تكرار لقاح كورونا يولد أجساما مضادة تقاوم متحوراته المتعددة وفيروسات أخرى

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أثر اللقاحات المتكررة ضد فيروس كورونا التي تؤدي إلى ظهور أجسام مضادة تعمل على تثبيط متحورات كورونا القديمة والجديدة وفيروسات أخرى.

وأجرى الدراسة باحثون من كلية الطب في جامعة واشنطن الأميركية، ونُشرت في مايو/أيار الجاري بمجلة “نيتشر” (Nature) وكتب عنها موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert).

لا تزال آثار جائحة كوفيد-19 واضحة حتى اليوم، رغم انتهاء الجائحة ما زال آلاف المرضى يزورون المستشفيات أسبوعيا بسبب معاناتهم من سلالات جديدة من فيروس كورونا. يعود هذا إلى قدرة الفيروس الفريدة على تغيير آلياته الدفاعية، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى تحديث توصياتها بشأن لقاحات كوفيد-19 سنويا.

رغم ذلك، يشعر بعض العلماء بالقلق من أن النجاح الكبير الذي حققته لقاحات كوفيد-19 في البداية قد يكون له تأثير معاكس على فعالية الإصدارات الجديدة من اللقاح، مما قد يضعف فائدة برنامج التطعيم السنوي. وهذا على غرار حملة اللقاح السنوي ضد الإنفلونزا التي تواجه مشكلة مشابهة، حيث يمكن أن تتداخل الاستجابة المناعية التي يوفرها لقاح الإنفلونزا عند الحصول عليه للمرة الأولى مع الاستجابات المناعية في السنوات اللاحقة، مما يقلل من فعالية هذه اللقاحات الجديدة.

غير أن نتائج الدراسة الحديثة تجيب على بعض التساؤلات المتعلقة بذلك فيما يتعلق بلقاحات كوفيد-19، حيث أظهرت هذه الدراسة أن المناعة السابقة ضد فيروس سارس كوف 2 (SARS-CoV-2)، الفيروس المسبب لكوفيد-19، لا تمنع استجابات اللقاح اللاحق مثل المناعة ضد فيروس الإنفلونزا، بل على العكس فهو يحفز تطوير أجسام مضادة مثبطة للفيروسات في نطاق واسع.

جرعات معززة

تظهر الدراسة أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بشكل متكرر ضد كوفيد-19 والذين تلقوا في البداية جرعات تستهدف المتحور الأصلي، تليها جرعات معززة ولقاحات محدثة تستهدف المتحورات اللاحقة، أنتجوا أجساما مضادة قادرة على تثبيط مجموعة واسعة من متحورات فيروس SARS-CoV-2 بالإضافة إلى بعض الفيروسات التاجية بعيدة الصلة.

وتشير الدراسة إلى أن إعادة تلقي اللقاح دوريا ضد فيروس كورونا يؤدي إلى بناء مخزون تدريجي من الأجسام المضادة التي تعمل على تثبيط نطاق واسع من الفيروسات في جسم متلقي اللقاح التي تحميه من فيروس SARS-CoV-2 والمتحورين اللاحقين وبعض أنواع الفيروسات التاجية الأخرى، حتى تلك التي لم تظهر بعد لتصيب البشر.

يؤكد كبير الباحثين في فريق هذه الدراسة مايكل دايموند على ذلك، وهو أستاذ الطب في جامعة هربرت س. جاسر. ويقول دايموند: “إن اللقاح الأول الذي يتلقاه الفرد يحفز استجابة مناعية أولية قوية تشكل الاستجابات للعدوى واللقاحات، وهو تأثير يعرف باسم البصمة، من حيث المبدأ، يمكن أن تكون البصمة إيجابية أو سلبية أو محايدة. في لقاحات كوفيد-19، نرى بصمة قوية وإيجابية، ذلك لأن تكرار اللقاح يقوم بتطوير أجسام مضادة تثبط نطاقا واسعا من الفيروسات النشطة.”

أما ما يقصده دايموند بالبصمة فهو الاستجابة الطبيعية لعمل الذاكرة المناعية، حيث يؤدي اللقاح الأول عند تلقيه إلى تطوير ذاكرة الخلايا المناعية في جسم الانسان. وعند تلقي الأشخاص لقاحا ثانيا مشابها للأول، يتم إعادة تنشيط خلايا الذاكرة التي تم تفعيلها بواسطة اللقاح الأول، مما يؤدي إلى هيمنة خلايا الذاكرة الأصلية على الاستجابة المناعية للقاح اللاحق.

في حالة لقاح الإنفلونزا يكون أثر البصمة سلبيا، حيث تزاحم خلايا الذاكرة القديمة المنتجة للأجسام المضادة الخلايا الجديدة، مما يؤدي إلى إنتاج عدد قليل نسبيا من الأجسام المضادة ضد السلالات الأحدث. ومع ذلك، توجد حالات يمكن أن يكون فيها تأثير بصمة لقاح الإنفلونزا إيجابيا، وذلك من خلال تعزيز تطوير الأجسام المضادة التي تثبط جميع السلالات في كل من اللقاحات الأولية واللاحقة.

وقام الباحثون باختبار مدى فعالية الأجسام المضادة المثبطة لمجموعة واسعة من الفيروسات التاجية، بما في ذلك:

  • سلالتان مختلفتان من أوميكرون (SARS-CoV-2).
  • فيروس كورونا المستخرج من حيوان آكل النمل.
  • فيروس SARS-1 المسبب لوباء سارس 2002-2003.

فيروس الشرق الأوسط التنفسي (MERS).

أظهرت النتائج أن الأجسام المضادة تمكنت من تثبيط جميع الفيروسات باستثناء فيروس MERS، الذي ينتمي إلى فرع مختلف من عائلة فيروسات كورونا. وهذا يشير إلى اتساع نطاق التأثير الناتج عن تكرار أخذ لقاح كورونا.

تظهر هذه الدراسات مجتمعة أن هذا التوسع الملحوظ في نطاق أثر لقاح كورونا يعود إلى الجمع بين اللقاحات الأصلية والمتغيرة. فالأشخاص الذين تلقوا اللقاحات التي تستهدف المتغير الأصلي لـ SARS-CoV-2 فقط، طوروا بعض الأجسام المضادة التي تتفاعل مع فيروس كورونا المستخرج من آكل النمل وفيروس SARS-1، ولكن كان ذلك بمستويات منخفضة. ولكن بعد تعزيزهم بلقاح أوميكرون، زادت الأجسام المضادة التي تعمل على تثبيط نوعي الفيروسات التاجية بشكل ملحوظ.

وبذلك توحي النتائج بأن تكرار تلقي لقاحات كوفيد-19 المحدثة ضد المتحورات الجديدة قد تمنح الأفراد الأدوات الضرورية لمواجهة جميع المتحورات لفيروس SARS-CoV-2 والفيروسات التاجية الأخرى، بما في ذلك تلك التي لم تظهر بعد، وليس فقط المتغيرات التي صممت اللقاحات لمواجهتها.

يقول دايموند: “في بداية جائحة كوفيد-19، كان سكان العالم ضعاف المناعة، وهذا أحد الأسباب التي جعلت الفيروس ينتشر بشكل سريع مما تسبب في كثير من الأذى، لا نعلم بالتحديد ما إذا كان الحصول على لقاح جديد لكوفيد-19 سنويا سيوفر الحماية من الفيروسات التاجية الجديدة على وجه التأكيد، ولكن هذا ممكن بشكل معقول كما يظهر حتى الآن. تشير البيانات إلى أنه إذا لم تتضاءل مستويات الأجسام المضادة متعددة المفعول بسرعة، فقد توفر حماية كبيرة ضد الأوبئة الناشئة بسبب فيروسات كورونا ذات الصلة. ولذلك، يجب علينا مراقبة مستوياتها بشكل دوري لتحديد ذلك على وجه اليقين”.

بعض أنواع الفيروسات التاجية (كورونا)

يمكن تصنيف فيروسات كورونا التي تصيب البشر إلى 7 أنواع تنقسم في مجموعتين كما يذكر موقع هيلث لاين:

أولا: الفيروسات التاجية البشرية الشائعة التي تشمل 4 فيروسات تاجية وهي:

  • إي 229 229E
  • إن إل 63 NL63
  • أو سي 43 OC43
  • إتش كي يو 1 HKU1

عادة ما تسبب هذه الفيروسات أعراض خفيفة إلى متوسطة، حيث يصاب معظم الأشخاص حول العالم بواحدة على الأقل من هذه الفيروسات خلال حياتهم إلا أنهم قادرون على التعافي منها من تلقاء أنفسهم في معظم الأوقات.

ثانيا: فيروسات تاجية انتقلت إلى البشر من الحيوانات

نشأت 3 فيروسات تاجية إضافية كعدوى حيوانية، وبمرور الوقت تطورت هذه الفيروسات وانتقلت في النهاية إلى البشر.

تعد هذه الفيروسات التاجية أكثر خطورة على صحة الإنسان، أحدها هو الفيروس الذي تسبب في جائحة كوفيد-19 الأخيرة، إليك بعض التفصيلات عن هذه الفيروسات:

سارس-كوف SARS-CoV

يسبب SARS-CoV متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس). ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، ظهرت الحالات البشرية الأولى لهذه العدوى في جنوب الصين في نوفمبر/تشرين الثاني 2002. من المحتمل أن يكون فيروس SARS-CoV قد نشأ في الخفافيش وانتقل إلى حيوانات أخرى قبل أن يصيب البشر.

خلال وباء 2002-2003، أصيب أكثر من 8 آلاف شخص في 26 دولة حول العالم بسارس، وتم الإبلاغ عن 774 حالة وفاة.

تم احتواء تفشي المرض في منتصف عام 2003 من خلال تنفيذ ممارسات مكافحة العدوى مثل العزل والحجر الصحي. ومنذ ذلك الحين، لم تعد تسجل حالات عدوى سارس إلا في المختبرات الطبية. حاليا لا توجد أية حالات مسجلة لانتقال مرض سارس في العالم. ومع ذلك، إذا عاد هذا الفيروس للظهور مرة أخرى فقد يشكل تهديدا كبيرا في العالم.

فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV)

يسبب فيروس MERS-CoV متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS). وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

يصاب البشر بفيروس MERS-CoV من خلال الاتصال بالجمال المصابة بالعدوى. كما ينتقل أيضا عن طريق الاتصال الوثيق بشخص مصاب بالعدوى.

سارس-كوف-2 أو SARS-CoV-2

يسبب فيروس SARS-CoV-2 مرض كوفيد-19. ظهر فيروس كورونا الجديد في ووهان بالصين، في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد أن لاحظ مسؤولو الصحة زيادة في حالات الالتهاب الرئوي دون سبب معروف.

ومنذ ذلك الحين تم ربط هذه الحالات بسوق لبيع المأكولات البحرية والدواجن. ورغم أن الفيروس تطور على الأرجح من مصدر حيواني، فإن مصدره الدقيق غير معروف.

وفي غضون بضعة أشهر، انتشر فيروس SARS-CoV-2 إلى مئات البلدان حول العالم بعد انتقاله عن طريق الاتصال الشخصي بشخص مصاب.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *