توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يتبعون نظام الصيام المتقطع قد يكونون أكثر عرضة للوفاة المرتبطة بالقلب.
وأجرى الدراسة باحثون بقيادة الدكتور فيكتور وينز تشونغ، أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة شنغهاي، وتم تقديمه في جلسات علم الأوبئة والوقاية – نمط الحياة وصحة القلب والأوعية الدموية التابعة لجمعية القلب الأميركية المنعقدة في الفترة من 18 إلى 21 مارس الجاري، وكتبت عنها نيوزويك.
وقام الباحثون بتحليل بيانات من أكثر من 20 ألف شخص بالغ في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
ووجد العلماء أن أولئك الذين تناولوا الطعام فقط خلال 8 ساعات من اليوم، (أي صاموا 16 ساعة يوميا) باتباع جدول زمني محدد لتناول الطعام، كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 91% مقارنة بأولئك الذين اتبعوا جدولا عاديا.
هذه النتيجة غير متوقعة، إذ وجدت دراسات سابقة أن الصيام المتقطع يحسن ضغط الدم ومستويات الغلوكوز في الدم والكوليسترول.
الصيام المتقطع
الصيام المتقطع هو نمط أكل يتنقل بين فترات الصيام وتناول الطعام. هناك عدة طرق للصيام المتقطع، لكن أكثرها شيوعا تشمل طريقة 16/8، التي تتضمن الصيام لمدة 16 ساعة يوميا وتقييد فترة تناول الطعام إلى 8 ساعات، وطريقة 5:2، التي تتضمن تناول الطعام بشكل طبيعي لمدة 5 ساعات خلال أيام الأسبوع وتقييد تناول السعرات الحرارية إلى 500-600 سعر حراري لمدة يومين غير متتاليين.
وقال تشونغ “إن تقييد وقت تناول الطعام اليومي لفترة قصيرة، مثل 8 ساعات يوميا، اكتسب شعبية في السنوات الأخيرة بوصفه وسيلة لإنقاص الوزن وتحسين صحة القلب”.
من جهتها، قالت كلية الطب بجامعة جياو تونغ في شنغهاي، الصين، في بيان “إن الآثار الصحية طويلة المدى لتناول الطعام المقيد بالوقت، بما في ذلك خطر الوفاة لأي سبب أو أمراض القلب والأوعية الدموية، غير معروفة.”
ووجد الباحثون أنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن تناول الطعام ما بين 8 إلى 10 ساعات في اليوم أدى إلى زيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية بنسبة 66%، وأن الصيام المتقطع لم يقلل من خطر الوفاة الإجمالي بسبب أي مرض.
ووجد الباحثون أيضا أن الأشخاص المصابين بالسرطان الذين يتناولون الطعام على مدار أكثر من 16 ساعة يوميا لديهم خطر أقل للوفاة.
وقال تشونغ “لقد فوجئنا عندما اكتشفنا أن الأشخاص الذين اتبعوا جدولا زمنيا محددا لتناول الطعام مدته 8 ساعات كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية”.
وأضاف “يظهر أنه بالمقارنة مع نطاق وقت تناول الطعام النموذجي الذي يتراوح بين 12 و16 ساعة يوميا، فإن مدة تناول الطعام الأقصر لم تكن مرتبطة بالعيش لفترة أطول”.
وقال تشونغ “من المهم بالنسبة للمرضى، وخاصة أولئك الذين يعانون أمراض القلب أو السرطان، أن يكونوا على دراية بالارتباط بين تناول الطعام لمدة 8 ساعات وزيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية. وتشجع نتائج دراستنا على اتباع نهج أكثر حذرا وشخصيا تجاه التوصيات الغذائية”.
واستدرك تشونغ قائلا “رغم أن الدراسة حددت وجود علاقة بين نافذة تناول الطعام لمدة 8 ساعات والموت القلبي الوعائي، فإن هذا لا يعني أن تناول الطعام المقيد بالوقت يسبب الوفاة القلبية الوعائية”.
تتضمن بعض القيود في هذه الدراسة حقيقة أن الأشخاص أبلغوا بأنفسهم عن جدولهم الغذائي، مما يعني أن هذه البيانات قد تتأثر بذاكرة المريض. ولم يتضمن التحليل أيضا عوامل مثل مدة تناول الطعام، أو حتى سبب الوفاة.
الحذر من النتائج
الدراسة البحثية لم تنشر بعد، ولذلك من المبكر الحكم على مدى مصداقية النتائج.
مع ذلك يجب الحذر من النتائج، وعدم القفز إلى استنتاجات عامة بأن الصيام المتقطع مضر للصحة، فغالبية الدراسات الحالية تؤكد فوائده. وهذا ما يدعو له الخبراء، إذ قال دوان ميلور، اختصاصي التغذية المحاضر في كلية أستون الطبية جامعة أستون -وهو لم يشارك في الدراسة- “من المستحيل تحديد إذا ما كانت كيفية قيام الشخص بتقييد الوقت لتناول الطعام مرتبطة بخطر النتائج الصحية حسب اقتراح الدراسة، لأنه من غير الواضح، نظرا لأن البيانات محدودة للغاية بناء على يومين من تذكر النظام الغذائي، لماذا يفعلون ذلك؟”.
وأوضح ميلور: “ربما كانوا يقيدون الوقت الذي يتناولون فيه الطعام. ربما يفعل بعض الناس ذلك لأسباب صحية، في حين أن آخرين بسبب بيئات العمل المجهدة أو الفقر، وهما من عوامل الخطر للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.
وأضاف “يجب أن نكون حذرين للغاية حتى لا نصدر عناوين وقصصا مثيرة للقلق بناء على مثل هذه المعلومات المحدودة. ربما يكون ما تأكله ونمط حياتك العام أكثر أهمية مما لو كنت قد أكلت كل طعامك في أقل من 8 ساعات على مدار يومين في العام”.
من جهته، قال بابتيست لوران، الأستاذ المشارك في الإحصاء الطبي في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، الذي لم يشارك في الدراسة “النتائج المقدمة في ملخص هذا المؤتمر مذهلة للغاية، وتشير إلى أن أولئك الذين يتبعون نظاما غذائيا مقيدا بالوقت قد يكون لديهم ضعف خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا من شأنه أن يتحدى الفوائد الصحية المتصورة بشكل شائع لهذا النظام الغذائي الشائع”.
وأضاف أن المعلومات المتاحة محدودة للغاية. ولم يتم نشر البحث الكامل بعد، وهذه النتائج مختصرة للغاية لاستخلاص أي استنتاج، على سبيل المثال، ليس من الواضح إذا ما كانت النتائج المبلغ عنها تأخذ في الاعتبار الفرق الأساسي بين المجموعات المقارنة، فمثلا إذا كان الأشخاص الذين يتبعون هذا النظام الغذائي يميلون إلى أن يكونوا أكبر سنا، أو أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فعندها سيكون مفهوما أن يظهر ارتباط بين الصيام المتقطع وزيادة خطر الموت.