تمكّن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة طوكيو للطب وطب الأسنان، من التدليل على أن تشخيصات “شات جي بي تي” الطبية في مجموعة من أمراض العظام، لا يمكن أن يعتمد عليها بأي حال من الأحوال، الأمر الذي يثير الانتباه إلى مشكلة كبرى تتعلق بانتشار التشخيص الذاتي.
وحسب الدراسة الجديدة -التي نشرها هذا الفريق في دورية “جورنال أوف ميديكال إنترنت ريسيرش”- قيّم الباحثون دقة استجابة “روبوت” المحادثة “شات جي بي تي” لأعراض 5 أمراض عظمية شائعة؛ مثل: متلازمة النفق الرسغي، واعتلال النخاع العنقي، وهشاشة عظام الورك.
هل يمكن أن يستخدم للتشخيص الطبي؟
على مدى دورة من التجارب مدتها 5 أيام، قدم كل من الباحثين في الدراسة الجديدة الأسئلة نفسها إلى “شات جي بي تي”، بتقديم الأعراض، وسؤال “روبوت” المحادثة عن المرض.
وجاء في الدراسة أن تشخيص “شات جي بي تي” كان دقيقا بنسبة 100% بالنسبة لمتلازمة النفق الرسغي، لكن الدقة نزلت إلى 4% فقط بالنسبة للاعتلال النخاعي العنقي، والأسوأ من ذلك أن إجابات “الروبوت” اختلفت من شخص إلى آخر عن المرض نفسه، ولم تكن متسقة في كثير من الأحيان، وهو ما يعدّ خطأ في صلاحية طريقة تشخيصية ما.
كما وجد الباحثون أنه على الرغم من أن ما يقرب من 80% من إجاباته أوصت بالاستشارة الطبية، فإن 12.8% من تلك الإجابات فقط، تضمنت توصية قوية بلغة مباشرة.
وحسب بيان نشرته جامعة طوكيو للطب وطب الأسنان، فمن المهم لأي أداة تشخيصية أن تتضمن لغة واضحة لتنبيه المرضى للحصول على آراء طبية متخصصة لتأكيد المرض.
مستقبل الطب
وحسب مقال بحثي نشر في دورية “نيتشر ميدسين” في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن الأطباء والباحثين على حد سواء يجمعون الآن على أن السماح لـ”روبوتات” المحادثة بشكل عام أن تتفاعل مع المرضى، هو أمر متهور يجب النظر فيه ببعض من الحكمة.
وحسب هذا التقرير فإن العاملين في صناعة التقنية نفسها يتشاركون المخاوف ذاتها. ففي شهر مارس/آذار الماضي، أصدر أكثر من 1000 من قادة صناعة التقنية خطابا مفتوحا يدعو إلى التوقف مؤقتا في تطوير الذكاء الاصطناعي، جانب منه يتعلق بهذه المخاطر.
لكن المتخصصين في هذه النطاقات لا يقولون، إن “روبوتات” المحادثة ستكون غير فعالة بشكل دائم، بل تحتاج لكثير من التطوير والاختبارات الطبية التي تنشر نتائجها في دوريات تخضع لمراجعة الأقران، لكي يُوكّد صلاحيتها للتشخيص الطبي.
وإلى جانب ذلك تسعى بعض الشركات الآن لتصميم “روبوتات” محادثة تتخطى حاجز التشخيص إلى العلاج، وبشكل خاص في نطاقات العلاج النفسي غير الدوائي، حيث يمكن لـ”روبوت” المحادثة دعم المرضى بالتوجيهات العلاجية، لكن حتى في تلك الحالة يظل الإشراف الطبي ضروريا.
يأتي كل ما سبق في سياق مهم، وهو أنه تُجرى 300 مليار عملية بحث على غوغل سنويا حول موضوعات طبية، وعادة ما يستقي الناس معلوماتهم الطبية، ويُشخّصون أنفسهم ذاتيا من محركات البحث، مما يتسبب بالفعل في مشكلات كبيرة، ويجعل من “روبوتات” المحادثة قوة تخريبية جديدة في الطب.
ما “شات جي بي تي”؟
“شات جي بي تي” هو نموذج لغة كبير يتميز بقدرته على تحقيق فهم وتوليد اللغة للأغراض العامة، ويكتسب هذه القدرات باستخدام كميات هائلة من البيانات للتعلم بالطريقة نفسها التي يتعلم بها الإنسان اللغة، ولكن مع أفضلية كبرى لصالح الإنسان إلى الآن.
أُطلق “شات جي بي تي” في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ليكون “روبوت” محادثة مبنيّ على عائلة “جي بي تي-3” الخاصة بشركة أوبن إيه آي الأميركية لنماذج اللغات الكبيرة، وسرعان ما حظي بالاهتمام الشديد لردوده التفصيلية في عديد من مجالات المعرفة.