موضوع عائلي 3.. عندما يتحول النجاح إلى فوضى درامية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

هل يمكن أن يتحول النجاح الكبير إلى ظلم وضغط على العمل الفني؟ بالنظر إلى عدد كبير من الأفلام والمسلسلات التي تحولت إلى سلاسل سينمائية أو مسلسلات تلفزيونية متعددة الأجزاء متواضعة المستوى، فإن الإجابة هي نعم.

مسلسل “موضوع عائلي” من أحدث الأعمال متعددة الأجزاء المعروضة مؤخرًا، فبعد نجاح الموسم الأول، وتحوله إلى ظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح من الطبيعي انتظار موسم ثان، الآن جاري عرض الموسم الثالث.

المسلسل من إخراج أحمد الجندي وتأليفه مع كريم يوسف ومحمد عز الدين، وبطولة ماجد الكدواني ورنا رئيس وطه دسوقي وسماء إبراهيم ومحمد رضوان، وانضم إليهم في الموسم الثاني نور، وفي الموسم الثالث رانيا يوسف.

فوضى بهدف الكوميديا

“موضوع عائلي” بمواسمه الثلاثة مسلسل كوميدي، يدور حول عائلة كبيرة ومترابطة، تتعرض الأسرة في كل جزء إلى حدث كبير وعليها التفاعل معه، تتكون هذه العائلة من إبراهيم (ماجد الكدواني) وابنته سارة (رنا رئيس)، التي عرف بوجودها وهي بالغة للمرة الأولى في الجزء الأول، وأخته زينب (سماء إبراهيم) وعائلتها.

يستخدم المسلسل بعض سمات العائلات الممتدة، أي العائلات التي تتكون من أكثر من جيل وفرع، وتعيش بشكل متقارب، لصنع المفارقات الكوميدية، ويعالج هذا الموسم أزمة جديدة تمر بها العائلة، عندما تقوم عبلة (رانيا يوسف) بالانتقام من إبراهيم الذي تركها بعد علاقة عاطفية قصيرة منذ 26 عاما ليتزوج من غيرها، ويأتي انتقامها بأن تدمر حياته وحياة كل أفراد عائلته.

يتورط إبراهيم في العديد من المشاكل كالمعتاد خلال دفاعه عن عائلته وأمنها الشخصي، مثل موافقته على إحراق فندق ابنته للحصول على أموال التأمين، دون الأخذ في الاعتبار تحقيقات الشرطة وشركة التأمين نفسها، الأمر الذي يغرقه في الورطة تلو الأخرى، منها موت أحد معاوني عبلة في حادثة الحريق، فيتولى إبراهيم مسؤولية ابنة وإبن هذا الرجل.

يغلب على سيناريو “موضوع عائلي” التخبط، والعشوائية في معالجة المعضلات التي يتعرض أفراد العائلة لها، فكل حلقة يقوم فيها الأبطال بأفعال غير منطقية أو متناسبة حتى مع طبيعة شخصياتهم، مثل موافقة إبراهيم على حرق فندق ابنته على سبيل المثال، أو خداعه لزوجته مريم (نور)، والهدف هو المزيد من الكوميديا والضحك.

وتكثر لهذا الهدف الشخصيات الفرعية، والخطوط الدرامية الجانبية، مثل شخصية مسؤول شركة التأمين الذي يتشكك في الحادثة، ويرفض تسليم إبراهيم وعائلته الأموال، أو مثل الطفلين اليتيمين اللذين احتلا وقتا طويلا على الشاشة بلا إضافة حقيقية لسير الأحداث.

أفصحت هذه التفاصيل المتراكمة وغير المتناسقة عن ضعف في جانب الكتابة على وجه الخصوص، نتج عنه عدم قدرة صناع المسلسل على تقديم قصة متماسكة بلا فوضى درامية لا داعي لها.

شخصيات سجينة منصات التواصل الاجتماعي

تحصل المسلسلات والأفلام المتعددة الأجزاء على فرصة كبيرة في تطوير الشخصيات الرئيسية، والسماح لها بالنمو والنضوج، غير أن العكس هو ما حدث في مسلسل “موضوع عائلي” وفي ذلك يتشابه مع مسلسل “الكبير أوي” وكلاهما لنفس المخرج، أحمد الجندي، فالشخصيات التي وُلدت بسمات معينة، أسهمت في نجاحها بالمقام الأول يتم حصرها وحبسها في تفاصيل بسيطة هي التي أحدثت رد فعل قويا مع المشاهدين على التواصل الاجتماعي.

لتصبح توقعات المتفرجين ومستخدمي الإنترنت سجنا لهذه الشخصيات، فقد عانت شخصية زينب على وجه الخصوص من هذا التنميط الشديد الذي أهدر قدرات الممثلة الأدائية، وقد انتشرت مقاطع من بكائيات أخت إبراهيم لحساسيتها الشديدة، فتحولت كل مشاهدها في الجزأين الثاني والثالث إلى هذا النمط، دون أي خطوة حقيقية للأمام حتى بعدما تحولت إلى جدة.

على عكس أداء سماء إبراهيم في أعمال أخرى أظهرت فيها قدرة على تقديم جوانب مختلفة ومعقدة من شخصيات تبدو بسيطة، كما حدث في فيلم “البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو” الذي قدمت فيه دور أُم قوية الشخصية تحملت مسؤولية ابنها لغياب الأب، وفي الوقت ذاته شديدة الحنان عليه وعلى كلبه.

عانت باقي الشخصيات من نفس الأزمة، فحتى مرور عدد معقول من السنوات، أو خوض تجارب شخصية، مثل الزواج والإنجاب، والعمل في مجالات مختلفة لم يسهم في نضج أي شخصية تقريبا على مدار الأجزاء الثلاثة، وتحولت الشخصيات إلى كاريكاتير أو ملخص لأهم سماتها، فمريم على سبيل المثال زوجة إبراهيم امرأة صريحة لحد قلة الذوق، وسارة الفتاة التي تربت خارج مصر، وبالتالي تعاني من أزمة ثقافية في تفهم بعض الكلمات العامية.

الأمر الذي لم يتغير رغم زواجها من مصري وحياتها في منزل عائلتها متعددة الأفراد، تتشابه في ذلك مع شخصية جوني (أحمد مكي) في مسلسل الكبير أوي، الذي سلبه صناع المسلسل أي فرصة للتطور عندما أصروا على حصره في منطقة نصف المصري نصف الأميركي رغم مرور أكثر من عقد على بقائه في قرية مصرية.

أين الكوميديا؟

انعكس هذا التنميط للشخصيات على الكوميديا بطبيعة الحال، فبينما تتصرف الشخصيات في نفس المواقف بذات الطريقة كل مرة، أصبحت ردود أفعالهم متوقعة للغاية، خصوصا أن تصاعد الموقف لم يقدم أي جديد، بل يمكن افتراض ما سيحدث بسهولة.

ولأن المواقف والحبكة نفسها لا تحمل أي جديد للشخصيات التي لم تتطور من الأساس، فكان السبيل لزيادة الكوميديا يتمثل في المبالغة الشديدة، سواء في قدرات عبلة التي تستطيع شراء كل الذمم والتلاعب بالقانون، وتدمير المسيرة المهنية لكل أفراد العائلة، والمبالغة المضادة في سذاجة العائلة في تفاعلها مع هذه الأزمات.

فكرة مسلسل “موضوع عائلي” ليست مستجدة، وهو أمر لا يعيبه، فكثير من المسلسلات ومنها على سبيل المثال “عائلة عصرية” (Modern Family) و”كامل العدد” استغلت ثيمة العائلات الكبيرة والتي تحدث لها مواقف كوميدية وترصد ردود أفعالها.

غير أن استمرار هذا النوع من المسلسلات يحتاج إلى تجديد وتطوير مستمر، سواء في الحبكات والمواقف أو الشخصيات نفسها، فيصعب أن نجد الشخصية تتصرف بذات الأسلوب في الموسم الأول كما هو في الموسم الأحدث، وهو الأمر الذي يجب أن يضعه صناع “موضوع عائلي” في الاعتبار إن رغبوا في الاستمرار لمواسم جديدة مقبلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *