قال الدكتور ماثيو غولدمان إن العوامل التي تشتمل عليها البيئة الداخلية لمقصورات الطائرات، بالإضافة إلى عملية السفر الجوي بحد ذاتها، تؤثر جميعها على الوظائف الطبيعية للجسم، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن هناك بعض الخطوات الوقائية، التي يمكن القيام بها لتقليل هذا الأثر إلى الحدود الدنيا الممكنة.
وأوضح غولدمان، اختصاصي الطب العائلي في مستشفى كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة، قائلا “تشهد عوامل الضغط والحرارة ومستويات الأكسجين في مقصورة الطائرة تقلبات مستمرة، كما أن الرطوبة داخل الطائرات أقل مما هي عليه عند مستوى سطح البحر، ويمكن لجميع هذه العوامل أن تتداخل مع الوظائف الطبيعية للجسم البشري. بالإضافة إلى ذلك، فإن “هناك عملية الطيران بحد ذاتها، التي تؤدي إلى الانتقال بين المناطق الزمنية، والاحتكاك عن قرب مع عشرات أو ربما مئات الأشخاص الجدد”.
وأضاف الدكتور غولدمان أن التوتر المرتبط بالسفر بحد ذاته قادر على التأثير في أجسامنا، ولذلك ينصح الأفراد بالتخطيط للسفر بصورة جيدة ومسبقة للتقليل من هذا الأثر.
وأردف قائلا “يمكن أن يتوجه الأفراد إلى المطار باكرا لتجنب التوتر، الذي قد يصيبهم بسبب الازدحامات المرورية غير المتوقعة على الطريق، أو الصفوف الطويلة في المطار. كما يمكن للمسافرين الذين يتناولون الأدوية، وضعها في حقيبة محمولة تتيح لهم الوصول إليها بسهولة عند الحاجة، كما يتوجب على الأفراد المصابين بالسكري أو بحالات صحية معينة ضمان طلب الوجبات الخاصة المناسبة لحالاتهم بصورة مسبقة”.
وتابع الدكتور غولدمان أنه إذا شعر الأفراد بأنهم ليسوا على ما يرام فقد يكون من الأفضل لهم تأجيل السفر، وقال في هذا الإطار “إذا كانت قناة استاكيوس في الأذن مسدودة، بسبب التهاب ناتج عن نزلة برد أو حساسية، فقد لا تتمكن الأذن من معادلة الضغط عند الإقلاع والهبوط، مما قد يتسبب بالألم أو الضرر في الأذن”.
وأوضح الدكتور غولدمان أن هناك 5 طرق يمكن من خلالها للسفر الجوي التأثير في الجسم، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود خطوات يمكن للأفراد اتخاذها لتقليل الآثار الناجمة عن السفر.
1- مخاطر الجفاف
أشار الدكتور غولدمان إلى أن مقصورات الطائرات تتسم بالانخفاض الكبير في مستويات الرطوبة فيها، نظرا لكون نحو 50% من الهواء داخلها مصدره خارج الطائرة على ارتفاعات كبيرة، حيث يكاد الهواء يكون خاليا تماما من الرطوبة، مما قد يؤدي إلى جفاف الحلق والأنف والعيون والجلد، ولذلك قد يكون من الضروري اصطحاب المسافر لقارورة ماء فارغة يمكن ملؤها بعد إتمام إجراءات التفتيش الأمني في المطار، وحمل عبوات صغيرة من الكريم المرطب، وقطرات العيون، وبخاخات الأنف في حقيبة اليد.
وأوصى الدكتور غولدمان المسافرين بارتداء النظارات عوضا عن العدسات اللاصقة لتجنب الشعور غير المريح، الذي قد يشعرون به بسبب جفاف العين.
2- انخفاض طاقة الجسم
قال الدكتور غولدمان “إن الضغط الجوي منخفض في الارتفاعات العالية، مما يعني أن الجسم يأخذ كمية أقل من الأكسجين. ولذلك، تقوم شركات الطيران بضغط الهواء في مقصورات الطائرات، ولكن ليس بدرجة مماثلة للضغط عند مستوى سطح البحر، وعليه فإن كمية الأكسجين، التي تدخل الجسم تبقى منخفضة، مما قد يؤدي إلى الشعور بالتعب، وفي بعض الأحيان بصعوبة التنفس. كما أن الجفاف والجلوس لفترات طويلة يزيدان الأمر سوءا، وخاصة عند السفر إلى منطقة زمنية أخرى”.
وأكد الدكتور غولدمان أن ترطيب الجسم بالسوائل هو أمر مهم لمعالجة هذه المشكلة، وأوصى المسافرين بالنهوض من المقعد والمشي قليلا داخل الطائرة والقيام بتمارين التمدد أثناء الجلوس كرفع مشط القدم إلى الأعلى وشده، ومن ثم مده إلى الأمام وشد أصابع القدم، وذلك لضمان استمرار تدفق الدم.
أما بالنسبة للأفراد، الذين يسافرون إلى مناطق زمنية أخرى لفترات قصيرة من يوم أو يومين، فيتعين عليهم إبقاء فترات النوم متوافقة مع فترات النوم في المنطقة الزمنية، التي قَدِمَ منها المسافرون.
3- الضغط على الأذنين ودوار الحركة
قال الدكتور غولدمان “يتغير الضغط في المقصورة باستمرار، وبالتالي فإن ضغط الهواء في الأذن الداخلية يحاول التأقلم مع التغييرات ومعادلة الضغط، وإن هذه المعادلة هي ما يساعد على المحافظة على التوازن. ويؤدي تغيرالضغط الخارجي بسرعة خلال الإقلاع والهبوط إلى وضع الأنسجة حول الأذن الوسطى وقناة استاكيوس تحت الضغط، ولذلك تحاول الأذن القيام بتعديل فرق الضغط”.
وأوضح الدكتور غولدمان أن “عدم التوازن في الضغط قد يتسبب بدوار الحركة، الذي يحدث عندما يتلقى الدماغ من الأذن الداخلية والعيون والمستقبلات في الجلد والمستشعرات في العضلات والمفاصل، رسائل متضاربة حول الحركة ووضعية الجسم في الفضاء المحيط به”.
وأوصى الدكتور غولدمان بالقيام بحركات البلع أو التثاؤب خلال الإقلاع والهبوط من أجل فتح قناة استاكيوس، التي تتحكم بضغط الهواء في الأذن الوسطى. وبهدف التقليل من دوار الحركة، ويمكن للمسافر اختيار مقعد بجانب النافذة فوق الجناح، حيث تكون درجة الحركة في أدنى مستوياتها ويتيح له مشاهدة خط الأفق.
4- الانتفاخ
أشار الدكتور غولدمان إلى أن تغيرات ضغط الهواء في الطائرة تؤدي إلى تمدد الغازات في المعدة والأمعاء، الأمر الذي يجعل المسافرين يشعرون بالانتفاخ، ولذلك ينبغي على المسافرين تجنب تناول الأطعمة التي تتسبب في زيادة الغازات قبل وخلال الرحلة.
5- التعرض للجراثيم
قال الدكتور غولدمان “قد يعتقد بعض الأشخاص أن الهواء، الذي يتم تدويره داخل مقصورة الطائرة هو السبب في جعل المسافرين عرضة أكثر للمرض، لكن شركات الطيران تستخدم في حقيقة الأمر أنظمة متطورة لتنقية الهواء في الطائرات قادرة على التخلص من البكتيريا والفطريات والفيروسات في الهواء. إن التقارب الكبير بين أعداد المسافرين الكبيرة أثناء السفر هو في حقيقة الأمر ما قد يتسبب في المرض”.
لذا شدد الدكتور غولدمان على ضرورة حصول المسافرين على جميع التطعيمات اللازمة قبل السفر، وحمل عبوة معقم صغيرة، وغسل اليدين جيدا طوال فترة الرحلة.