بات في إمكان تشو يانغ يانغ (3 سنوات) أن ينادي والديه “أمي” و”أبي”، وأن يسمي الألوان، وهو الذي كان أصم تماما قبل بضعة أشهر فحسب.
فهذا الصبي واحد من 5 أطفال تمكنوا من السمع للمرة الأولى بفضل علاج جيني ثوري تلقاه في إطار تجربة سريرية أجراها باحثون صينيون وأميركيون.
ويوفر هذا العلاج أملا جديدا لهؤلاء الأطفال المصابين منذ ولادتهم بطفرة جينية نادرة.
وذكرت تشانغ يي (والدة تشو يانغ يانغ) أنها تأثرت إلى درجة البكاء عندما أدركت بعد 3 أشهر من العلاج أن طفلها أصبح يسمع صوت طرقاتها على الباب.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية -في مقابلة من شنغهاي- “اختبأت في خزانة وناديته، فأجاب”.
وتفصّل هذه الدراسة -التي نشرت اليوم الأربعاء في مجلة “نيتشر ميديسين”- نتائج أول تطبيق لهذا الإجراء العلاجي الجيني على كلتا الأذنين. وأثمر هذا الإجراء إدراكا أفضل للغة وقدرة أكبر على إيجاد مصدر الصوت مما يوفره علاج أذن واحدة.
وأوضح الباحث في مختبرات “إيتون بيبادي” زينغ يي تشين -لوكالة الصحافة الفرنسية- أن هذه الدراسة التي كان مسؤولا عنها بمثابة “نقطة تحول حاسمة”، مضيفا أن شركات باتت تجري دراسات سريرية، من بينها اثنتان في بوسطن، للحصول على تصريح باستخدام العلاج.
وأضاف “إذا بقيت النتائج على ما هي عليه، ولم تُرصد أي مضاعفات، أعتقد أن الإجراء يمكن أن ينال الموافقة خلال 3 إلى 5 سنوات”.
متحورة نادرة
ويعاني نحو 26 مليون شخص من شكل وراثي من الصمم في كل أنحاء العالم. ويركز هذا العلاج الجيني على متحورة يعانيها ما بين 2 و8% من الحالات.
فهؤلاء المرضى غير قادرين على إنتاج الأوتوفيرلين، وهو بروتين تحتاج إليه الخلايا الشعرية في الأذن الداخلية لتحويل الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كيميائية يتم إرسالها إلى الدماغ.
ويقوم الإجراء على حقن فيروس معدل في الأذن الداخلية، يعكس المتحورة المسببة للصمم.
من جهته، قال ييلاي شو الباحث في مستشفى يانغيانغ في شنغهاي، الذي شارك في إعداد الدراسة، إن “أفراد العائلة جميعا”، ومنهم والدة تشو يانغ يانغ وجدته، “بكوا عندما أدركوا أن الطفل أصبح للمرة الأولى قادرا على السماع”.
ولاحظت والدته، وهي ربة منزل (26 عاما)، أن رعاية نجلها أصبحت أسهل منذ أن بدأ يتكلم، وتأمل الأسرة في نقله من مدرسة متخصصة إلى روضة أطفال تقليدية.
تحديات جديدة
وسبق لييلاي شو أن أدار فريقا بحثيا توصل عام 2022 إلى أول علاج جيني من هذا النوع. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن علاج كلتا الأذنين طرح مشاكل جديدة، لأن مضاعفة العمليات الجراحية تزيد من خطر الآثار الجانبية.
ولكن لم تُسجل سوى آثار جانبية خفيفة أو متوسطة، مثل الحمى أو القيء أو زيادة طفيفة في خلايا الدم البيضاء.
ولوحظ تقدم كبير لدى الأطفال الخمسة الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و11 عاما، وتمكن اثنان منهم من الاستماع إلى الموسيقى، مع أن سماع هذه الإشارة الصوتية أكثر صعوبة، حتى أنهما رقصا، وفقا لمقاطع الفيديو المسجلة للدراسة.
وكان مدهشا أن الطفل البالغ 11 عاما تمكن من فهم اللغة أكثر والتحدث بشكل أفضل، رغم الاعتقاد السائد بأن الأوان فات بالنسبة لاكتساب الدماغ هذه القدرة إذ لم يسمع أصواتا من قبل.
ورأى تشنغ يي تشين في ذلك “دليلا على أن الدماغ يتمتع بمرونة ربما تدوم لفترة أطول مما كان يُعتقد في البداية”.
وستتواصل الدراسة وستتم مراقبة المرضى على المدى الطويل.