كثيرا ما يتم إعادة استخدام زيت القلي في المنازل والمطاعم، فهل هذا التصرف آمن؟ وهل له علاقة بالإصابة بالسرطان؟ المعطيات الطبية حول ذلك في هذا التقرير.
نبدأ من دراسة نشرت في 2019 في مجلة أبحاث الوقاية من السرطان (journal Cancer Prevention Research)، وأجريت على الفئران.
ووجد الباحثون أن زيت الطهي المعاد تسخينه قد يؤدي إلى تغيرات في الخلايا، يمكن أن تعزز نمو سرطان الثدي في مرحلة متأخرة.
واختبر باحثون من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين ما سموه “زيت القلي المُساء استعماله حراريا” (thermally abused frying oil)، وهو زيت الطهي الذي خضع لإعادة التسخين إلى درجات حرارة عالية لمرات عدة، على فئران المختبر، ووجدوا أنه يزيد من نمو سرطان الثدي النقيلي.
والسرطان النقيلي (metastatic cancer) هو سرطان يكون في منطقة أخرى منفصلة عن المنطقة الأولى التي نشأ فيها السرطان الأولي، فمثلا قد يبدأ السرطان في الأمعاء، ثم ينتقل إلى الكبد.
ويعرف هذا السرطان -أيضا- بالنقائل السرطانية والانبثاث، وهو نمو سرطاني ناجم عن الخلايا السرطانية المنبثقة من الورم الأصلي.
وينفصل الانبثاث عن الورم الأصلي، وينتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم، بعدها ينمو هناك ويتحول لأورام ثانوية.
زيت فول الصويا
أخضع العلماء جميع فئران المختبر لنظام غذائي قليل الدهون لمدة أسبوع. بعد ذلك، أعطوا بعض الفئران زيت فول الصويا الطازج غير المسخن لمدة 16 أسبوعا، بينما تناولت البقية “زيت القلي المساء استعماله حراريا” بدلا من ذلك.
واختار العلماء زيت فول الصويا؛ لأن المطاعم تستخدمه عادة للقلي العميق. ولمحاكاة سرطان الثدي، حقنوا خلايا سرطان الثدي في قصبة كل فأر، وهي خلايا عدوانية للغاية ولديها معدل انتشار واسع إلى مواقع بعيدة متعددة. ونتيجة لذلك، فإنها غالبا ما تظهر في الغدد الليمفاوية والكبد والرئتين.
وبعد 20 يوما من حقن الخلايا السرطانية، كان هناك اختلاف ملحوظ في معدل نمو النقيلي بين مجموعتي الفئران. ففي الفئران التي تناولت “زيت القلي المساء استعماله حراريا”، كان النمو النقيلي لأورام الساق أكبر بأربع مرات من نمو الأورام في الفئران التي تناولت الزيت الطازج.
الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات
ننتقل إلى مراجعة بحثية نشرت في 2019 في مجلة مراجعات نقدية في علوم الأغذية والتغذية (Critical Reviews in Food Science and Nutrition).
ووجد الباحثون أن استهلاك زيوت الطبخ التي يتم تسخينها بشكل متكرر، قد ارتبط بعدد من الأورام الخبيثة، بما في ذلك سرطان الرئة والقولون والمستقيم والثدي والبروستاتا.
وقال الباحثون إن إعادة تسخين زيوت الطبخ بشكل متكرر، يمكن أن يولد أنواعا مختلفة من المركبات، بما في ذلك الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAH)، التي أُبلِغ عن بعضها على أنها مسرطنة، وأشاروا إلى أن استنشاق أبخرة هذه الزيوت قد يشكل خطرا صحيا.
لماذا قد يكون الزيت المعاد تسخينه سيئا؟
تؤدي إعادة التسخين المتكرر لزيت الطهي إلى تغيير تركيبته وإطلاق مادة الأكرولين، وهي مادة كيميائية سامة ومن المحتمل أن تكون مسرطنة.
وتجب الإشارة إلى أن تناول الموضوع من جانب عرض أبرز الدراسات فقط، ولكن لا توجد توصيات رسمية تقول إن إعادة تسخين زيت القلي يسبب السرطان.
مع ذلك، فإن المعطيات الموجودة تشير إلى أنه ليس من الحكمة استخدام زيت القلي أكثر من مرة، خاصة عندما يتم استعمالها في القلي العميق، أي الذي يشمل درجات حرارة مرتفعة.