لديك قرار مهم؟ عليك النوم أولا ثم قرر بعد الاستيقاظ

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ديوك في الولايات المتحدة أن تأخير الحكم على الأشياء إلى ما بعد الاستيقاظ من النوم يساعدنا في تجنب الوقوع في فخ الحكم على الأشياء من الانطباع الأول.

بدأ فريق البحث الذي نُشر في الثالث سبتمبر/أيلول الحالي في مجلة علم النفس التجريبي بسؤال قديم: هل من الأفضل الحكم بحماسة بعد أخذ انطباع أولي جيد، أم تأجيل الحكم؟

أي صندوق ستبيع؟

للإجابة على هذا السؤال، قام الباحثون بدراسة تضمنت بيع مرآب خيالي. في سلسلة من التجارب التي أُجريت عبر الإنترنت، طلب الباحثون من المشاركين النظر في صناديق افتراضية تحتوي على أغراض غير مرغوب فيها لاختيار الصناديق التي يرغبون أن يبيعوها من مرآبهم الخيالي.

معظم الأشياء التي وضعت داخل كل صندوق لم تكن ذات قيمة كبيرة، مثل ساعة منبه قديمة أو نبات مزروع. ولكن كان هناك بعض الأشياء المختلفة مثل مصباح جميل أو دمية دب كانت ذات قيمة أكبر.

حصل المشاركون على نقود حقيقية بناء على الصناديق التي اختاروا بيعها، مما دفعهم إلى محاولة معرفة أي الصناديق كانت الأكثر قيمة.

الحكمة التقليدية تقول إن الناس يسهل إغواؤهم بالانطباعات الأولى، وهناك أدلة علمية قوية على أن الأحكام السريعة الأولية يصعب تغييرها، حتى لو تبين أنها غير دقيقة فماذا كشفت هذه التجربة العلمية؟

فخ الانطباع الأول

لم يعرف المشاركون أن إجمالي قيمة العناصر العشرين في كل صندوق كانت هي نفسها لكل الصناديق. كانت الفروق فقط في ترتيب الأشياء الأقل أهمية مقابل الأشياء “الثمينة”.

في بعض الصناديق، كانت كل الأشياء الثمينة في الأعلى، لذا عندما قام المشاركون بفتح الصناديق رأوا هذه العناصر أولا. في صناديق أخرى، كانت العناصر القيمة مجمعة في الوسط أو في الأسفل، وفي بعض الصناديق كانت مختلطة.

بعد فتح الصناديق، طلب الباحثون من المشاركين تقدير قيمة كل صندوق واختيار الصندوق المفضل لديهم. قام بعض المشاركين بالحكم فورا، بينما انتظر الآخرون إلى اليوم التالي لاتخاذ قرارهم.

ظهر النمط سريعا: عندما اضطر المشاركون إلى اتخاذ قرار فوري، كانوا يميلون إلى تذكر وتقييم الصناديق بناء على الأشياء الأولى التي رأوها.

وقالت المؤلفة الرئيسية ألي سينكلير، التي أجرت البحث كجزء من دراستها لنيل درجة الدكتوراه في مختبر الدكتورة أليسون أدكوك، أستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ديوك -وفقا لموقع يوريك أليرت-: “وجدنا أن الناس يتأثرون بشدة بالانطباعات الأولى”.

في كل مرة تقريبا، اختار المشاركون الصناديق التي تحتوي على الأشياء القيمة في الأعلى. عندما رأوا هذه “الكنوز” أولا قبل الأشياء الرخيصة، كانوا أكثر عرضة لاختيار هذا الصندوق مقارنة بما إذا كانوا قد رأوا الأشياء الرخيصة أولا.

ولم يكن المشاركون يفضلون الصناديق التي أعطت انطباعا مبهرا فقط، بل كانوا أيضا يميلون إلى المبالغة في تقدير قيمتها، حيث خمنوا أنها كانت تستحق 10% أكثر مما كانت عليه في الواقع.

التحيز الأولي

هذا مثال على ظاهرة نفسية تُعرف باسم التحيز الأولي، وفقا لسينكلير، التي تعمل الآن باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة بنسلفانيا.

عندما يتعلق الأمر بتشكيل رأي عام عن شيء ما، يبدو أننا نتأثر بشكل مفرط بالمعلومات الأولى التي تظهر لنا، حتى عندما تظهر حقائق جديدة.

في حالة تجربة بيع المرآب، منع هذا التحيز المشاركين من مقارنة الصناديق بطريقة عقلانية، وأدى حتى إلى اعتقادهم بأن بعض الصناديق كانت أكثر قيمة مما هي عليه في الواقع. في الوقت نفسه، وعلى نحو مثير للسخرية، كانوا أقل قدرة على تذكر تفاصيل دقيقة عندما سُئلوا عن الأشياء الثمينة الموجودة في صناديقهم المفضلة.

تأثير النوم

ومع ذلك، كان المشاركون الذين لم يُطلب منهم اتخاذ قرار إلا في اليوم التالي أقل عرضة للوقوع في هذه الفخاخ.

وقالت سينكلير: “اتخذوا قرارات أكثر عقلانية، وفضلوا بالتساوي الصناديق التي تحتوي على مجموعات من العناصر القيمة في البداية أو الوسط أو النهاية”.

المشاركون الذين “ناموا على الأمر” لم يعودوا يفضلون الصناديق التي قدمت انطباعا جيدا أول مرة بشكل ساحق. كانت الصناديق التي حفظت أفضل العناصر للنهاية متساوية في الوزن في حساباتهم الذهنية.

وقالت أدكوك: “قد يكون الحكم على الانطباعات الأولى أمرا جيدا للخيارات اللحظية”. فإذا كنت تشاهد المشهد الافتتاحي لفيلم أو تتصفح الصفحات الأولى من كتاب، يمكن أن تساعدك الأحكام السريعة بناء على هذه الانطباعات الأولية في اتخاذ قرار بشأن المضي قدما قبل أن تستثمر الكثير من الوقت والجهد.

لكن عندما يتعلق الأمر بالمواقف ذات الأهمية طويلة المدى، مثل العودة إلى مطعم، أو التوظيف أو العلاقات الاجتماعية فإن سينكلير تقول: “هناك حكمة في فكرة ‘النوم على الأمر’ قبل اتخاذ قرار”.

وأضافت أدكوك: “هذه نظرة أولية مثيرة حول كيفية تلخيص أدمغتنا لتجربة ممتعة، عندما تنتهي التجربة، يقوم الدماغ بترتيبها جميعا في الذاكرة لمساعدتنا على اتخاذ قرارات أفضل، وهذه الحيلة تحدث خلال الليل.”

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *