يجذب قطاع الموضة العديد من المشاهير من مختلف مجالات الفن والترفيه، خاصةً مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي التي تُعد أداة فعالة في الخطط التسويقية للعلامات التجارية الخاصة بالنجوم.
وقد شهد دخول بعض المشاهير هذا المجال نجاحات كبيرة مكنتهم من تحقيق ثروات طائلة، مثل الإنجليزية فيكتوريا بيكهام التي لم تكتفِ بنجاحها مع فرقة “سبايس جيرلز” الشهيرة منتصف التسعينيات، بل أصبحت أيضًا من رواد الموضة الحديثة.
ومع ذلك، لم يحقق جميع النجوم الشعبية أنفسهم في ساحة الأزياء. فمثلاً، النجمة الأميركية جينيفر لوبيز، التي تُعتبر واحدة من أبرز أيقونات الموضة في العصر الحديث، لم تتمكن من تحقيق النجاح ذاته عند تأسيس علامتها التجارية عام 2003.
في السطور التالية، سنستعرض رحلات بعض مشاهير الفن في عالم الموضة، حيث كان النجاح حليف بعضهم أحيانًا، بينما واجه آخرون الفشل في محاولاتهم.
من المسرح إلى عالم الموضة
بعد توقف نشاطات فرقة “سبايس جيرلز” الغنائية وجهت النجمة الإنجليزية فيكتوريا بيكهام أنظارها نحو قطاع الموضة، مدفوعةً بشغفها الكبير في هذا المجال وحلمها بترك بصمتها الفريدة على ساحة الأزياء العالمية، وقامت بتأسيس علامة أزياء تحمل اسمها عام 2008.
وجاءت فكرتها لتجمع بين الأناقة العصرية والعملية، وهو ما كان يفتقده السوق العالمي في تلك الحقبة التي اتسمت بالمبالغة. ونجحت بيكهام في مهمتها وأصبحت واحدة من رواد الموضة على مدار السنوات، حيث اقتحمت منصات الأزياء العالمية من العاصمة لندن إلى عاصمة الموضة باريس.
ومنذ عام 2022، أصبحت علامة بيكهام جزءًا من أسبوع الموضة في باريس للأزياء الجاهزة، وهو ما ساعد على تعزيز مكانتها في صناعة الأزياء العالمية.
والعام نفسه، حققت العلامة ارتفاعًا كبيرًا في مبيعاتها بنسبة 43%، مما أدى إلى تجاوز الأرباح 58 مليون جنيه إسترليني، وفق موقعي “فاشن يونايتد” و”ذا إنداستري.فاشن” (TheIndustry.fashion) (FashionUnited) الأرقام تعكس النمو الملحوظ الذي شهدته العلامة التجارية بمرور المواسم، وذلك بفضل إستراتيجيات التسويق والتوسع الناجحة.
بصمة ويست بقطاع الموضة
وضع مغني الراب الأميركي كايني ويست بصمته العصرية على قطاع الأزياء، مستلهماً من شغفه القديم بالموضة. وهو أيضاً كان وراء تغيير أسلوب أزياء زوجته السابقة كيم كاردشيان نجمة تلفزيون الواقع ورائدة الأعمال وأيقونة الموضة، حسب تصريحاتها عند استلامها إحدى الجوائز.
وبدأ ويست، الذي يبلغ من العمر الآن 47 عامًا، خطواته الفعلية في عالم الموضة بالتعاون مع العلامة الرياضية الأميركية “نايكي” عام 2008. إلا أن الانطلاقة الأقوى كانت مع شركة “أديداس” الألمانية عام 2015، عندما تعاقد معها لتصميم خط أحذية يحمل اسم “يزي”. وهذه الخطوة تميزت بتصاميم فريدة وإبداعية ساهمت في تحقيق أرباح وصلت إلى 1.7 مليار دولار أميركي بحلول عام 2021، مما جعل أحذية “يزي” علامة مميزة للإطلالات الشبابية.
وبالرغم من النجاح الكبير، قررت “أديداس” فسخ عقدها مع ويست في الربع الأخير من 2022 بسبب تصريحاته التي وصفت بمعاداة السامية، مما أدى إلى خسارته مليار دولار من رصيده البنكي، بينما خسرت “أديداس” 250 مليون يورو من صافي أرباحها حيث كانت تشكل هذه الأحذية حوالي 12% من إجمالي مبيعات العلامة.
وبناءً على تصريحاته المثيرة للجدل، أنهت علامة الأزياء “جاب” شراكتها مع ويست بعد عامين فقط، بالرغم من أن الشراكة كانت تضمن مبيعات تقدر بمليار دولار سنويًا.
وعلى صعيد آخر، يمتلك ويست علامة أزياء مستقلة تحمل اسم “يزي” أيضًا، وتشتهر بملابس أسلوب الشارع. وعلى الرغم من تقديمه عروضًا على هامش أسبوع الموضة في باريس، لم تحقق هذه العلامة النجاح الذي حققته تعاونه مع الشركات الأخرى، بسبب الانتقادات التي طالت تصميماتها ووصفت بالجريئة وغير المألوفة، وأيضًا لارتفاع أسعارها مقارنة بجودة التصنيع وتوافرها المحدود.
وليامز أيقونة عالم المجوهرات
المغني الأميركي فاريل وليامز لديه سجل حافل من مجالات التعاون في عالم الأزياء والمجوهرات. وقد شارك مع علامة أديداس في تصميم تشكيلة من الأحذية الرياضية، وعمل مع مونكلير الإيطالية في تصميم تشكيلة نظارات شمسية. أيضًا، قام بتعاون مع دار شانيل الفرنسي في تصميم قطع ملابس جاهزة وإكسسوارات ضمن تشكيلة خريف/شتاء 2019/2020 التي كانت أول تشكيلة للدار بعد وفاة كارل لاغيرفيلد المدير الإبداعي السابق.
وتعاون وليامز أيضًا مع دار مجوهرات تيفاني أند كو في تصميم نظارة شمسية مرصعة بالألماس عام 2022، ولكنه تعرض لانتقادات بسبب تشابه التصميم بنظارات من الإمبراطورية المغولية التي تم بيعها في مزاد.
وبفضل مجالات التعاون تلك، نجح وليامز في الوصول إلى منصب لم يسبق لأي فنان أن وصل إليه في عالم الموضة، حيث تم تعيينه مديرا إبداعيا لخط الأزياء الرجالية لدار لويس فيتون الفرنسية العام الماضي، خلفًا للراحل فيرجل أبلوه. وتميزت عروضه بالإقبال الكبير من قبل المشاهير العالميين الذين حرصوا على حضورها، وأول عرض له مع الدار حصد أكثر من مليار مشاهدة.
ومع ذلك، تعرضت تصميماته لانتقادات واسعة من قبل خبراء الموضة بسبب عدم التزامه بتراث الدار التي تأسست عام 1854. وكان نقد الخبراء موجهاً نحو تصميماته التي لم تظهر الابتكار المتوقع، كمثال على ذلك القبعة الريفية التي ظهرت بشكل بارز في تشكيلته لموسم خريف/شتاء 2024، والتي أصبحت منتشرة بالثقافة الأميركية.
أيقونات الموضة عندما لا يحالفهن الحظ
بعض النجمات الشهيرات يتميزن بأسلوب فريد في اختيار إطلالاتهن، وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن تأسيسهن لعلامات أزياء سيضمن لهن نجاحات كبيرة، إلا أن هذا لم يحدث مع بعضهن. وعلى سبيل المثال، جنيفير لوبيز، إحدى أبرز أيقونات الموضة عالميًا، لم تتمكن من تحقيق النجاح المطلوب لعلامتها “سويت فيس” التي أسستها عام 2001 بالتعاون مع المصمم الفرنسي كريستيان أديغير. وكانت تصاميمها جريئة للغاية وغالبًا ما كانت تناسب العروض المسرحية أكثر من الحياة اليومية، مما أدى في النهاية إلى مشاكل مالية كبيرة وإغلاق العلامة عام 2009.
ومن جهتها تعاونت مادونا مع ابنتها عارضة الأزياء لورديس ليون في إطلاق علامة الأزياء “ماتريل جيرل” عام 2020، والتي تستلهم اسمها من إحدى أشهر أغاني مادونا. وتعرضت تصميمات العلامة لانتقادات بسبب عدم ملاءمتها للفترة الزمنية الحالية، خاصة أنها كانت موجهة بشكل أساسي إلى الشباب.