الدوحة ـ لم تقتصر فعاليات معرض الدوحة الدولي للكتاب على أروقة الأجنحة المليئة بالكتب، بل امتدت لتشمل باقة واسعة من الفعاليات التي تلبي جميع الأذواق وتشعل شغف التعلم لدى مختلف الفئات العمرية.
وفي نسخة هذا العام، يشهد المعرض أكبر مشاركة دولية في تاريخه، حيث يستقطب أكثر من 515 دار نشر من 42 دولة، ويعرض أكثر من 180 ألف عنوان جديد في مجالات المعرفة والعلوم المختلفة.
ومنذ افتتاحه يوم الخميس الماضي، يزخر معرض الدوحة بفعاليات ثقافية وفنية تضيء سماء الإبداع وتعزز من قيمة القراءة والتعلم، كما أن كل فعالية تضيف لبنة في بناء جسور التواصل الثقافي والمعرفي.
فعلى سبيل المثال، يتيح المعرض للزوار فرصة الغوص في رحلة عبر الزمن مع فعاليات تسلط الضوء على تاريخ القضاء في قطر، بدءا من المحاكم الشرعية والعدلية وصولا إلى تأسيس المجلس الأعلى للقضاء عام 2003.
كما يمكن للزوار استكشاف “متحف القضاء” الذي يعرض قطعا أثرية نادرة مثل أول مطرقة استخدمت في المحاكم ومفاتيح السجون القديمة، بالإضافة إلى وثائق تاريخية تجسد مسيرة القضاء في قطر.
تجربة مسرحية ثرية
ويعد “ملتقى الأدباء” وجهة مثالية لمحبي الأدب، حيث يُتيح لهم فرصة حضور حوارات ونقاشات مع كبار الكتّاب والشعراء من مختلف الدول العربية.
كما استحوذت النقاشات حول مستقبل التعليم في الوطن العربي على جانب كبير من فعاليات معرض الدوحة للكتاب، حيث يشارك نخبة من الخبراء في مجال التعليم في نقاش حول مستقبل التعليم في البلدان العربية، ومناقشة التحديات التي تواجه التعليم والحلول المُمكنة لتطويره.
ويتيح معرض الدوحة لرواده فرصة فريدة للاستمتاع بتجربة مسرحية ثرية، حيث تقام على هامشه عروض فنية ومسرحية يقدمها مركز شؤون المسرح.
وفي سماء معرض الدوحة الدولي للكتاب تحلق رومانسية العشق العربي مع عرض مسرحية “جميل وبثينة” لفرقة كركلا اللبنانية العريقة، وهي حكاية حب خالدة تجسدها لوحات فنية متميزة على خشبة المسرح.
وتعد “جميل وبثينة” من أشهر المسرحيات العربية التي تجسد قصة حب أسطورية بين شاعرين من بني عذرة، جميل وبثينة، حيث تواجه علاقتهما العديد من التحديات والعقبات بسبب رفض أهل بثينة زواجهما.
وتقدم فرقة كركلا هذه المسرحية بأسلوب فريد يمزج بين الرقص والغناء والموسيقى، وهو ما يخلق تجربة مسرحية ماتعة تلامس مشاعر الجمهور وتغوص في أعماق قصة الحب الخالدة.
ويُشارك في المسرحية نخبة من ممثلي فرقة كركلا، الذين يجسدون أدوارهم بإتقان ومهارة عالية، وهو ما يضفي على العرض واقعية وتأثيرا عميقا على المشاهدين.
احتفاء بالتراث العربي
وحول عرض مسرحية “جميل وبثينة” يقول الشاعر القطري تيسير عبد الله إن المسرحية التي سيتم عرضها للجمهور في 17 و18 مايو/أيار تعد من أهم الفعاليات الثقافية في معرض الدوحة الدولي للكتاب، حيث تتيح للجمهور فرصة الاستمتاع بتجربة مسرحية متميزة تجسّد قصة حب تخلدها الأجيال.
وأعرب الشاعر القطري، في حديث للجزيرة نت، عن سعادته بتقديم هذا العمل المسرحي الضخم الذي يستعرض قصة حب “جميل وبثينة” التي تعد من أعمال الأدب العربي العميقة.
وأكد عبد الله أيضا على أهمية العرض المسرحي “جميل وبثينة” في الدخول إلى عمق التراث العربي، معتبرا هذا العمل فرصة لإحياء قصة حب “جميل وبثينة”، التي تعد من أشهر القصص الرومانسية في الأدب العربي، وتبعث برسالة قوية حول أهمية الحب والسلام في تجاوز الصراعات والحروب.
وأوضح أن القصة تستند إلى حقبة تاريخية قديمة تعود إلى العصور الوسطى، وتحكي قصة حب بين جميل بن معمر وبثينة بنت الأرملة، وكيف تغلبا على العوائق والمصاعب ليعيشا قصة حب قوية ومثيرة، لافتا إلى أن العرض المسرحي يتناول هذه القصة الكلاسيكية بطريقة مبتكرة وحديثة، مع إضافة عناصر مسرحية ورقصات مبهرة.
وأضاف أن المسرحية تبعث رسالة بأن الحب يمكنه التغلب على الصعوبات والتحديات، وأنه يجب أن يكون هناك تفاهم وسلام بين الأفراد والثقافات المختلفة.
وأشار عبد الله أيضا إلى أن العمل سيشهد للمرة الأولى مشاركة اثنين من الفنانين القطريين وهما مشعل الدوسري وخالد ربيعة اللذين تمت إضافتهما إلى التشكيلة الفنية للعمل الذي سيقدم نسخة خاصة ومطورة.
جانب من افتتاح “معرض اقرأ” الذي يشارك به جناح مركز قطر للتصوير ضمن فعاليات #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب33 #بالمعرفة_تُبنى_الحضارات#وزارة_الثقافة pic.twitter.com/XmGgV0vF1i
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 9, 2024
رحلة بين الكلمات والصور
وفي رحاب معرض الدوحة الدولي للكتاب، يفتح جناح مركز قطر للتصوير أبوابه لجمهور من محبي الكتب والأدب، ليقدم لهم تجربة فريدة من نوعها تحت عنوان “اقرأ”.
ويعد هذا المعرض بمثابة رحلة ساحرة بين الكلمات والصور، حيث يجسد مبدعون من خلال عدساتهم حكايات من الكتب، وينقلون مشاعر القراء إلى لوحات فنية مبهرة، وتجسد الصور المعروضة روح الكتب وأفكارها، وتلامس مشاعر القراء وتثير خيالهم.
ولا تقتصر روعة المعرض على جمالية الصور فحسب، بل تعزز أيضا قيمة القراءة وأهميتها في حياة الناس، من خلال تشجيع الزائرين على اكتشاف سحر القراءة ودورها في تنمية المعرفة والمهارات الإبداعية.
ويقدم مركز قطر للتصوير من خلال هذا المعرض رسالة قوية تؤكد على أهمية القراءة كوسيلة أساسية للتعلم والتطور الشخصي.
وفي هذا الصدد يؤكد مدير مركز التصوير في قطر عبد الله المصلح أن معرض “اقرأ” يعد فرصة رائعة لعشاق الكتب والأدب للاستمتاعِ بتجربة ثقافية مثيرة، واكتشاف إبداع مصورين وفنانين قطريين موهوبين. كما يمثل المعرض دعوة مفتوحة للجميع لتعزيز ثقافة القراءة ونشر المعرفة في المجتمع.
ويقول المصلح، في حديث للجزيرة نت، إن معرض الصور الفوتوغرافية في معرض الدوحة للكتاب يهدف إلى نقل رسالة عبر الصور وإيصال القصة والفكرة والموضوع عن طريق العدسة الفوتوغرافية، مشيرا إلى أن المشاركة في المعرض تأتي ضمن اهتمام وزارة الثقافة بالجانب الفني والثقافي، وقد تم اقتراح مشاركة الصور التي تعبر عن القراءة من مختلف بلدان العالم.
وأوضح أن معرض الصور الفوتوغرافية يتضمن أيضا صورا تجسد ثقافة قطر وتاريخها، وهو ما يتيح للزوار فرصة التعرف على معالم قطر وتراثها الغني.
ورشة “مصورو المستقبل” تقدمها المدربة ريم البدر ضمن الفعاليات المصاحبة لـ #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب33، وتهدف إلى تعليم أساسيات التصوير ونشر ثقافة العلم وثقافة اقرأ بصورة أجمل.#بالمعرفة_تُبنى_الحضارات#وزارة_الثقافة pic.twitter.com/13mbpS3nRF
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 11, 2024
مسابقة اقرأ
وأشار رئيس مركز قطر للتصوير إلى أنه تم تنظيم مسابقة بعنوان “اقرأ” بالتزامن مع المعرض، وتوسعت الجائزة لتشمل دول الخليج هذا العام، وتعتبر الشعارات المستخدمة في المعرض ومسابقة “اقرأ” دعوة للتشجيع والقراءة والمتابعة.
كما تعد المحاضرات أيضا جزءا مهما من برنامج معرض الدوحة للكتاب، حيث يلقي عدد من الخبراء والمتخصصين محاضرات حول مواضيع مختلفة تهم الجمهور، يتناول هؤلاء الخبراء مواضيع مثل كتابة الرواية وتاريخ الإسلام والفنون العربية، وهو ما يوفر فرصة للزوار للتعرف على جوانب جديدة من المعرفة والثقافة.
تعرّفوا على خدمة “مرشد القراءة” التي يُقدمها #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب33 لزواره. #بالمعرفة_تُبنى_الحضارات #وزارة_الثقاقة pic.twitter.com/c5CbNGkyyM
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 7, 2024
ولا يقتصر المعرض على الفعاليات الفكرية فحسب، بل يشمل أيضا ورش عمل تفاعلية في مجالات متنوعة مثل الكتابة الإبداعية والتصوير الفوتوغرافي والخط العربي، وتوفر هذه الورش الفرصة للمشاركين لاكتشاف مواهبهم وتنمية مهاراتهم في مجالات مختلفة من الفن والثقافة.
إضافة إلى ذلك، يولي المعرض اهتماما خاصا للأطفال، حيث يخصص مساحة كبيرة للفعاليات الموجهة لهم. تشمل هذه الفعاليات عروض مسرح الدمى وورش العمل الإبداعية والقراءة الجماعية والأنشطة التفاعلية التي تهدف إلى تشجيع حب القراءة وتنمية مهارات الأطفال اللغوية.
كما تشتمل الفعاليات المميزة التي تستهدف الأطفال، عروضا مسرحية مثل “زين وشين” وهو عرض هزلي للتوعية بالأخلاق البيئة، و”صندوق العجائب” الترفيهي، بالإضافة إلى تعريف الأطفال بشخصيات بارزة من العلماء المسلمين.