر والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.، يعتقد الخبير الجزائري أن أسعار الغاز لم تتأثر بهما لحد هذه اللحظة، لأسباب سياسية، إذ إن ناقلات الغاز المسال لا تشكّل هدفا لجماعة الحوثي اليمنية، على اعتبار أن معظمها عربي أو إيراني أو قادم من روسيا أو متجه إلى الصين.

وأضاف المحلل الطاقوي سببا آخر يتعلق بتجنب الاصطدام المباشر بين الولايات المتحدة وكبار المنتجين في المنطقة، مشيرا إلى السعودية وقطر وإيران.

جانب من قمة منتدى الدول المصدرة للغاز في الجزائر (رويترز)

لا بديل عن الطاقات الأحفورية

ومن جهة أخرى، قال الخبير الدولي في الانتقال الطاقوي، عمر هارون، إن العالم كان يخطط للتخلي عن الطاقات الأحفورية في آفاق 2050، قبل أن تخلط الأزمة الروسية الأوكرانية كل الأوراق، مما جعل احتياطات الغاز الأوروبية تتراجع في شتاء 2023 لأقل من 60%.

واعتبر المحلل هارون في حديث للجزيرة نت أن هذا المورد الطبيعي يبقى الطاقة الأكثر طلبا والأقل تلويثا والأقدر مستقبلا على ضمان ديمومة تموين المصانع الكبرى بالطاقة اللازمة للإنتاج.

وكشف المتحدث أن أعضاء “قمة الجزائر” يسيطرون على 47% من الصادرات العالمية عبر الأنابيب و40 من الغاز المسوق، كما أنهم يملكون نحو 70% من احتياطات العالم الغازية.

ونبّه الخبير عمر هارون إلى أن حماية إمدادات الطاقة تطغى اليوم على النقاشات العالمية، موضحا أن عديدا من الدول غير قادرة على تأمين عمليات الاستخراج والنقل، نظرا للتطورات الأمنية المحيطة بها، على غرار العراق وليبيا والموزنبيق.

وأردف المحلل الطاقوي أن البحر الأحمر لم يعد ممرا آمنا للشحنات البحرية بفعل الحرب على غزة ودخول اليمن على خط المعركة.

وأشار عمر هارون إلى أن تراجع قوى كبرى عن الاستثمار في الغاز الأفريقي بمناطق مستقرّة سياسيا وأمنيا، مثل الجزائر، مقابل التوجه للتنقيب في بؤر متنازع عليها، قد يعقد الخريطة الطاقوية العالمية مستقبلا، خاصة بالنسبة للقارة الأوروبية، على حد تعبيره.

ارتفاع الطلب العالمي على الغاز

ويرى المحلل عمر هارون أنّ قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بوقف الصادرات الجديدة للغاز الطبيعي، لأجل غير مسمى، يضر بالاقتصاد الأوروبي المتعطش للطاقة، و”لن يجد بديلا عن الغاز لسدها، حتى وإن تطلب الأمر تخفيض البصمة الكربونية، وهو ما تعمل عليه جل الدول المصدرة للغاز”.

وفي السياق، توقع تقرير مستقبل الغاز في عام 2050 الصادر عن منتدى البلدان المصدرة للغاز، المعروض على هامش القمة السابعة بالجزائر، ارتفاع الطلب العالمي على الغاز، مقدرا انتقال مساهمته في المزيج الطاقوي العالمي من 23% حاليا إلى 26% بحلول 2050.

وبالمناسبة، قال الأمين العام للمنتدى، محمد حامل، إن “العصر الذهبي للغاز الطبيعي أمامنا وليس وراءنا”، مؤكدا أن التطور المرتقب سترافقه استثمارات عالمية في صناعة الغاز بقيمة 9 تريليونات دولار.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *