ليس السفر بالطائرات بالأمر السهل على الدوام، فما بالك بالسفر في الفضاء. إذ يعاني رواد الفضاء في الغالب من ضعف العظام وهزال العضلات خلال الأشهر التي يعيشون فيها في حالة انعدام الجاذبية في الفضاء، كما أن الناس على الأرض يعانون أيضا من هشاشة العظام وضعف العضلات مع تقدمهم في العمر، وهو ما يزيد من مخاطر تعرضهم للإصابات عند السقوط.
وأشارت دراسة أجريت عام 2022، عن هشاشة العظام عند 17 من رواد الفضاء، الذين سافروا على متن محطة الفضاء الدولية، في مهام تتراوح مدتها بين 4 إلى 7 أشهر، إلى أن الرواد تعرضوا لفقدان “كتل مهمة من العظام”، خلال رحلات فضائية استغرقت 6 أشهر، وجاء بالدراسة أن رواد الفضاء فقدوا ما نسبته 2.1% من كثافة المعادن (مثل الكالسيوم) في إحدى عظام أسفل الساق، وانخفضت قوة العظام بنسبة 1.3%.
ويعكف الأطباء على اكتشاف كيفية الحد من هزال العضلات، وهي حالة يتعرض لها مستكشفو الفضاء، إلى جانب كبار السن على كوكب الأرض.
وحصل الباحثون بجامعة سنترال فلوريدا بمدينة أورلاندو، على تمويل من الولاية للتعاون مع شركة فاكسينيتي للتكنولوجيا الحيوية، من أجل تطوير لقاحات يمكنها أن تمنع ضعف العضلات والعظام والتخفيف من حدته، وهو يمثل مشكلة صحية شائعة لدى الأشخاص الذين يعايشون رحلات فضائية لفترة طويلة، بالإضافة إلى المسنين.
وتهدف الأبحاث إلى إنتاج لقاح يمكنه أن يساعد على خفض ضمور العضلات، أو المساعدة على استعادة كتلتها في حالة الإصابة، أو عدم القدرة على الحركة أو عند السفر في الفضاء.
ويمكن أن يساعد اللقاح الأشخاص الذين يعيشون على الأرض، أو الذين يقومون برحلات فضائية، على أن يمارسوا حياة أفضل وصحية بدرجة أكبر، وفقا لما تقوله الدكتورة ميلاني كوثوب والدكتور ميشال ماسترناك، الأستاذان اللذان عملا في كلية الطب بجامعة سنترال فلوريدا، وشاركا في الأبحاث المشتركة.
القيام بمزيد من الرحلات
ويوضح لو ريس المؤسس المشارك لشركة فاكسينيتي ورئيسها التنفيذي، أنه إذا سارت الأمور على ما يرام، فيمكن أن تبدأ التجارب السريرية (على البشر)، للقاحات على البشر في وقت مبكر من عام 2025.
كما يمكن للقاح الذي يساعد على وقف، أو الحد من تدهور العظام والعضلات، أن يساعد أيضا على القيام بمزيد من الرحلات لاستكشاف الفضاء.
وتقول الدكتورة كوثوب إن اللقاح “يفتح فرصة كاملة جديدة للتفكير، والسعي للتوصل إلى نوعية من الحلول التي يمكن أن يطرحها، ومحاولة التعلم أيضا، لأن ما يحدث في هذه البيئة المتطرفة (الفضاء)، يختلف عما يحدث على الأرض”.
بينما يقول الدكتور ماسترناك، إن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، تعتزم إرسال رواد فضاء مرة أخرى في مهمة إلى القمر عام 2025، وإذا أرادت الولايات المتحدة أن ترسل مهمّات فضائية، إلى مسافات أطول مثل المريخ، فإن العثور على وسائل للحد من تدهور العظام والعضلات، سيكون مسألة أساسية في تقليص بعض المتاعب الصحية المصاحبة للرحلات الفضائية.
وتؤكد كوثوب أن “هناك الكثير من الاهتمام، من جانب العديد من الأشخاص، العاملين في هذا القطاع لكي يطوروا اكتشافات جديدة، يمكنها أن تعطي دفعة صحية، لرواد الفضاء وأيضا لسكان الأرض”.
وتشير بيانات ناسا إلى أن رواد الفضاء، يمارسون تمرينات لمدة ساعتين يوميا في المتوسط، للحد من تدهور العظام والعضلات، الناتج عن انعدام الجاذبية، وتقول إنه بدون هذه التمرينات، لن يستطيع رواد الفضاء السير أو الوقوف، عندما يعودون إلى الأرض بعد مرور أشهر.