ودعت الساحة الفنية الأميركية أحد أبرز نجومها برحيل الممثل الكوميدي ريتشارد لويس -عن عمر يناهز 76 عامًا، مساء أمس الأربعاء- بمنزله في لوس أنجلوس، إثر إصابته بأزمة قلبية.
واشتهر لويس بدوره في المسلسل الكوميدي الساخر “اكبح حماسك” (Curb Your Enthusiasm) بعدما بدأ مسيرته الفنية في السبعينيات والثمانينيات، محققًا شهرة واسعة بفضل حسه الفكاهي المميز واللاذع، والذي استثمره ببراعة في مجال التمثيل.
مرض وعزلة
أسرة الممثل الراحل وصفت وفاته في بيانها بأنها كانت “هادئة، حيث صعدت روحه بسلام في منزله بعد أزمة قلبية”. وأضافت “زوجته جويس لابينسكي تشكر الجميع على مودتهم ودعمهم، وتطلب الخصوصية في هذا الوقت العصيب”.
من جانبه، أعرب متحدث باسم منصة “إتش بي أو” الترفيهية التي عُرض فيها مسلسل “اكبح حماسك” عن حزنه العميق لفقدان لويس، بالقول “تألقه الكوميدي وذكاؤه وموهبته كانت لا مثيل لها” وأنه “سيبقى دومًا عضوًا عزيزًا في الشبكة”.
وكان لويس أعلن في أبريل/نيسان 2023 تشخيص إصابته بمرض باركنسون (الشلل الرعاش) بعد أن تعامل مع المرض بصمت منذ العام 2021، مما أدى لاعتزاله الحياة الفنية تدريجيًا.
وكانت للفنان الراحل مساهمات بارزة، واعتبر واحدا من أركان النهضة الكوميدية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث اشتهر بروح الدعابة التي تميزت بالسخرية من نفسه في عدد كبير من العروض الارتجالية والأدوار التلفزيونية والسينمائية.
كما حظي بشهرة واسعة في مسلسل “اكبح حماسك” على مدار 20 عامًا، حيث ظهر في أكثر من 40 حلقة.
في حديثه لصحيفة “نيويورك أوبزيرفر” عام 2007، قال لويس “أنا رجل مجنون للغاية ومهووس بمسلسل (اكبح حماسك) لكني أيضا متأثر بشدة بالوقت الذي قضيته على خشبة المسرح، حيث كان رأسي مليء بالأفكار”.
مسيرة غنية
وشهدت مسيرة لويس التمثيلية ظهوره في العديد من البرامج والأفلام الناجحة، منها “أي شيء إلا الحب” (Anything But Love) مع جيمي لي كيرتس، و”الجنة السابعة” (7th Heaven)، و”الصحوة الوقحة” (Rude Awakening)، و”فارس بوجاك” (Bojack Horseman)، و”كلام بلانت” (Blunt Talk)، بالإضافة إلى أفلام مثل “روبين هود: رجال في الجوارب” (Robin Hood: Men in Tights) و”الخروج من لاس فيغاس” (Leaving Las Vegas).
وفي حواره مع “شيكاغو تريبيون” كشف لويس عن استمراره في العمل رغم المعاناة من آلام الظهر وإجراء عمليتين جراحيتين، مؤكدًا تعلقه الشديد بـ”اكبح حماسك” وفريق العمل. كما كان صريحًا بشأن معركته الخاصة مع إدمان المخدرات والخمر، حيث أشار إلى تعافيه ومعاناته من الاكتئاب والقلق، وقال لويس -الذي كان في السابق مدمنا للكوكايين والكريستال ميث- مشيراً إلى أن وفاة الممثل جون كاندي عام 1994 عن عمر 43 عاما بسبب الإدمان على المخدرات، ألهمته جزئيًا بقراره بالاستيقاظ.
وعام 2021، عند عودته إلى “اكبح حماسك” بعد صراعات صحية مختلفة، قال لويس لمجلة “فارايتي” إنه كرس حياته للكوميديا “على مدار 27 عامًا تقريبًا. لم أتعلم أبدًا كيفية الحفاظ على الفرح في رأسي لأكثر من دقيقة، لكنني وهبت ما بقي من حياتي للفرح”.
واشتهر لويس بسخريته القاسية من شخصيته ومظهره وروتينه العام، واصفًا نفسه بـ”أمير الألم”.
وفي مذكراته “الكساد الكبير الآخر” أعرب عن شعوره بالرضا عن حياته، متحدثًا عن معاناته من بعض الأوقات الصعبة التي تركت أثرًا في حياته، وقال لصحيفة “واشنطن بوست” عام 2020 “أنا لست رجلًا سعيدًا للغاية. أنا سعيد لأنني على قيد الحياة، وممتن لمن هم في حياتي. لدي أصدقاء رائعون، وزوجة عظيمة، وكلب، ولدي مسيرة مهنية رائعة. لكن، هناك جزء مني لن يكون دائمًا سعيدًا تمامًا. وأعتقد أن هذا له علاقة كبيرة بطفولتي”.
وولد ريتشارد فيليب لويس في نيويورك، ونشأ في نيو جيرسي، ثم بدأ مسيرته الفنية بكتابة النكت والمشاركة في العروض الكوميدية المسرحية في نيويورك منذ عام 1971، مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا ثريًا ومؤثرًا.