أعلى حصيلة بالعراق.. لماذا تسجل محافظة نينوى العراقية أعلى الإصابات السرطانية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

الموصل- أكد وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي، الأسبوع الماضي، أن محافظة نينوى (شمالا) هي الأعلى نسبة في معدل الإصابات السرطانية وليست محافظة البصرة، وقال الحسناوي -في حديث نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)- إن قانون الضمان الصحي يحتاج من 8 إلى 10 أعوام ليغطي جميع العراقيين.

وكانت محافظة نينوى قد شهدت حربا ضروسا بين عامي 2014 و2017 إثر سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية على المحافظة، وما تبع ذلك من عمليات عسكرية استمرت عاما كاملا بين عامي 2016 و2017 تمخضت عن استعادة المحافظة مع خسائر بشرية ومادية كبيرة أدت لدمار واسع في البنى التحتية ومنها القطاع الصحي.

الإصابات السرطانية

في السياق، يقول مدير مستشفى الأورام والطب النووي التخصصي بمدينة الموصل (عاصمة المحافظة) الدكتور عبد القادر سالم أحمد إن محافظة نينوى ووفق آخر إحصائية مقرَّة من وزارة الصحة سجلت عام 2022 أعلى عدد في الإصابة بمرض السرطان بعدد كلي بلغ 2700 إصابة جديدة بالسرطان.

وكشف أحمد أن نسبة ارتفاع الإصابات السرطانية في محافظة نينوى تعد الأعلى في العراق بسبب ما شهدته المحافظة من عمليات عسكرية وتفجيرات خلال العقدين الماضيين وصولا للحرب على تنظيم الدولة.

وفي حديث حصري للجزيرة نت، بيّن مدير مستشفى الأورام أن نسبة الإصابات السرطانية في محافظة نينوى تقدر بـ63.6 لكل 100 ألف نسمة، مع تأكيده أن أعداد الإصابات الحقيقية بالمرض أعلى من ذلك بكثير، حيث يلجأ الكثير من المرضى الميسوري الحال للسفر خارج العراق وتحديدا للأردن وتركيا، في حين يتوجه بقية المرضى للعلاج في محافظات أخرى مثل النجف وكربلاء والسليمانية وبغداد، وذلك بسبب عدم وجود علاج إشعاعي في نينوى حتى الآن.

 

وبالتالي، يضيف أحمد أن هناك مئات الإصابات السرطانية في نينوى تسجل سنويا في محافظات أخرى، حيث يعتمد النظام الصحي على تسجيل الإصابات الجديدة في المحافظة التي يتلقى فيها المريض العلاج، بحسبه.

وعن أعداد الإصابات الجديدة في العراق، كشف أحمد أن البلاد سجلت 38 ألفا و70 إصابة جديدة في عام 2022، وهو ما يعادل 92.5 لكل 100 ألف نسمة، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن عدد سكان البلاد يناهز 45 مليون نسمة وفق وزارة التخطيط، مبينا أن معدل الإصابات الجديدة في البلاد يعد الأقل من بين الدول الإقليمية، وفق قوله.

في غضون ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية الدكتور سيف البدر -في تصريح للجزيرة نت- أنه على الرغم من أن محافظة نينوى سجلت أعدادا كبيرة من الإصابات السرطانية الجديدة، فإنه يمكن تبرير ذلك بأن نينوى تعد ثانية كبريات المحافظات العراقية وتشكل ما نسبته 10% من سكان البلاد.

وبيّن البدر أنه رغم أن أعداد الإصابات في العراق ناهزت 40 ألف إصابة وفق الإحصائية الأخيرة، فإنه يمكن التأكيد أن معدلات الإصابة في البلاد لا تزال أقل مما يتم تسجيله في دول الجوار.

قصور في الخدمات

ويذهب في هذا المنحى الدكتور أحمد الدوبرداني، عضو لجنة الصحة في مجلس محافظة نينوى -المجلس المحلي-، والذي أضاف أن محافظته سجلت أعلى معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق بعد العاصمة بغداد.

وعن أسباب ازدياد أعداد مرضى السرطان في نينوى، كشف الدوبرداني -للجزيرة نت- أن المحافظة تعرضت لعمليات عسكرية عديدة منذ الغزو الأميركي عام 2003 وما أعقب ذلك من حرب شوارع بين القوات الأمنية وتنظيم القاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي، فإن آثار الحروب وما ينتج عن التفجيرات من مخلفات وغازات وأعباء نفسية تسببت بزيادة أعداد مرضى السرطان في مدينة الموصل ومحافظة نينوى بشكل عام.

وفيما يتعلق بقصور العناية الطبية، بين الدوبرداني -الذي كان يشغل منصب معاون مدير دائرة صحة نينوى- أن الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية أدت لتدمير مستشفى الأورام (حكومي) في مدينة الموصل وتدمير المعمل الخاص بالعلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، وأنه وبعد 7 أعوام على استعادة المحافظة من التنظيم، لم يتم إعادة إعمار المستشفى حتى الآن، وأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “يو إن دي بي” تكفّل بإعادة المستشفى مع وجود تلكؤ في العمل، بحسبه.

في غضون ذلك، يقول رئيس لجنة الصحة والبيئة بالبرلمان العراقي ماجد شنكالي -في حديث حصري للجزيرة نت- إن محافظة نينوى تفتقر منذ نحو 10 سنوات لمراكز علاج السرطان بالإشعاع بسبب الحرب التي أدت لتدمير مستشفى الأورام، وهو ما يضطر المرضى في نينوى للذهاب إلى محافظات أخرى للعلاج، بما يتسبب بكثير من الصعوبات والمعاناة والتكاليف، مبينا أن التدخلات السياسية في المجال الصحي أدت لتأخر العمل في مجال إعادة الإعمار، وفق شنكالي.

صورة حصرية مرسلة من قبله - سيف البدر المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية

الضمان الصحي

وفيما يتعلق بالوضع المستقبلي لمرضى السرطان، وبالعودة إلى أحمد الدوبرداني فقد أكد أنه من المؤمل إعادة افتتاح مستشفى الأورام نهاية العام الجاري مع توفير 3 “معجلات خطية للعلاج بالإشعاع” لمرضى السرطان مع توفير معجلين آخرين في مستشفى البحوث التخصصي في مدينة الموصل.

أما عن الأدوية السرطانية، فيؤكد شنكالي أن وزارة الصحة وفرت نحو 97% من الأدوية العادية غير المختصة بالسرطان، مبينا أن بعض أدوية العلاج الإشعاعي للسرطان تكلف الدولة آلاف الدولارات، وهو ما يؤدي إلى قصور الدولة عن استيراد بعض الأدوية السرطانية، مؤكدا أن حل هذه المشكلة يتمثل بتحديث النظام الصحي وتأسيس شركات التأمين الصحية مع تفعيل التأمين الصحي الشامل، بحسبه.

وللخروج من الوضع الصحي في مختلف المحافظات ومنها نينوى، يتحدث شنكالي عن أنه لا سبيل لتطوير القطاع الصحي إلا من خلال التفعيل الكامل لبرنامج الضمان الصحي الذي بدأ العمل به جزئيا في العاصمة بغداد فقط وبنسبة محدودة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث يشمل الضمان الآن نحو مليون عراقي ببغداد كخطوة أولية.

وعن علاقة الضمان الصحي بمرضى السرطان، بيّن شنكالي أن علاجات أمراض السرطان الإشعاعية والكيميائية تكلف الخزينة العامة للبلاد مبالغ طائلة جدا، وبالتالي، فإن الضمان الصحي سيضمن دخول القطاع الخاص في هذا الجانب، فضلا عن إسهام تفعيل الضمان الصحي في إنهاء التدخلات السياسية في مجال الرعاية الصحية والمشاريع، وفق قوله.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *