أظهر لقاح جديد نتائج أولية مبشرة تشير إلى إمكانية استخدامه كعلاج لبعض المرضى المصابين بسرطان البنكرياس أو سرطان القولون والمستقيم.
ويستهدف اللقاح الأورام التي تحمل طفرة جينية في الجين المسمى “كيه آر إيه إس” (KRAS)، وهو الجين الذي يقف وراء عدد من السرطانات.
وأجرى الدراسة باحثون من مركز “إم دي أندرسون للسرطان” (MD Anderson Cancer Center) في جامعة تكساس بالتعاون مع باحثين من مركز ميموريال سلون كيرتنج للسرطان (Memorial Sloan Kettering Cancer Center) في الولايات المتحدة الأميركية، ونشرت في مطلع شهر يناير/كانون ثاني الجاري في مجلة ناتشر ميدسين (Nature Medicine)، وكتب عنها موقع “يوريك أليرت” (EurekAlert).
طفرة جينية تحفز حدوث السرطان
الجين “كيه آر إيه إس” (KRAS) هو جين ينتج بروتينا يقوم بتنظيم انقسام الخلايا حيث إنه يمتلك القدرة على نقل الإشارات الخارجية إلى نواة الخلية.
وحدوث طفرة في هذا الجين تجعل البروتين يفقد قدرته على التحول من الحالة النشطة إلى الحالة غير النشطة الأمر الذي يترتب عليه تحول في الخلايا.
يعد هذا الجين أكثر الجينات المحفزة على حدوث السرطان وهو الجين الذي يُظهر أعلى معدل لحدوث طفرات. وارتبط هذا الجين بعدد من السرطانات الخطيرة مثل سرطان البنكرياس وسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة وسرطان القولون والمستقيم.
ومعرفة الجينات المحفزة لحدوث السرطانات واستهدافها بالعلاجات المناسبة أحدث ثورة في الخطط العلاجية للسرطان والنتائج المترتبة عليها.
لقاحات السرطان
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن اللقاحات تحتوي على أشكال ميتة أو ضعيفة من الجراثيم مثل الفيروسات أو البكتيريا، لا تسبب هذه اللقاحات أمراضا أو مضاعفات خطرة فهي تقوم فقط بتدريب خلايا الجسم المناعية على التعامل مع أمراض محددة.
تنقسم اللقاحات المتوفرة للسرطان إلى نوعين رئيسين:
- النوع الأول يهدف لمنع حدوث السرطان (Preventive Cancer Vaccines).
- النوع الثاني يهدف لعلاج السرطان بعد حدوثه (Therapeutic Cancer Vaccines).
واللقاحات التقليدية المعروفة تقوم بمنع حدوث الأمراض وهي الأكثر انتشارا وشهرة، ولكنك قد تتساءل عن الكيفية التي تعمل بها اللقاحات على منع حدوث السرطان.
السر يكمن في قدرة بعض اللقاحات على الحماية من بعض الفيروسات التي تحفز على حدوث السرطان.
واللقاحات العلاجية تدرب الجسم على حماية نفسه من الخراب أو النمو غير الطبيعي للخلايا. وتُمكّن هذه المطاعيم خلايا الجسم المناعية من معرفة الخلايا السرطانية وقتلها.
وتعطى بعض لقاحات السرطان العلاجية بعد العمليات الجراحية. وتقوم بمنع تأخر شفاء المريض أو بتأخير عودة السرطان له.
وقام أخصائي جراحة الأورام الدكتور فينود بالاشاندران باستخدام مقاربة مختلفة عما هو معروف سابقا لتنشيط الخلايا المناعية.
فقد قام بالتحقق من أن استخدام لقاح مصنوع من خلايا سرطانية لمريض ما مصاب بسرطان البنكرياس قد يقوم بتنبيه الخلايا المناعية لمريض آخر. والخلايا المناعية ستدرك أن الخلايا السرطانية قادمة من خارج الجسم.
وبهذه الطريقة يقوم اللقاح بتدريب الجسم على حماية نفسه من الخلايا السرطانية.
وفقا للدكتورة إيلين أوريلي طبيبة الأورام المختصة بسرطان البنكرياس والباحثة المشاركة في هذه الدراسة فإن هذه النتائج مثيرة لأنها تظهر أنه من الممكن أن نقوم بتحفيز الخلايا المناعية بأكثر من طريقة تمكنها من استهداف خلايا سرطان البنكرياس.
اختلاف
كيف تختلف اللقاحات المصممة بشكل خاص عن اللقاحات الجاهزة التي تستهدف طفرات الجين KRAS؟
يتوفر اللقاح المستخدم في هذه الدراسة بشكل فوري وهو يختلف في هذا الأمر عن نوع آخر من لقاحات السرطان العلاجية التي يتم تصميمها لكل مريض بشكل خاص من خلال الحمض النووي الريبي الرسول (messenger RNA) (mRNA)، وهو الأمر الذي يجعل استخدامها في حاجة لمزيد من الوقت والجهد.
وتشير الدكتورة أوريلي إلى أن وجود مثل هذا اللقاح المتوفر بشكل فوري ومستمر سيجعل علاج عدد أكبر من المرضى بسرعة وسهولة وبتكلفة أقل أمرا ممكنا، ما يعطي أملا لمرضى سرطان البنكرياس وسرطان القولون والمستقيم الذين عاد لهم السرطان بعد أن استنفدوا جميع العلاجات الفعالة المتوفرة.
نتائج الدراسات
المرحلة الأولى من الدراسات السريرية اشتملت على 25 مريضا يعانون من سرطان البنكرياس أو سرطان القولون والمستقيم والذين يملكون طفرة محددة في الجين “كيه آر إيه إس” (KRAS) والذين يتوقع عودة السرطان لهم بعد الجراحة.
وأظهرت نتائج دراسات المرحلة الأولى أن هذا اللقاح آمن ويقوم بتحفيز الخلايا المناعية.
وأشارت الدكتورة أوريلي إلى أن المرضى الذين أظهرت أجسامهم استجابة للقاح تأخرت عودة السرطان لهم مقارنة بالمرضى الذين لم يستجيبوا له، وأضافت أنه من الممكن البناء على مثل هذه النتائج السريرية.
ويخضع اللقاح الآن للاختبار في المرحلة السريرية الثانية في عدد من المؤسسات الطبية. وفي حين أن اللقاحات التي تصمم بشكل خاص لكل مريض تشكل أملا للمرضى، فإنها تحمل عددا من التحديات تتعلق بالوقت الذي تحتاجه هذه اللقاحات لتُصنع.
في المقابل يمكن إعطاء اللقاحات الجاهزة للمرضى بشكل مباشر ودون تأخر وبتكلفة أقل.