ماذا يعني مصطلح العمر البيولوجي؟ وكيف نقيسه؟ وكيف يمكن خفضه للرجل والمرأة؟ وهل هناك اختبار تجاري لقياس العمر البيولوجي؟
ما عمر الإنسان البيولوجي؟
عمر الإنسان البيولوجي هو مقياس يحسب وضع خلايا من حيث صحتها أو شيخوختها.
الفرق بين العمر الزمني والعمر البيولوجي
العمر الزمني فهو هو مدة وجود الشخص. في بعض الأحيان يكون العمر الزمني والعمر البيولوجي متماثلين بالنسبة للشخص، لكن قد يكونان مختلفين. مثلا قد يكون عمر الشخص الزمني 30 عاما، لكن خلاياه تعاني شيخوخة ولذلك عمره البيولوجي هو 40 عاما.
بعض الأشخاص يتقدمون في السن بشكل أسرع من غيرهم. بعد 25 عاما من التخرج، قد يبدو أحد زملاء الدراسة أصغر سنا من البقية بعقد من الزمن، وآخر أكبر منه بعقد من الزمن.
ويعمل العلماء على قياس هذه الظاهرة وتحديد “العمر البيولوجي” للشخص من خلال النظر إلى صحته الخلوية بدلا من عدد السنوات التي عاشها.
كيف يتم حساب العمر البيولوجي؟
قالت الدكتورة أندريا بريتا ماير، المديرة المشاركة لمركز طول العمر الصحي بجامعة سنغافورة الوطنية، إن الباحثين يعرّفون العمر البيولوجي بأنه “تراكم الأضرار التي يمكننا قياسها في أجسامنا”. ويأتي هذا الضرر من الشيخوخة الطبيعية، وكذلك من بيئتنا وسلوكياتنا.
في عام 2013 اقترح ستيف هورفاث، أستاذ علم الوراثة البشرية والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، استخدام “ساعة” تعتمد على مجال علم الوراثة.
على مدار حياتنا، يراكم الحمض النووي لدينا تغييرات جزيئية تعمل على تشغيل وإيقاف جينات مختلفة. قام الدكتور هورفاث بتحليل هذه التغييرات لدى آلاف الأشخاص وطوّر خوارزمية لتحديد كيفية ارتباطها بالعمر.
وقال جيسي بوغانيك، وهو مدرس في كلية الطب بجامعة هارفارد والذي يبحث في الشيخوخة البيولوجية، إن هذه التغييرات تحدث بشكل طبيعي مع تقدمنا في السن. ويمكن أيضا أن تتسارع بسبب السلوكيات التي تؤثر على الصحة، مثل التدخين.
وأضاف أنه ثبت أن تقديرات العمر البيولوجي مرتبطة بأشياء مثل متوسط العمر المتوقع والصحة.
هل هناك اختبار تجاري لقياس العمر البيولوجي؟
تبيع العديد من الشركات الآن اختبارات بقيمة 300 دولار تقريبا تستخدم هذه التقنية لحساب عمرك البيولوجي عن طريق تحليل دمك أو لعابك ومقارنة التغيرات في الجينوم الخاص بك بمتوسطات السكان.
لكن الخبراء يحذرون من أنها لا يمكنها أن تخبرك بالكثير عن صحتك، وذلك لأنها مصممة لتقييم مجموعات كبيرة من الأشخاص، وليس الأفراد. ونتيجة لذلك، يمكن أن تكون نتائجها غير موثوقة.
في مؤتمر عقد مؤخرا تحدث فيه الدكتور هورفاث عن هذا الموضوع، قال أحد الحضور إنه أجرى اختبارين مختلفين وحصل على عمرين مختلفين، بفارق 10 سنوات. قال الدكتور هورفاث إنه كان ينبغي للرجل أن يدخر ماله.
وقال دانييل بيلسكي، الأستاذ المشارك في علم الأوبئة بجامعة كولومبيا والذي طوّر بنفسه ساعة جينية: “أعتقد أنه يمكنك القول إن أفضلها ليس عديم الفائدة تماما.. لكن هذه الأدوات السريرية لم يتم تجربتها واختبارها بعد، لذا فهي مخصصة أكثر للفضوليين”.
مشكلة أخرى تتعلق بالاختبارات هي أنه من غير الواضح ما يجب فعله بالنتائج. ولا يعرف العلماء كيفية عكس العمر البيولوجي لشخص ما، أو ما إذا كان ذلك ممكنا.
لم يمنع أي من هذا الشركات من بيع هذه الاختبارات إلى جانب التوصيات الشخصية المتعلقة بالصحة ونمط الحياة، بالإضافة إلى المكملات الغذائية التي يقولون إنها ستؤدي إلى تراجع العمر البيولوجي للفرد.
تقدم بعض الشركات مجموعة من اختبارات الدم التقليدية التي قد تتلقاها في عيادة الطبيب، مثل الكوليسترول أو الهيموغلوبين A1C، وهو علامة لمرض السكري. ويقولون إنه نظرا لأن العديد من هذه الأرقام تزداد مع تقدمنا في السن، فيمكن استخدامها كمؤشر للعمر البيولوجي للشخص.
على سبيل المثال، إذا كان عمرك 45 عاما ولكن مستويات الكوليسترول لديك تبدو أشبه بمتوسط عمر 50 عاما، فقد تشير نتائج الاختبار إلى أن عمرك البيولوجي أكبر من 45 عاما.
لكن ميزة هذا النوع من الاختبارات هو أنه يقيس العوامل التي يمكن تعديلها؛ نحن نعرف كيفية خفض مستويات السكر في الدم من خلال الأدوية وتغيير نمط الحياة، على سبيل المثال. في المقابل، يعتبر العمر اللاجيني حاليا بمثابة صندوق أسود.
قال الدكتور بوغانيك “يبدو أن توسيع نطاق الوصول واستخدام الاختبارات بشكل متكرر لتحسين الصحة أمر معقول إلى حد ما بالنسبة لي”. لكنه أضاف أن “أي ادعاءات بشأن التحديد الدقيق للعمر البيولوجي على المستوى الفردي يجب التعامل معها بحذر”.
كيف تصغر العمر البيولوجي؟
وفقا للدكتورة مورغان ليفين، العالمة في جامعة “ييل” واختصاصية مكافحة الشيخوخة، هناك 4 طرق يمكنك بها عكس عقارب الساعة وتحسين صحتك، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة “تلغراف” (Telegraph) البريطانية.
ويشمل ذلك:
- التحول إلى نظام غذائي نباتي
في دراسة أجريت على 3 آلاف شخص في جامعة سيدني، وجدت ليفين والدكتور فالتر لونغو أن اتباع نظام غذائي عالي البروتين (20% من السعرات الحرارية من البروتين) يرتبط بزيادة خطر الموت المبكر بنسبة 74% مقارنة بأولئك الذين يتناولون كمية أقل من البروتين (أقل من 10%).
ولكن يجب على أولئك الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما أن يكونوا حذرين من تقليل كمية البروتين أكثر من اللازم.
وتقول ليفين “لا يعد البروتين مشكلة لدى الأشخاص الصغار أو في منتصف العمر، لأن أجسامهم لا تزال تصنّع بشكل طبيعي ما يكفي من هرمون النمو. ولكن مع التقدم في العمر، يكون تناول مزيد من البروتينات الصحية سواء الحيوانية أو النباتية مفيدا، لا سيما للأشخاص الذين يفقدون كثيرا من كتلة العضلات”.
- الصوم 3 مرات في السنة
وجد البحث الذي أجرته ليفين مع الدكتور لونغو أن 3 دورات من الصيام وتناول 4500 سعر حراري فقط على مدى 5 أيام (يعني تناول ما مجموعه 4500 سعر حراري في 5 أيام) يخفض العمر البيولوجي بنحو 2.5 عام، وتظهر لدى الأشخاص الذين يصومون “خصائص مناعية أكثر شبابا” بعد دورات متعددة من الصيام. وتؤكد ليفين “أن الصيام، على غرار التمارين الرياضية، يهيئ الجسد لإصلاح خلاياه وصيانتها”.
وعندما نظر العلماء في التأثير المحتمل الطويل الأمد لحميات الصيام، وجدوا أن البيانات تشير إلى أنها تساعد في إضافة 5 سنوات إلى متوسط العمر المتوقع، بالإضافة إلى تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50% وخطر السرطان بنسبة 30% ومرض السكري بنسبة 75%.
- ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة
تقول ليفين إن التمارين المتواترة العالية الكثافة هي الأفضل لزيادة العمر الافتراضي. وقد أظهرت دراسة نشرت عام 2017 على موقع “مايو كلينيك” أن ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة مدة 3 أشهر كانت كافية لتحسين اللياقة البدنية وحساسية الإنسولين بشكل كبير.
وتوضح ليفين أن “هذه التمارين تساعد في بناء ألياف العضلات مرة أخرى وتكون أكثر سمكا وكثافة”.
استخدم علماء الأبحاث في بوسطن وجامعة “هارفارد” فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي لإظهار أن السائل الدماغي الشوكي يغسل أنسجة المخ في الليل ليزيل الخلايا الميتة. ويعتقد العلماء أن هذا قد تكون له آثار على مرض ألزهايمر المرتبط بتراكم “لويحات بيتا أميلويد”.
وتظهر الأبحاث أن التمتع بنحو 7 ساعات من النوم في المتوسط يعد الطريقة المثلى لزيادة عمرك الافتراضي.
تصغير العمر البيولوجي للمرأة
توصل علماء أميركيون لحمية تمتد 8 أسابيع وطبقوها على 6 نساء، ووجدوا أنها قللت عمرهن البيولوجي بحوالي 5 سنوات.
وأجرى الدراسة الباحثون كارا إن فيتزجيرالد، وتيش كامبل، وسوزان مكارم، وروميلي هودجز من معهد الطب الوظيفي بجامعة فيرجينيا كومنولث وجمعية التغذية الأميركية، ونشرت في مجلة الشيخوخة، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
والنظام الغذائي الذي اتبعته المشاركات تم تعريفه بأنه “داعم للميثيل” (methylation-supportive diet)، ومصمم للتأثير على مثيلة الحمض النووي (DNA methylation) ومقاييس الشيخوخة البيولوجية.
وعملية مثيلة الحمض النووي هي تفاعل كيميائي في الجسم تتم فيه إضافة جزيء صغير يسمى مجموعة الميثيل إلى الحمض النووي أو البروتينات أو الجزيئات الأخرى، وذلك وفقا للمعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة.
يمكن أن تؤثر إضافة مجموعات الميثيل على كيفية عمل بعض الجزيئات في الجسم. على سبيل المثال، قد تؤدي مثيلة تسلسل الحمض النووي للجين إلى إيقاف تشغيل الجين بحيث لا يصنع بروتينا.
ويمكن أن تؤثر التغييرات في أنماط مثيلة الجينات أو البروتينات على خطر إصابة الشخص بمرض، مثل السرطان، كما تؤثر على عمره البيولوجي.
وعادة ما يتم فقدان مثيلة الحمض النووي تدريجيا مع تقدم العمر. وبناء على الدراسات، تم افتراض أن مثيلة الحمض النووي لا يتم الحفاظ عليها بدقة عند انقسامات الخلايا.
البرنامج عبارة عن إرشادات حول النظام الغذائي والنوم والتمارين والاسترخاء والبروبيوتيك التكميلي والمغذيات النباتية والتدريب على التغذية، وشملت التالي:
- تناول كوبين من الخضر الورقية الداكنة.
- تناول كوبين من الخضروات الصليبية.
- تناول 3 أكواب من الخضار الملونة.
- تناول ربع كوب من بذور اليقطين.
- تناول ربع كوب من بذور عباد الشمس.
- تناول حصة أو اثنتين من البنجر (الحصة نصف كوب مقطع).
- تناول مكمل للكبد أو الكبد (3 حصص، 3 أونصات في الأسبوع).
- تناول بيضة واحدة يوميا (5-10 في الأسبوع).
- تناول مكملات البروبيوتيك (كبسولتان).
- ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل.
- ممارسة تمارين التنفس مرتين.
- النوم 7 ساعات على الأقل.
- الصيام 12 ساعة بعد تناول الوجبة.
- شرب 8 أكواب من الماء في اليوم.
كم انخفض عمر المشاركات بعد اتباع الحمية؟
تم إجراء تحليل العمر البيولوجي على المشاركات عبر أخذ عينات من الدم في بداية الدراسة وفي نهاية فترة الأسابيع الثمانية.
وأظهرت 5 من المشاركات الست انخفاضا في العمر البيولوجي يتراوح بين 1.22 و11.01 سنة من العمر البيولوجي الأساسي، وبمتوسط انخفاض قدره 4.6 سنوات.
تصغير العمر البيولوجي للرجل
في دراسة أخرى شارك فيها رجال تتراوح أعمارهم بين 50 و72 عاما، تم عبر الحمية المذكورة تخفيض عمرهم البيولوجي بمعدل 3.23 سنوات.
وقال الباحثون: “تشير هذه البيانات إلى أن النظام الغذائي الداعم للميثيل والتدخل في نمط الحياة، قد يؤثران بشكل إيجابي على العمر البيولوجي لكلا الجنسين خلال منتصف العمر وكبار السن”.
المصدر : الجزيرة + وكالات + تلغراف + نيويورك تايمز + يوريك ألرت