أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن مراجعة لتدافع وقع أثناء توزيع مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة الشهر الماضي وأودى بحسب حماس بحياة 115 فلسطينيا، خلصت إلى أن قوات “أطلقت النار بدقة” على مشتبه بهم اقتربوا من جنود في مكان قريب.
وقال الجيش إن “مراجعة للقيادة خلصت إلى أن جنود (…) لم يطلقوا النار على قافلة المساعدات الإنسانية، بل أطلقوا النار على عدد من المشتبه بهم كانوا قد اقتربوا من قوات قريبة وشكلوا تهديدا لها”.
وعرض قائد المنطقة الجنوبية، يارون فينكلمان، الثلاثاء، نتائج التحقيق في سلسلة الحوادث التي وقعت خلال الحملة الإنسانية لإدخال قوافل الإمدادات إلى شمال القطاع في تاريخ 29 فبراير على رئيس الأركان، الجنرال هيرتسي هاليفي.
ويتبين من التحقيق أنه أثناء توجه الشاحنات نحو نقاط التوزيع “نشأ احتشاد عنيف لحوالي 12 ألف من السكان الغزيين حول الشاحنات حيث نهبوا المعدات الواردة”.
وتابع البيان “خلال أعمال النهب أصيب البعض نتيجة شدة الاكتظاظ والدهس من قبل الشاحنات. بالإضافة إلى ذلك، خلال الاحتشاد اقترب العشرات من السكان الغزيين حتى مسافة بضعة أمتار عن قوات جيش الدفاع مشكلين خطرا حقيقيا على القوة في النقطة. في هذه المرحلة أطلقت القوات النار بشكل دقيق لإبعاد بعض المشتبه فيهم. مع مواصلة المشتبه فيهم بالاقتراب قامت القوات بإطلاق النار لإزالة التهديد”.
وأكد الجيش أنه “سيتواصل التحقيق في الحادث من قبل نظام الفحص على مستوى قيادة الأركان الذي يشكل جهة فحص مستقلة مسؤولة عن فحص أحداث استثنائية وقعت خلال القتال حيث سيحدد استنتاجاته حيال الحادث”.
ويقول الجيش إنه “يولي أهمية كبيرة للجهود الإنسانية ويبذل جهودا كبيرة ليسمح بنقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتحسين الأنظمة القائمة بهذا الخصوص”.
في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان لها، أن “التحقيقات التي وصفتها بالمزعومة التي يجريها الجيش الإسرائيلي بشأن مجزرة شارع الرشيد هي تحقيقات شكلية الهدف منها تبرئة الجيش وطمس الأدلة”، مؤكدة أن “المتهم لا يجوز أن يحقق مع نفسه، خاصة وأنه كانت هناك مطالبات من الدول بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة”.
وأشارت الوزارة إلى أن “الجيش يكذب دائما ويغطي على جنوده أيضا لحمايتهم من المساءلة والملاحقة القانونية”، معربة عن رفضها “تشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية داخلية هدفها ليس البحث عن الحقيقة وإنما طمسها، كما هو الحال دوماً، ولن تقبل أبداً هذه النتائج المفبركة التي تم صياغتها في أروقة الجيش”.
وتطالب الوزارة بـ”محاكمة القتلة ومن لأعطاهم التعليمات بفتح إطلاق النار على المدنيين الجوعى، ومحاكمة من منع وصول شاحنات المساعدات الإنسانية الى شمال قطاع غزة ومن فرض التجويع سلاحا فتاكا لقتل الأبرياء من المواطنين في غزة”.
وتحولت عملية توزيع مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة قبل أيام إلى مأساة أدت إلى مقتل أكثر من مئة شخص في ظل تصريحات متضاربة وموجة تنديد واسعة من دول غربية وعربية كررت الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطالب بعضها بتحقيق دولي.
وهرع مئات الأشخاص إلى مجموعة مكونة من حوالي 30 شاحنة تحمل مساعدات، فجر الخميس (29 فبراير)، إلى الشمال. وقال فلسطينيون إن قوات إسرائيلية قريبة أطلقت النار على الحشود. فيما قال الجيش الإسرائيلي، إن المراجعة، التي جمعت معلومات من القادة والقوات في الميدان، توصلت إلى أنه لم يتم توجيه أي ضربة تجاه قافلة المساعدات.
وقال المتحدث باسم الجيش، الأميرال دانيال هاغاري، إن “معظم الفلسطينيين قتلوا أو أصيبوا نتيجة التدافع”.
وأردف أنه “بعد الطلقات التحذيرية التي تم إطلاقها لتفريق التدافع، وبعد أن بدأت قواتنا في التراجع، اقترب عدد من المخربين من قواتنا وشكلوا تهديدا مباشرا لها. ووفقا للمراجعة الأولية، رد الجنود تجاه عدة أفراد”.
وفي المقابل، أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، أن نيران الجيش الإسرائيلي أدت إلى مقتل أكثر من 100 شخص أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات في شمال القطاع المحاصر.
وأشار المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، في بيان، السبت الماضي، إلى “ارتفاع حصيلة مجزرة شارع الرشيد إلى 118 شهيدا و760 إصابة”.
وتابع “لا يزال عشرات المصابين في حال الخطر، ما قد يرفع عدد الشهداء في أي لحظة، نتيجة عدم توافر الإمكانات الطبية لإنقاذ حياتهم”.
وقال شهود عيان، إن قوات إسرائيلية فتحت النار عندما هرع آلاف الفلسطينيين الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء نحو شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي الواقع على شارع الرشيد في غرب المدينة.
وأكد أطباء في مستشفيات غزة وفريق تابع للأمم المتحدة زار مستشفى هناك، إن أعدادا كبيرة من الجرحى أصيبوا بالرصاص.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن فريقا من الأمم المتحدة زار مستشفى الشفاء في مدينة غزة، الجمعة الماضي، لتوصيل مستلزمات طبية والتقوا أشخاصا أصيبوا في الواقعة.
من جهتها، قالت الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي، السبت الماضي، إن العديد من الفلسطينيين قتلوا أو أصيبوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات بنيران الجيش الإسرائيلي، داعية إلى إجراء تحقيق دولي.
وأضافت الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية أن “المسؤولية عن هذا الحادثة تقع على عاتق القيود التي يفرضها الجيش الإسرائيلي وعرقلة المتطرفين العنيفين لإيصال المساعدات الإنسانية”.
ويخضع إدخال المساعدات لموافقة إسرائيل التي شددت الحصار على غزة بعيد بدء الحرب، ولا تصل الإغاثة إلا بكميات محدودة جدا يأتي معظمها عبر معبر رفح مع مصر.
واتهمت جماعات الإغاثة والأمم المتحدة إسرائيل بمنع وصول المساعدات إلى شمال غزة، وهو ما نفته. كما أبلغت جماعات الإغاثة عن تفشي نهب شاحنات المساعدات في المنطقة.
وتهدد المجاعة 2.2 مليون شخص من أصل 2.4 مليون ساكن، وفق الأمم المتحدة التي حذرت، الجمعة الماضي، من أن المجاعة في القطاع “أصبحت شبه حتمية ما لم يتغير شيء”.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنته الحركة على مناطق ومواقع إسرائيلية محاذية لقطاع غزة، أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، غالبيّتهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
كما احتُجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 130 منهم ما زالوا في غزة، ويعتقد أن 31 منهم قتلوا.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على الحركة، وتنفذ عمليات قصف مكثفة أرفقتها اعتبارا من 27 أكتوبر بعمليات برية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص في القطاع، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة نحو 72 ألفا بجروح وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.