في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضور

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

الدوحة- دخان المعارك، وأصوات المدافع هيمنت على المشهد السوداني، لكنها لم تنفرد به، فما زال أهل السودان يكتبون، وينشرون، آملين أن يكون هذا الفعل سببا في تغيير المشهد. في معرض الدوحة للكتاب حضور سوداني بين ناشر وزائر يحاول رسم مشهد آخر.

ضعيفة لكن مهمة

في الصالة رقم واحد، غير بعيد من مدخلها يجد زائر معرض الدوحة 3 دور سودانية (دار عزة للنشر والتوزيع، دار المصورات، وشركة المتوكل للنشر والتوزيع) وتنشط دار رابعة (دار المناهج) في كتب الأطفال. تستوقف العناوين عددا من الزوار على اختلاف جنسياتهم، واهتماماتهم، لكن فعلها في العمائم البيضاء أكثر وضوحا.

الجزيرة نت سألت نور الهدى محمد (مدير دار عزة) عن المشاركة السودانية، وعن مشاركتهم بشكل خاص فأجاب “المشاركة السودانية في هذه الدورة ضعيفة، ويمكن وصفها بالأضعف، والأسباب معلومة” لكن نور الهدى يصف هذه المشاركة بالمهمة والضرورية، حتى لو اتخذت شكل التمثيل فقط. محمد الفاتح الحسن (دار المناهج) يشارك نور الهدى الرأي في كون المشاركة هذا العام هي الأضعف، وروى لنا بعض الصعاب التي واجهته، لكنه كان مصرا على تجاوزها لسببين “لدينا جالية كبيرة في قطر تنتظرنا كل عام ولا نريد أن نخلف وعدنا، كما أننا نحب أن يكون السودان ممثلا من هذا العرس الثقافي”. بعض أبناء الجالية ممن زاروا المعرض عبروا عن امتنانهم لهذه الدور، ومقاومتها الواقع الصعب، والظروف المعقدة.

 صعوبات متنوعة

المصاعب التي تواجه دور النشر السودانية مشتركة في غالبها، مع بعض القصص الخاصة لكل دار، فالحرب الدائرة بالبلاد شلت عموم الحياة السودانية، وأفقدت أغلب الدور مكاتبها ومستودعات كتبها، وقال خالد عباس، أحد المشاركين في معرض الدوحة للكتاب ممثلا لدار المصورات، “فقدنا المكتب والمخزن، آلاف النسخ لم يعد الوصول إليها ممكنا والخسائر المالية ضخمة” وأضاف خالد “ما أقوله عن دار المصورات تعيشه أغلب الدور إن لم يكن كلها”. (وكانت الجزيرة نت قد استعرضت في تقرير سابق ما تواجهه دور النشر السودانية في ظل الحرب)، أما الاختلاف في المعاناة، فترسم ملامحه الطريقة التي اختارها كل ناشر لحياة ما بعد الحرب، سكنا، وبلاد طباعة لكتبه، وغير ذلك الكثير.

هذا الوضع الداخلي المعقد جعل بعض الدور ترى في المعارض الخارجية طوقا لنجاتها، فالسوداني على امتداد رقعة الحرب نازح أو لاجئ أو مقهور لا يملك أمر نفسه، وحتى الذين لم تصل الحرب ديارهم، تلظوا بنارها بين مستضيف لنازح أو عاطل عن العمل مع توقف الإنتاج وانهيار الاقتصاد. لكن هل المعارض الخارجية صارت قادرة على لعب هذا الدور؟ وكيف الوصول إليها.

خالد المصورات

مطارات ومعارض

تحتاج أن تسأل كل ناشر سوداني من أين أتى؟ وكيف؟ فما عادوا ينطلقون من مطار الخرطوم بعدما قذفت الحرب بالسودانيين في كل اتجاه، خالد عباس شارك في معرض مسقط، واضطر أن يمكث فيها إلى أن حان موعد معرض أبوظبي، ثم معرض الدوحة، وبعده سيعود رفقة محمد الفاتح (دار المناهج) بعد ذلك إلى بورتسودان بعد أشهر من الغياب عن العائلة، سألنا خالد عن سبب ذلك “زملاؤنا من البلدان الأخرى، يعودون إلى أسرهم، لكننا لا نستطيع فأسعار التذاكر من مطار بورتسودان غالية جدا لا تسمح بالسفر منه وإليه لكل معرض من هذه المعارض” وعلى تجربة خالد يمكنك قياس تجارب القادمين من السودان، أما الذين استقروا في بلدان أخرى، فتلك قصة مختلفة الفصول، وغالبا ما يكون الناشر في بلاد، والمستودع في أخرى، مصاعب التنقل من مطار إلى آخر تؤثر على العناوين التي تشارك بها هذه الدور، فبعضهم لا يستطيع التزود بما يكفي المحطة التالية، يصاحب ذلك زيادة في قيمة الشحن.

ولئن تيسر قدوم ممثلي هذه الدور، فإن ناشرين آخرين غابوا عن المعرض لأنهم لا يقيمون بشكل دائم في الدول التي هم فيها الآن، مع تعذر نيل التأشيرة مرة أخرى، مما يجعل المشاركة مغامرة غير مأمونة العواقب.

الجاليات، ومعارض الكتاب

يشد المتغرب ما يذكره بوطنه، فكيف إذا كان الوطن أرض حرب وقتال، إبراهيم خضر أحد أبناء الجالية السودانية في الدوحة، اشترى بعض المنشورات السودانية، وديوانا لشاعر راحل قال للجزيرة نت “لدي نسخة من هذا الديوان، ولكني اشتريته لأقول لهؤلاء الناشرين: شكرا لقدومكم”.

هذا وكانت رسالة إسفيرية راجت -في مجموعات السودانيين بالدوحة- داعية أعضاء الجالية للتوافد على الدور السودانية ودعمها بالشراء محددة أسماء الدور وأرقام أجنحتها، ومما جاء فيها “نناشد إخوتنا بالدوحة زيارة أجنحة دور النشر السودانية، التي تكبدت المشاق لتكون حاضرة وسط عشرات المكتبات التي تمثل بلدانها، رغما عن الجراحات التي يعاني منها سوداننا الحبيب”. وتصف الرسالة زيارة الجالية الدور السودانية بأنه تشريف ورفع للروح المعنوية للناشرين المشاركين.

والناشرون يرون في زيارة دورهم سببا للسعادة، حتى لو لم تصحبها عمليات شراء، ويرى خالد عباس أن الإقبال معقول، رغم كونه أقل من الأعوام الماضية، في حين يعلل نور الهدى محمد تدني القوة الشرائية بالقول “جمهورنا الرئيس الجالية السودانية، وما عاد أفرادها كالسابق، فمسؤولياتهم تضاعفت وزادت الأسر التي يعولونها”.

بعض أفراد الجالية السودانية في دار عزة

مسير حتمي

رغم كل ما سبق ما زال فعل الكتابة مستمرا، والنشر والقراءة، وقد شهد المعرض جلسات توقيع لعدد من الكتاب السودانيين، كما قدمت هذه الدور عناوين جديدة، أحد الكتاب السودانيين والذي آثر ألا يذكر اسمه قال للجزيرة نت “رغم سوداوية المشهد، فإننا نقول هذا زمن الكتابة” ويضيف “الذي يعتري السودان حافز لبث الوعي والمعرفة” ذاكرا للجزيرة نت إدراكه لأوضاع الناشر السوداني، وأنه بشكل شخصي تنازل عن كل حقوقه، فمن المخجل أن تطالب بحقوقك ناشرا قام بالكثير لكي يصل.

يقول نور الهدى محمد في اليوم الأخير للمعرض “أنا سعيد بمشاركتي في هذا المعرض، رفقة زملائي، وأن اسم السودان ظل حاضرا، رغم كل شيء”، في حين يرى محمد الفاتح الحسن أن مطبوعاته لأطفال السودان ترسخ ملامح هويتهم.

وودع زائر لدار المصورات، خالد قائلا “حملتم لنا الخرطوم في أغلفة كتبكم” فمتى تستقبل الخرطوم أهلها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *